شهدت قمة شرم الشيخ للسلام عدة لحظات محرجة خلال المصافحات بين القادة، أبرزها بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسي فرنسا وإسبانيا، ما أثار جدلاً واسعًا في الإعلام. غير أن مصافحة ترامب لعبد الفتاح السيسي باليد اليسرى خلال جلوسهما في القمة، بدت أكثر المشاهد رمزية وغرابة في البروتوكول السياسي، خصوصًا أنها جاءت بعد دقائق من تجاهل ترامب لمصافحة السيسي وجهًا لوجه.
وخلال مراسم الاستقبال الرسمي، مدّ ترامب يده اليسرى لمصافحة السيسي الذي لاحظ الموقف متأخرًا، فبادر هو الآخر إلى مدّ يده اليسرى.
المشهد الذي التقطته عدسات الإعلام من زوايا مختلفة أثار تساؤلات حول ما إذا كان التصرف مقصودًا أم عفويًا، أو نتيجة لظرف صحي أو بروتوكولي. ورجّح بعض المراقبين أن يكون الأمر مرتبطًا بزاوية وقوف القادة أمام الكاميرات.
وفي الثقافة الدبلوماسية، يُعد استخدام اليد اليسرى في المصافحة أمرًا نادرًا، وقد يُفسَّر أحيانًا على أنه خروج عن المألوف أو تعبير عن موقف غير ودي.
ورغم أن المقابلة بدت عادية في ظاهرها، فإن المشهدين السابقين كشفا مفارقة واضحة بين التغطية الإعلامية المحلية التي ركزت على “حفاوة الاستقبال”، وبين ما اعتبره مراقبون “لقطات طريفة” أو “لحظات عفوية غير معتادة”.
كما أثار وصف ترامب للسيسي بـ"الجنرال" – لا "الرئيس" – انتباه المتابعين، في إشارة فُسّرت على أنها تذكير بخلفيته العسكرية وانقلابه على السلطة المدنية.
اتفاق شرم الشيخ للسلام
شكّل توقيع مؤتمر شرم الشيخ للسلام إعلانًا رمزيًا وسياسيًا لإنهاء الحرب في غزة، وتدشين مرحلة جديدة من الاستقرار الإقليمي.
ففي أكتوبر 2025، شارك ترامب إلى جانب أكثر من 30 قائدًا من الدول والمنظمات الدولية بهدف إنهاء الحرب وتعزيز السلام في الشرق الأوسط.
ويتضمّن الاتفاق وقفًا دائمًا لإطلاق النار في غزة، والتزامات بإعادة الإعمار والتنمية، وقد وُقّع بمشاركة وسطاء من مصر وقطر وتركيا.
ورغم الإعلان عن الأهداف العامة، لم تُكشف بعد تفاصيل حساسة مثل إطلاق الرهائن أو سحب القوات، بينما أكّد ترامب أن “الاتفاق سيصمد بعد 3000 عام من الصراع”.
مشاركة أردوغان وتميم
شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مراسم توقيع الاتفاق يوم 13 أكتوبر 2025، بدعوة من السيسي وترامب.
ومشاركة أنقرة في التوقيع تعكس دورها المحوري في الوساطة، خاصة أنها كانت طرفًا في المفاوضات غير المباشرة بين حماس و(إسرائيل) لأول مرة منذ سنوات.
ويُعدّ التوقيع اعترافًا تركيًا رسميًا بالاتفاق، ما يمنحه غطاءً إقليميًا أوسع، خصوصًا في ظل العلاقات المتوازنة التي تربط تركيا بكل أطراف النزاع.
نزع السلاح.. عقدة المرحلة الثانية
ورغم أن حركة حماس لم توقّع على بند نزع السلاح في اتفاق شرم الشيخ، معتبرةً هذا المطلب “خارج النقاش”، فإن قيادات في الحركة – منهم حسام بدران وأسامة حمدان – أكّدوا أن سلاح المقاومة غير قابل للمساومة، وأن “شعبنا أحوج ما يكون إلى السلاح”.
وأشار ترامب إلى أن بند نزع السلاح مؤجّل إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، متوقعًا أن يثير صعوبات وتعقيدات كبيرة.
ويرى بعض الوسطاء العرب أن حماس قد تكون منفتحة على نزع جزئي للسلاح في حال وجود ضمانات دولية بعدم استئناف العدوان الإسرائيلي.
أما ترامب، فربط الإعمار بنزع السلاح، بينما قال السيسي إن “الإعمار عملية سياسية واقتصادية لا تبدأ بالاستسلام”.
وأضاف أن “حماس حققت ما أرادته بتحرير الأسرى والرهائن بعد تضحيات عظيمة، وحان وقت البناء وإعمار غزة بكرامة”.
مواقف وتحليلات
المحلل السياسي ياسر الزعاترة علّق عبر حسابه في منصة “إكس” قائلًا:
“ترامب لا يَعِدُكم بغير تصفية قضية فلسطين و’صهْينة‘ المنطقة… هو الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان، وبارك ضمّ الجولان، ويبرّر التوسع الصهيوني… من يثق بهذا الرجل يَجني على أمّته.”
وأضاف أن “كل ما يوزّعه ترامب من مدائح هو مجرّد مُقبلات لتمرير المخطط”، واصفًا إياه بأنه “ثور هائج يدفع بلده للتراجع أمام الصين وروسيا”.
وختم الزعاترة بالقول:
“تذكّروا أن حماس وقوى المقاومة تنوب عن الأمة في مواجهة هذه الغطرسة، فلا تعينوها بالخذلان، ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾”.
خلاصة
لم يتضمّن الاتفاق النهائي في شرم الشيخ بندًا لنزع سلاح المقاومة، إذ وافقت حماس فقط على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، رافضةً تسليم السلاح أو مغادرة غزة.
ومن المقرر أن يُعاد طرح الملف في المرحلة الثانية من خطة السلام، وسط انقسام دولي حول إمكانية تطبيقه ومستقبل المقاومة الفلسطينية في ضوء التوازنات الجديدة.