مَنْ وراء زراعة المخدرات في دولة بوليسية تُحاصر المواطن وتترك السموم تنتشر؟

- ‎فيتقارير

 

 أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، أمس  الأربعاء، عن ضبط مزرعة لزراعة وإنتاج المواد المخدرة شرق قناة السويس، قُدرت قيمتها المالية بنحو 1.6 مليار جنيه (250 مليون دولار)، على مساحة 3.5 أفدنة، مزروعة بمخدر "الهيدرو".

 البيان الرسمي وصف الأمر بـ"الضبطية الكبرى"، لكن خلف هذا الإعلان الرسمي، تُطرح أسئلة أكبر وأخطر: من أين جاءت هذه التقاوي، ومن سمح بدخولها وزراعتها في أرضٍ محاصرة من الجيش والشرطة والمخابرات؟ دولة تراقب المواطن ولا ترى المزارع كيف يمكن لمزرعة بهذا الحجم، مساحتها أفدنة كاملة، أن تُزرع وتُدار وتُخزن فيها أطنان المخدرات في منطقة صحراوية حدودية، تعج بالكمائن العسكرية والشرطية؟ كيف تمرالمعدات والتقاوي والأسمدة والتمويل والعمالة عبر كل هذه الحواجز الأمنية دون أن تُكتشف؟ النظام الذ ي يُسارع لاعتقال شاب لمجرد كتابة "بوست" على فيسبوك، أو لقمع وقفة احتجاجية مطلبية بسيطة، يبدو عاجزاً – أو متغاضياً – عن رصد نشاط بحجم مليارات الجنيهات! تجارة تحميها القوة المسلحة البيان أشار إلى أن العصابة كانت مسلحة ببنادق آلية وخرطوش، وكأنها كيان موازٍ يعمل فيوضح النهار.

 لكن السؤال الأهم: من يحمي هذه العصابات؟ في بلد بوليسي، هل يمكن لتشكيل إجرامي أن يزرع المخدرات ويخزن عشرات الأطنان ثم يوزعها، دون وجود "مظلة" أو "غض طرف" من أجهزة متنفذة تستفيد من الأرباح؟

 

 المخدرات الرخيصة: سياسة إفقار وتخدير

 

 المفارقة أن مصر شهدت في عهد الانقلاب انتشاراً غير مسبوق للمخدرات الرخيصة، مثل "الشبو"، التي وجدت طريقها سريعاً إلى الشباب بسبب انخفاض سعرها وسهولة الحصول عليها.

 هنا يتحول الأمر من مجرد جريمة إلى سياسة ممنهجة لتخدير المجتمع وصرفه عن الغلاء والقمع والانسداد السياسي.

 

 من المستفيد؟

 

في النهاية، السؤال الجوهري يظل مطروحاً: من أدخل هذه التقاو ي والمواد إلى مصر؟ من يوفر الغطاء لهذ ه الزراعة والتوزيع؟ ولماذا تُترك المخدرات تنتشر، بينما تُقمع أي محاولة للاحتجاج أو التعبير السلمي؟ قد تعلن الداخلية عن "بطولات" في ضبطيات استعراضية، لكن الحقيقة أن المخدرات صارت جزءاً من المشهد اليومي في زمن الانقلاب، ما يعكس أن المستفيد الأول والأخير هو النظام نفسه، الذي يفضّل شعباً مخدّراً على شعب واعٍ يثور ضد القمع والنهب.