٤ رسائل ترهيب ..مقبرة جماعية جديدة في سيناء..لماذا كل هذا العداء الانقلابي للأهالي

- ‎فيتقارير

 

لم يكن خبر العثور على مقبرة جماعية في شمال سيناء مجرّد كشف حقوقي عابر، بل جرح جديد يضاف إلى سجل طويل من القمع والدمار الذي طال الأهالي منذ انقلاب 2013، التقرير الصادر عن مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بالتعاون مع Forensic Architecture في جامعة لندن، أكد وجود رفات مدنيين  كثير منهم من أبناء القبائل البدوية،  قتلوا خارج نطاق القانون، ودُفنوا سرًا بين عامي 2013 و2022.

الأدلة المستقاة من صور أقمار صناعية وشهادات عيان وفحص للتربة، لا تترك مجالًا كبيرًا للشك: ما جرى لم يكن حادثًا عرضيًا، بل جزءًا من حرب قذرة أُديرت في الظل، ودفعت ثمنها العائلات السيناوية وحدها.

 

لماذا كل هذا الاستهداف لأهالي سيناء؟

1. سياسة القمع تحت لافتة "مكافحة الإرهاب"
منذ وصول السيسي إلى السلطة، تحوّلت سيناء إلى ساحة تجريب لسياسات أمنية بلا ضوابط، أي انتهاك يُبرَّر دائمًا بعبارة "الحرب على الإرهاب"، وكأن حياة المدنيين وحقوقهم أصبحت وقودًا لمسرحيات عسكرية تُسوّق للنظام في الخارج.

2. الانتقام من مجتمع كامل
ما يظهر من أنماط التصفية والدفن الجماعي يشير إلى أن الدولة لم تفرّق بين مسلّح ومدني، بل عاملت سيناء باعتبارها "منطقة مشبوهة" وسكانها ككتلة متهمة، هذا الظلم الجماعي عمّق القطيعة بين الدولة والأهالي، ورسّخ شعورًا بأنهم مواطنون من درجة ثانية.

3. التعتيم وغياب المساءلة
بينما يطالب العالم بتحقيق مستقل، تصر السلطات على الصمت والتجاهل، لتبقى الحقيقة أسيرة المقابر والروايات الرسمية، هذا الغياب المقصود للشفافية ليس مجرد إهمال، بل سياسة تهدف إلى محو آثار الجرائم ومنع الأهالي من رفع صوتهم.

4. رسائل ترهيب
المقابر الجماعية ليست فقط أماكن لدفن الضحايا، بل أدوات سياسية لبث الخوف في مجتمع بأكمله: "من يعارض أو يتحدث قد يلقى المصير نفسه" وهنا تكمن خطورة "السيساوي"، الذي لا يكتفي بالقمع الفردي، بل يحوّله إلى عقاب جماعي.

ما الذي يطالب به أهالي سيناء والحقوقيون؟

تحقيق دولي مستقل وشفاف يحدّد المسؤوليات، ويكشف ما إذا كانت الانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

تعويضات وردّ اعتبار لأهالي الضحايا، وإنهاء سياسة العقاب الجماعي.

إشراك المجتمع السيناوي في رواية الأحداث وصياغة مستقبل المنطقة، بدلًا من إقصائه وتجريده من صوته.

إصلاحات قضائية وأمنية توقف نزيف الدم وتعيد بعض الثقة المفقودة بين الدولة والمجتمع المحلي.

 

المقبرة الجماعية في سيناء ليست مجرد "واقعة حقوقية"، بل مرآة لنهج سلطوي يرى في الأهالي عبئًا أمنيًا بدلًا من كونهم مواطنين، ما يُسمّى بـ"السيساوي" على سيناء هو في جوهره مشروع قمع ممنهج: قتل بلا محاسبة، دفن بلا أسماء، وصمت رسمي يضاعف الجرح.

إن السؤال الحقيقي ليس فقط: ماذا حدث؟ بل: لماذا تُصر الدولة على استمرار هذا الجرح مفتوحًا؟