في سبتمبر 2025، أعلنت الحكومة الكينية رسميًا إدراج جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير ضمن قائمة الكيانات الإرهابية، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في موقف الدولة تجاه هذه الجماعات.
وفي أعقاب قرار الحكومة الكينية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير ككيانات إرهابية في سبتمبر 2025، برزت عدة انتقادات من شخصيات سياسية وإعلامية محلية، أبرزها كان تصريح علني خلال فعالية تضامن مع فلسطين أقيمت في حديقة أوهورو بنيروبي، حيث انتقد حسن عمر، الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المتحد الحاكم في كينيا، قرار الحكومة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وقال:
"لا أتفق مع تصنيف منظمة إسلامية كجماعة إرهابية، وإذا كان هناك ما يجب إدراجه فهو الكيان الصهيوني."
كما دعا حسن عمر إلى إعادة النظر في سياسة كينيا الخارجية تجاه إسرائيل، مطالبًا بوقف أي تعاملات معها، ومعتبرًا أن لبلاده مصالح استراتيجية أكبر مع العالم الإسلامي.
هذا التصريح أثار جدلًا سياسيًا ودينيًا داخل كينيا، خاصة في ظل تأكيد وزارة الداخلية أن التصنيف يستند إلى معايير قانونية ويهدف إلى حماية الأمن الوطني.
وتناولت الصحافة الأفريقية القرار وأشارت إلى وجود "مخاوف إعلامية وشخصيات عامة" من تداعيات القرار بحسب صحف كينية محلية مثل The Standard أو Daily Nation.
حجم وتأثير الإخوان المسلمين في كينيا قبل التصنيف
وبحسب تقارير لم تكن الجماعة تنشط في كينيا بشكل علني أو تنظيمي واسع كما هو الحال في دول مثل مصر أو السودان، لكنها كانت تحظى بتأثير فكري محدود داخل بعض الأوساط الإسلامية، خصوصًا في المناطق الساحلية مثل ممباسا ولامو.
يُعتقد أن بعض المؤسسات التعليمية والدعوية كانت تتبنى خطابًا قريبًا من فكر الإخوان، دون إعلان ارتباط تنظيمي مباشر.
ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة عن عدد المنتمين أو المؤيدين للجماعة في كينيا، لكن السلطات الكينية أشارت إلى وجود خلايا نائمة أو شبكات دعم لوجستي محتملة.
وبعض الجمعيات الخيرية والمدارس الإسلامية في كينيا كانت تُتهم بتلقي دعم فكري أو مالي من جهات خارجية مرتبطة بالإخوان، لكن لم تُثبت هذه الاتهامات قضائيًا.
ومن آثار التصنيف، أن السلطات الكينية تملك اليوم صلاحيات لتفكيك أي شبكة مالية أو لوجستية يُشتبه في ارتباطها بالجماعة، بما في ذلك؛ تجميد الأصول، وحظر الاجتماعات، وملاحقة الأفراد المرتبطين بها قضائيًا، حيث زعمت وزارة الداخلية أن التصنيف يستند إلى معايير قانونية واضحة ويهدف إلى حماية الأمن الوطني.
دور الإمارات
وفي 8 مايو 2025، استقبل الرئيس الكيني ويليام روتو عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، حيث بلاده تنصف الإخوان التصنيف ذاته، في العاصمة نيروبي، وتم توقيع 7 مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون، شملت؛ التعاون العسكري، والنقل والبنية التحتية، والطاقة، والسكك الحديدية، وتأسيس مجلس أعمال إماراتي–كيني مشترك.
وفي 6 يوليو 2024، أجرى الرئيس الكيني اتصالًا هاتفيًا مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وناقشا خلاله تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد، الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
وفي مايو من العام الجاري، زار الرئيس الكيني الصين واستمرت الزيارة لمدة خمسة أيام بدأت في 6 مايو وانتهت في 11 مايو، وكان الهدف تعميق الشراكة الاستراتيجية بين كينيا والصين، خاصة في إطار مبادرة الحزام والطريق، حيث وقع الرئيس الكيني أكثر من 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية بلغت 137 مليار شلن كيني (حوالي 1.6 مليار دولار)، وشملت الاتفاقيات مجالات: البنية التحتية، الزراعة، التعليم، الصحة، الطاقة، وتكنولوجيا المعلومات.
ووفقًا لأحدث البيانات الرسمية، بلغ حجم التجارة الثنائية غير النفطية بين الإمارات وكينيا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 نحو 3.1 مليار دولار أمريكي، مسجلًا نموًا بنسبة 29.1% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023.
وفي يناير 2025، وقّعت الإمارات وكينيا اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة تهدف إلى؛ تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، وتسهيل الوصول إلى الأسواق في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، وإزالة الحواجز التجارية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، وتسريع تدفقات الاستثمار في عدة قطاعات ويصبح المال هو الأداء الإماراتية للتحكم في البعد الأمني ليس في جوار الإمارات بل يمتد إلى إفريقيا حيث تعد الاتفاقية أول اتفاقية تجارية ثنائية توقعها الإمارات مع دولة أفريقية بخلاف دول الشمال العربي الافريقي، مما يعكس التوجه الاستراتيجي الإماراتي نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية مع القارة السمراء.
اتفاقية عنتيبي
وشاركت كينيا بدرو فاعل في اتفاقية عنتيبي التي تُعرف أيضًا باسم "الإطار التعاوني لحوض نهر النيل"، ووقعها أطراف افريقية في مايو 2010 بمدينة عنتيبي الأوغندية.
تهدف إلى إعادة تنظيم إدارة مياه نهر النيل بين دول الحوض، وتجاوز الاتفاقيات التاريخية التي منحت مصر والسودان حصصًا ثابتة من المياه (اتفاقيتي 1929 و1959).
وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشاريع مائية دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من دول المصب، وهو ما ترفضه مصر والسودان، وكانت كينيا من الدول الموقعة على اتفاقية عنتيبي، إلى جانب إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وبوروندي، وأخيرا جنوب السودان.
ورأت كينيا أن الاتفاقيات القديمة لم تكن عادلة، لأنها وُقعت في ظل الاستعمار ولم تُشرك دول المنبع مثلها، وهو تطور في إدارة مياه النيل، ويزيد من الضغط على مصر والسودان للانضمام أو التفاوض مجددًا.
كينيا تُعد من الدول المؤسسة لـ مبادرة حوض النيل التي أُطلقت في فبراير 1999، وتضم 10 دول: مصر، السودان، إثيوبيا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا، وإريتريا (كمراقب).
وفي أبريل 2025، أطلقت كينيا وأوغندا مشروعًا مشتركًا للمياه العابرة للحدود في منطقة أنجولولو، ضمن برنامج العمل الفرعي لبحيرات النيل الاستوائية.
ورغم أن الإمارات ليست طرفًا رسميًا، إلا أن لها اهتمامًا استراتيجيًا غير مباشر بالملف المائي في أفريقيا، خاصة من خلال؛ الاستثمار في مشاريع الطاقة والسدود، مثل علاقاتها مع إثيوبيا في ملف سد النهضة، إضافة للوجود العسكري واللوجستي في دول أفريقية مثل إريتريا، الصومال، وجنوب السودان، مما يمنحها نفوذًا إقليميًا في مناطق قريبة من حوض النيل.