رغم خطورته على الأمن القومي للبلاد ..حكومة الانقلاب تبيع المطارات والمواني المصرية للأجانب

- ‎فيتقارير

 

آثار إعلان مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب عن طرح المطارات المصرية للبيع أمام مستثمري القطاع الخاص المحلي أو العربي والأجنبي انتقادات من جانب الخبراء، مؤكدين أن هذا التوجه يمثل خطرا على الأمن القومي للبلاد .

وحذر الخبراء من الخسائر التي ستتحملها دولة العسكر من الإسناد الذي سبقه تطوير بأموال قروض خارجية تزيد الضغوط على موازنة البلاد. 

وأكدوا أن بيع المواني والمطارات للأجانب قضية متشعبة الأبعاد، تتجاوز حدود الاقتصاد لتمس مفاهيم السيادة الوطنية، والقدرات الإدارية، والأمن القومي .

 

كان مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب قد أعلن عن إجراءات حكومية بشأن إدارة المطارات والمنشآت والمشروعات المصرية في قطاعات هامة، مشيرا إلى أن مطار برج العرب  سيكون بعد تطوير بنيته التحتية من المطارات المطروحة لإدارة غير حكومية. 

وقال مدبولي في تصريحات صحفية: إن "حكومته تعمل حاليا مع مؤسسة التمويل الدولية لطرح عدد من المطارات المصرية أمام شركات إدارة وتشغيل عالمية، كاشفا عن بإبرام عقود مع شركات عالمية متخصصة لإدارة وتشغيل جميع المطارات، من أجل الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة". 

وأشار إلى أن توجه حكومة الانقلاب لطرح المطارات أمام إدارات شركات خاصة، قد يمتد ليشمل عددا من المنشآت الأخرى، زاعما أن هذا التوجه ناتج عن رغبة حكومية للحفاظ على ملكية الدولة للأصول، ولضمان تقديم خدمات أفضل وتفادي الانتقادات الموجهة للمنظومة الحالية وفق تعبيره. 

 

تحالفات دولية

 

يذكر أن شركة "APM Terminals" التابعة لمجموعة ميرسك الدنماركية، وشريكتها الصينية "شنغهاي الدولية للموانئ"، تتوليان إدارة ميناء شرق بورسعيد، بعقد لمدة 30 عاما، فيما يتولى تحالف عالمي بقيادة "هاتشيسون" الصينية، مع شركات أخرى إدارة ميناء الإسكندرية، بعقد مدته 30 عاما. 

وإلى جانب إدارة "موانئ دبي" لميناء العين السخنة منذ عام 2008، بعقد 35 عاما، حصلت "موانئ أبو ظبي" على امتياز تشغيل وإدارة المنطقة الصناعية واللوجستية "كيزاد شرق بورسعيد"، مع ما لها من استحواذات وعقود بموانئ الإسكندرية، والغردقة، وسفاجا، وشرم الشيخ، والعين السخنة،  وبورسعيد، ودمياط، والعريش وأيضا في رأس الحكمة. 

ومنذ 2020، يدير الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة تحالف يضم الشركة الفرنسية "RATP Dev" مع شركة "المصرية للتشغيل وصيانة المترو" (EMO)، في تعاقد لمدة 15 عاما بقيمة تُقدر بنحو 1.14 مليار يورو مقابل الإدارة والصيانة. 

 

السيادة الوطنية

 

حول هذه الكارثة أكد الخبير الاقتصادي والإستراتيجي الدكتور علاء الدين سعفان، على أهمية إدارة أصول الدولة واستراتيجيتها الاقتصادية، معتبرا أنها قضية متشعبة الأبعاد، تتجاوز حدود الاقتصاد لتمس مفاهيم السيادة الوطنية، والقدرات الإدارية، والأمن القومي. 

وأشار سعفان في تصريحات صحفية إلى المكاسب والخسائر الاقتصادية، موضحا أن اللجوء إلى إسناد إدارة وتشغيل البنى التحتية الكبرى (مطارات، موانئ، قطارات) لشركات أجنبية بعد تطويرها بقروض ضخمة، يضعنا أمام مفارقة اقتصادية معقدة.  

وأوضح أن المكاسب المحتملة من وجهة نظر حكومة الانقلاب، تتمثل في جذب الخبرة العالمية، واستيراد كفاءة تشغيلية عالمية، وتطبيق أحدث النظم التكنولوجية والإدارية، ما يرفع جودة الخدمات ويعزز القدرة التنافسية لهذه المرافق على الصعيدين الإقليمي والدولي وفق تعبيرها . 

وقال سعفان : "العقود تتضمن بنودا تضمن لدولة العسكر حصة من الإيرادات بالعملة الصعبة، يوفر مصدرا مستقرا نسبيا للنقد الأجنبي دون تحمل أعباء التشغيل المباشرة، مع تحسين الصورة أمام المستثمرين، حيث يُنظر لوجود مشغلين عالميين كعلامة على الانفتاح الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر لقطاعات أخرى". 

 

سداد الديون

 

ولفت الى أن هذا البيع معناه تحميل الديون على دولة العسكر وجني الربح للأجنبي، موضحا أنها نقطة أكثر خطورة لأن دولة العسكر تتحمل عبء سداد أقساط وفوائد القروض التي تم بها تطوير هذه الأصول. 

وأوضح سعفان أنه في المقابل، الشركة الأجنبية تبدأ عملها من (أرض ممهدة) وبنية تحتية حديثة، وتجني أرباح التشغيل الصافية، مشددا على أنه كان من المنطقي أن توجه هذه الأرباح التشغيلية، لو أُديرت بكفاءة وطنية، لخدمة الدين نفسه وتخفيف العبء عن الموازنة العامة. 

وأعرب عن أسفه لـ "استنزاف العملة الصعبة"، مؤكدا أن السؤال المحوري عن مصير الإيرادات حيث ستقوم الشركات الأجنبية بطبيعة الحال، بتحصيل الإيرادات بالجنيه من السوق المحلي، ثم تحويل صافي أرباحها إلى عملات صعبة (دولار/يورو) لإرسالها إلى مقارها الرئيسية. 

 

أصول استراتيجية

 

واعتبر سعفان أنه في ظل أزمة شح الدولار التي تعاني منها مصر، فإن هذا الإجراء يمثل ضغطا إضافيا على ميزان المدفوعات، ويستنزف موارد دولة العسكر من النقد الأجنبي بدلا من أن يضيف إليها محذرا من فقدان أصول استراتيجية مدرة للدخل .

وشدد على أن المطارات والموانئ ليست مجرد بنى تحتية، بل أصول استراتيجية ذات ربحية عالية ومستمرة، والتنازل عن إيراداتها التشغيلية لسنوات طويلة (قد تمتد لعقود) مقابل حصة قد تكون محدودة، بمثابة تنازل عن مصدر دخل سيادي كان يمكن أن يساهم ببناء احتياطيات نقدية قوية. 

وأوضح سعفان أن التوجه المستمر نحو الإسناد للأجانب يطرح أسئلة مقلقة حول ثقة دولة العسكر في كوادرها ومؤسساتها، منتقدا المناخ الطارد للكفاءات، والبيئة الإدارية والبيروقراطية والمناخ العام الذي لا يشجع على بقاء أفضل الخبرات، التي يهاجر جزء كبير منها ويحقق نجاحات باهرة بالخارج.

وقال: "بدلا من معالجة أسباب الهجرة واستعادة الكفاءات، يبدو الحل الأسهل باستيراد الإدارة الجاهزة، وهذا لا يعالج المشكلة، بل يؤدي إلى تآكل تدريجي للخبرات المتبقية ويخلق حالة من التبعية الإدارية". 

وحول "أمن المعلومات والبيانات"، تساءل سعفان: من سيتحكم ببيانات المسافرين والبضائع وأنظمة المراقبة؟، مشيرا إلى أن السيادة على نقاط الدخول والخروج، في أوقات الأزمات السياسية أو الأمنية، التي قد تتعارض مصالح الشركة الأجنبية (أو الدولة التي تنتمي إليها) مع المصلحة القومية العليا لمصر، إلى جانب "التحكم اللوجستي"، وحذر من أن السيطرة على تشغيل هذه المرافق الحيوية تمنح الطرف الأجنبي التحكم بحركة الأفراد والبضائع، وهو أمر يمس صميم الأمن القومي.