اتفاق وقف الحرب بين "حماس" ودولة الاحتلال في غزة رغم الترحيب به من جانب أهالى القطاع إلا أنه يمثل كارثة على المليشيات المسلحة التى تعاونت مع الجيش الصهيونى ضد القلسطينيين أثناء حرب الإبادة خاصة أن جيش الصهاينة رفض حمايتهم وإدخالهم إلى غلاف غزة حتى ينجو من مصيرهم المحتوم فى حين أمهلتهم حركة حماس 10 أيام لتسليم أنفسهم
يشار إلى أن هناك نحو ثلاث ميليشيات مسلحة في غزة ساهم فى تشكيلها جيش الاحتلال : الأولى : موجودة في شرق مدينة رفح ويقودها ياسر أبو شباب، والثانية في شرق خان يونس ويترأسها حسام الأسطل، والثالثة في شرق مدينة غزة وزعيمها رامي حلس، وهذه المجموعات توجد في مناطق يسيطر عليها جيش الاحتلال ، وتعمل تحت حمايته.
كانت هذه المليشيات قد أقامت مناطق إنسانية في مواقع دمرها جيش الاحتلال ، ودعت العائلات إلى دخولها بعد فحص أمني، واستجاب لهذه الميليشيات عدد قليل من سكان غزة. وبعد وصولهم تلك المناطق يخضعونهم لتدريبات على السلاح ليوجهوا فوهات بنادقهم صوب "حماس".
وتعمل هذه التشكيلات المسلحة بالتنسيق بين بعضها وهناك خط اتصال دائم مع قائد "القوات الشعبية" وهي الميليشيات التي يديرها أبو شباب، وتسعى إلى إنهاء حكم "حماس" والسيطرة على سدة الحكم في غزة بالتعاون مع دولة الاحتلال.
بنيامين نتنياهو
فى هذا السياق اعترف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال بنفسه أن حكومته تقف خلف إنشاء تلك الميليشيات في غزة. وقال نتنياهو في يونيو الماضي : نعمل على تسليح عشائر فلسطينية معارضة لـ'حماس' في غزة، نسعى لتقسيم القطاع إلى مناطق قبلية بما يفضي في النهاية إلى إيجاد بديل محلي لـ'حماس'
تبني دولة الاحتلال العلني لهذه الميليشيات وارتباط كوادرها مباشرة بأجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية، جعلها منبوذة داخل المجتمع الفلسطيني. لأنها متهمة بالعمالة، وهي تهمة فاضحة في قطاع غزة، وكل من يسلك طريقها، عقوبته بحسب "القانون الثوري" هي الإعدام.
وصمة عار
حول هذه الأزمة قالت الباحثة في علم الاجتماع ثريا زهري، إن هذه التشكيلات الإجرامية الموالية للصهاينة فتحت جبهة داخلية استنزفت قدرات الفصائل، وأسهمت في تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وغذت الانقسامات العشائرية، وتحولت إلى أدوات استخبارية، ونهبت المساعدات، وزودت الاحتلال بمعلومات دقيقة تقلل من خسائر جيشه، معتبرة هذه المليشيات بؤرة فساد يجب إقصاؤها، لأن وجودها خطر مدمر على السكان.
وأكدت ثريا زهري فى تصريحات صحفية ان مصير الميليشيات ينتهي دائماً بالفشل لأن الوعي الشعبي الفلسطيني يدرك خطورتها مشيرة إلى أن البنية العشائرية تعد التعاون مع الاحتلال وصمة عار لا تمحى، مما يجعل من الصعب على أي زعامات بديلة إثبات شرعيتها، خاصة أنه لا حاضنة شعبية لها، وسرعان ما ينتهي أصحاب العصابات إلى العزلة أو التصفية مع أول مواجهة جدية مع المجتمع والحكومة.
سيطرة حماس
بمجرد انسحاب جيش الاحتلال إلى الخط الأصفر الوارد في خطة ترامب للسلام، وجهت وزارة الداخلية في غزة عناصر أجهزتها الأمنية للانتشار في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال لاستعادة النظام ومعالجة مظاهر الفوضى .
من جانبها تبرأت عائلة أبو شباب من أفعال ياسر، ووصفت ما يقوم به بأنه "خيانة للوطن وتعاون مع الاحتلال"، وبعدها أدرجت الأجهزة الأمنية التابعة لـ"حماس" اسمه ضمن قوائم المطلوبين، وأصدرت بحقه أمر اعتقال بتهم التخابر وتشكيل عصابة مسلحة، ومنحته مهلة 10 أيام لتسليم نفسه.
فى المقابل قال ياسر أبو شباب : لست عميلاً ولا رجل عصابات، أنا هدف لـ'حماس' وعلى المجتمع الدولي توفير الحماية لي .
وزعم أبو شباب أن 'حماس' تستغل أي وقف لإطلاق النار للقضاء على أي معارضة .
ندالة الصهاينة
من جهة آخرى رفض جيش الاحتلال توفير الحماية لهذه التشكيلات العميلة بعد انسحابه من أماكن تواجدها أو السماح بدخولها إلى غلاف غزة والمستوطنات لتكون تحت حماية الصهاينة ما أدى إلى نشوب خلاف بين عناصر ميليشيات أبو شباب .
وبحسب المعلومات الواردة فإن عدداً منهم بدأ بالتواصل مع عدد من العائلات ووجهاء العشائر بهدف فتح قنوات اتصال غير مباشرة مع وزارة الداخلية في غزة من أجل تسوية أوضاعهم القانونية والعشائرية وضمان عدم ملاحقتهم ميدانياً في المرحلة المقبلة.
ومنحت الداخلية الأمان لكل من يسلم نفسه قبل انتهاء المهلة الممنوحة لهم، وهددت بتنفيذ حملة أمنية واسعة تستهدف أوكار الميليشيات المسلحة التي اتهمت بالعمالة والإخلال بالأمن الداخلي طوال فترة الحرب.
معسكرات مغلقة
وبحسب هيئة البث الصهيونية الرسمية "كان" فإن دولة الاحتلال تدرس نقل هذه العناصر إلى معسكرات مغلقة داخل منطقة غلاف غزة كإجراء موقت لحمايتهم وضمان السيطرة الأمنية عليهم.
في المقابل، قال المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال آفي بنياهو : الميليشيات المتعاونة في غزة لن يدخلوا إلى دولة الاحتلال ، وعليهم مواجهة مصيرهم وحدهم، قواتنا لم تجبر أحدا على قتال 'حماس' وعليهم تحمل عواقب قراراتهم .
وبالفعل رفض جيش الاحتلال مقترح إنشاء منطقة أمنية للميليشيات المسلحة، وقال قائد المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال الجنرال يارون فينكلمان، إن الخطر الذي قد تشكله هذه العناصر على المستوطنين الصهاينة يفوق أي التزام بحمايتهم. وأضاف أن الاستخبارات العسكرية رصدت مؤشرات عن فرار عدد من عناصر الميليشيات، بعد حصولهم على وعود بالعفو من 'حماس'، وبعض عناصر الميليشيات بدأوا باللجوء لوساطات غير مباشرة مع حركة 'حماس' بهدف تأمين عفو عنهم. وتابع : لن تحملهم العربات العسكرية الصهيونية… أفراد هذه الجماعات ليسوا سوى متعاونين يؤدون دوراً وظيفياً ولن يضحي جيش الاحتلال بجندي واحد من أجل حمايتهم .