سيارات متهالكة بدون تجهيزات وعجز في الأطقم الطبية.. هيئة الإسعاف تحتاج “إسعاف” بزمن العصابة

- ‎فيتقارير

 

 

هيئة الإسعاف المصرية تُعاني من مشكلات هيكلية ومادية مزمنة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، سيارات الإسعاف العاملة تجاوزت عمرها الافتراضي، كثير من المسعفين يعملون في ظروف قاسية تفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات، كأجهزة قياس الضغط أو الأكسجين، حتى أجهزة الإنعاش القلبي، بعض السيارات، لا تحتوي إلا على نقالة، ما يجعل عمل المسعف أشبه بالمجازفة، ويحوّل المريض، إلى راكب مهدد بالموت. 

كما تواجه سيارات الإسعاف تحديات تتعلق بتوفر المعدات الحيوية مثل أجهزة التنفس الاصطناعي وأجهزة مراقبة العلامات الحيوية بجانب تدني أجور السائقين والمسعفين والموظفين ، وطول ساعات العمل، وغياب الإمكانيات الضرورية لتقديم خدمة علاجية للمرضى. 

ازمة  الإسعاف لا تقتصر على نقص المعدات، بل تمتد إلى نقص الكوادر البشرية  فعدد المسعفين المؤهلين لا يتناسب مع حجم السكان أو عدد البلاغات اليومية. 

وفقًا لبيانات هيئة الإسعاف المصرية، يضم أسطول الإسعاف حوالي 3300 سيارة مع خطط لإضافة ألف سيارة جديدة ضمن مبادرة “حياة كريمة”. لكن هذا العدد، رغم زيادته، لا يزال بعيدًا عن تلبية المعايير الدولية، إذ توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير سيارة إسعاف لكل 50 ألف نسمة في المناطق الحضرية، مما يعني أن مصر تحتاج إلى حوالي 2080 سيارة إضافية للوصول إلى الحد الأدنى.

 

سيارات قديمة

 

حول تحديات العمل بالهيئة، قال أحمد، سائق إسعاف يعمل منذ أكثر من 12 عامًا بمحافظة الشرقية : "نعمل في ظروف لا يتحملها بشر، ومع ذلك لا أحد يشعر بنا ".

وأضاف : خلال النوبات الليلية، نتحرك أحيانًا بمفردنا دون وجود مسعف، بسبب العجز في الأطقم الطبية، ونضطر للتعامل مع الحالات بشكل غير آمن، إلى جانب ذلك نتعرض للاعتداءات أحيانًا من أهالي المرضى؛ بسبب تأخر الوصول أو ضعف التجهيزات، ومع ذلك لا يوجد تأمين كافٍ لنا لا جسديًا ولا قانونيًا. 

وأكد أحمد أن السيارات قديمة وبعضها غير صالح للسير لمسافات طويلة، وننفق على السيارة من مالنا الخاص أحيانًا كي نتحرك، ولا يتم صرف بدلات طبيعة العمل بانتظام، لا توجد عدالة في توزيع الحوافز، ولا احترام لمطالبنا بزيادة الأجور أو تخفيف ساعات العمل التي قد تصل إلى 16 ساعة متواصلة. 

 

عدد البلاغات

 

وكشف حسام، مسعف يعمل ضمن أحد خطوط الإسعاف السريعة بالقاهرة الكبرى، أن الخدمة تعاني من نقص شديد في الأفراد، وقال: "نتعامل مع عدد بلاغات يومي يتجاوز قدرتنا، وأحيانًا نُطلب للتدخل في حوادث متزامنة بمواقع متباعدة دون وجود دعم أو تخطيط مسبق، مشيرا غلى أن الكثير من البلاغات يصلون إليها بعد فوات الأوان، ويُفاجئون بتسجيل البلاغ على النظام كـ"تم التعامل معه". 

وأضاف حسام : ندفع الثمن كعاملين، سواء باللوم من الأهالي أو بتحميلنا مسئولية تأخر الاستجابة، رغم أن الخلل من الإدارة وضعف الإمكانيات وليس من جانبنا .

وتابع: لا نحصل على دورات تدريبية كافية، ولا توجد خطة واضحة لتطوير قدراتنا أو تحسين بيئة العمل، حتى الزي الرسمي والمستلزمات الطبية نشتريها على نفقتنا الخاصة أحيانًا، مؤكدا أنهم أصبحوا الحلقة الأضعف في منظومة تعاني من ترهل إداري مزمن. 

 

أدوات ضعيفة

 

وقالت منى، تعمل في مركز الاتصالات المركزي لهيئة الإسعاف بالقاهرة: "أتلقى يوميًا مئات البلاغات من مواطنين يصرخون طلبًا للمساعدة، نُسجلها ونمررها إلى أقرب وحدة إسعافية، لكن في كثير من الأحيان لا توجد سيارة متاحة للتجاوب مع هذه البلاغات ".

وأضافت : أضطر لتكرار العبارة: ‘سيتم الوصول في أقرب وقت’، وأنا أعلم أن الوقت قد يطول لساعات، أو لن تأتي السيارة أبدًا. 

وتابعت منى: نشعر بضغط نفسي هائل، لا لأننا مقصرون، ولكن لأن النظام عاجز عن الاستجابة بالسرعة المطلوبة، البعض يظن أن الخطأ عندنا، لكن الحقيقة أن العجز في الأسطول والكوادر هو السبب الحقيقي.

وأكدت أنه لا يوجد أي تواصل مباشر مع المسئولين لتطوير آليات العمل أو تحسين أداء النظام الرقمي، مشيرة إلى أنهم يعملون بأدوات ضعيفة في مواجهة احتياجات ضخمة . 

 

ظروف صعبة

 

ووصف طارق، مسعف في محافظة أسيوط، طبيعة عمله بـ ”المُجهدة نفسيًا وبدنيًا”، لافتا إلى أنهم يتعاملون مع حالات خطيرة في ظروف صعبة، خاصة في المناطق الريفية أو الجبلية حيث الطرق غير ممهدة والسيارات لا تتحمل مشقة السير، نصل أحيانًا بعد فوات الأوان، ويلقى علينا اللوم من الجميع، رغم أننا نعمل بأقصى طاقتنا . 

وقال : "أزمة نقص الأفراد مزمنة، وأغلب الزملاء يعانون من الإرهاق والضغط النفسي، خاصة مع ضعف المرتبات وعدم وجود دعم نفسي أو اجتماعي، مؤكدا أنهم يحاولون قدر الإمكان إنقاذ الأرواح، لكن دون إمكانيات حقيقية، ولذلك بعض العاملين بالإسعاف يستقيل والبعض الآخر ينتظر فرصة عمل أفضل، لأن الوضع لا يحتمل الاستمرار".