بعد ادعاء “الخميس” على من يُقتلون .. ما هو موقع “الذنوب” في ابتلاءات أهل غزة

- ‎فيعربي ودولي

قبل أيام ظهر بعض المدعين يتناولون أهل غزة وذونوبهم التي سلطت عليهم من قبل الله عزوجل على يد أعداء الله، وقال أحد هؤلاء ويحمل الجنسية الكويتية: إن "ذنوب أهل غزة وما يقترفونه من أعمال، سبب ما هم فيه من الدمار وأن غيرهم في حال أحسن بسبب قلة الذنوب" غير أن هذا المنطق في الحكم على الأشياء ليس قرآنيا،                                            وبحسب الكاتب والمفكر أدهم شرقاوي @adhamsharkawi: إن "ما فيه أهل غزة بسببِ الطَّاعةِ لا بسببِ الذُّنوب".

وأوضح أنه "من المفاهيمِ السَّاذجة والسَّطحيَّة للإيمانِ بالله تعالى، الاعتقاد أنَّ حياة المؤمنِ في هذه الدُّنيا ستكون رحلةً ورديَّةً إذا هو التزمَ بالطاعاتِ واجتنبَ المعاصي، فلن يُردَّ له دُعاء، ولن يمرضَ، ولن يُضيَّق عليه في رزقه، ولن يُبتلى بالظالمين".

واستدرك، شرقاوي وكان ظهر في آخر نسخة من "والحقيقة أنَّ الدُّنيا دارُ امتحانٍ لا دارَ جزاء، ودارُ بِذارٍ لا دارَ حصاد، ودارُ سعي لا دارَ بُلوغ، وإنَّ سعادة المؤمن في الدُّنيا نابعة من تسليمه أنَّ كلَّ ما يقضيه الله خير وإن غابتْ عنه الحكمة، ونابعة كذلك من تسليمه أنَّ قدر الله ماضٍ، لا يرفعه سخطٌ ولا رضى، ولكنَّ السَّاخط مأزور، والرَّاضي مأجور".

أمثلة لسنن الله في الكون

وحول المنطق قال "ولا يُنكرُ عاقلٌ له دراية بسُننِ اللهِ في الكون، أنَّ للطاعات أثرها في تيسير الأمور، وللذُّنوب أثرها في تعقيدها " مستدركا مجددا "ولكن ربط كل امتحان الدُّنيا بهذه الجزئيَّة هو تسطيح لمفهوم الإيمان، بل إنَّ ما تُؤكِّده مئات الشَّواهد والنُّصوص أنَّ أكثر الأذى الذي يصيب المؤمنين، هو بسبب أنهم على الحقِّ لا بسبب أنهم على الباطل، أي بسبب أنهم على طاعةٍ لا على معصية".

وعن أول حالة: "حين ألقى فرعون أولاد الماشطة في الزَّيت المغلي واحداً بعد واحدٍ، فلأنَّها كانت على طاعةٍ لا على معصية، وحين ألقاها بعدهم في الزَّيت فإنَّه فعل ذلكَ لأنَّها رفضت أن تُساومَ على عقيدتها بأولادها، اللهُ تعالى لم يُسلِّط عليها هذا الظالم بسبب ذنوبها، ولكنَّه صراع الحقِّ والباطل".

وعن ثاني الحالات: وحين أشعلَ الملكُ الظالم نار الأخدود وألقى فيه المؤمنين حتى أفناهم عن آخرهم، فلم يكُنْ هذا بسبب ذنوبهم وإنما بسبب إيمانهم، قبل سويعاتٍ من مواجهة هذا الظالم مع الغلام، كانت هذه الرَّعية آمنة مطمئنة وهي على الشِّرك، أمَّا نار الأخدود فقد التهمت أجسادهم لأنهم صاروا على الإيمان، اللهُ تعالى لم يُسلِّطْ عليهم هذا الظالم بسبب ذنوبهم، ولكنَّه صراع الحقِّ والباطل.

وعن حالة ثالثة: "وحين جاء السَّحرةُ يوم الزِّينة لنزالِ موسى عليه السَّلام بعزَّة فرعون، كانوا معززين مُكرَّمين عنده، وقد وعدهم بالأُعطيات والمكرُمات والتَّقريب، هذا وهم على الشِّرك!.. ولكنَّه قطعَ أيديهم وأرجلهم من خلافٍ، وصلبهم في جذوع النَّخل، لأنهم آمنوا اللهُ تعالى لم يُسلِّطْ عليهم هذا الظالم بسبب ذنوبهم، ولكنَّه صراع الحقِّ والباطل".

الرابعة: "وحين نُشِرَ زكريا عليه السَّلام بالمنشار، فإنَّه لم يُنشر بسبب ذنوبه، بل بسبب طاعته، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل، وحين قُطعَ رأسُ السَّيد الحصور يحيى عليه السَّلام، وقُدِّمَ على طبقٍ مهراً لامرأةٍ بغيٍّ، فإنَّ رأسه لم يُقطع بسبب ذنوبه، ولكن لأنه قال للظالم: لا ،إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل".

الخامسة: "وحين أوتدتْ قريشٌ لسُميَّة في الأرض، فلم تفعل هذا لذنوب سُميَّة، بل لإيمانها، وحين طعنها أبو جهلٍ بالحربة وهي مُقيَّدة إلى الأرض، فلم يطعنها بسبب ذنوبها، وإنما بسبب إيمانها، لقد بصقتْ في وجهه حين ساومها عن عقيدتها، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل".

السادسة: "وحين قُتلَ ياسرُ شنقاً أمام عيني عمارٍ، لم يكن هذا بسبب ذنوب ياسرٍ ولا بسبب ذنوب عمَّار، ولكن من سُنن الله في الكون أن يُبتلى المؤمن على إيمانه بالكافر على كفره، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل!".

السابعة: "وحين أُخرجَ الصَّحابة من ديارهم إلى أرض الغرباء في الحبشة، فلم تُخرجهم قريش بسبب ذنوبهم، وإنما بسبب رسوخ عقيدتهم، لقد بلغوا من الإيمان منزلةً جعلتهم يُقدِّمون دينهم على وطنهم وقبيلتهم وأهاليهم، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل".

منهج نبوي

وعن حالة واضحة مما رواه البخاريُّ من حديث خَبَّابِ بْن الأَرتِّ، أشار إلى الحديث الشهير حيث "قَالَ بن الأرت: شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا؟.

فَقَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ  الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ!

وعلق "شرقاوي"، "..لاحظ دقَّة التعبير النَّبوي: مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِه، أي أنَّ هؤلاء المؤمنين قد قُتلوا أبشع قتلة لأنهم تمسَّكوا بدينهم، ولو ارتدَّ أحدهم عن دينه لرفعوا عنه القتل، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل!".

وختم بموقف آخر "حين رُميَ حمزةُ بن عبد المطلب بالحربة، فقد رُميَ بها لأنه كان مؤمناً، وحين بُقِرَ بطنه، ومُثِّلَ به، فلأنَّ قتله لم يشفِ غليلهم، لقد أذاقهم الويل يوم بدر، إنَّه ببساطة صراعُ الحقِّ والباطل!".

لماذا لا يقتص الله من الظالمين؟؟

هذه الرؤية من جانبها الآخر، تجعل البعض في حيرة حيث "قد يستغرب بعض المسلمين أنه لم تحدث قارعة من السماء تنزل بالمعتدين، وهم يمارسون القتل الجماعي ولا بالحكام الظلمة، وهم يفسدون في الأرض ويسجنون الصالحين !"

وللإجابة على هذا بحسب الأكاديمي والداعية السعودي د. سعيد بن ناصر الغامدي @saiedibnnasserتشمل:

1- إن القوارع الربانية ليست مجرد نزول صاعقة على المعتدين أو ريح أو زلزال ونحو ذلك، بل القوارع تأتي في مظاهر عديدة منها الإفلاس، والشقاق بين الدول، وسوء السمعة، وتكاتف أحرار العالم مع المظلومين، والتخبط السياسي والاقتصادي، والكبر والغطرسة…. الخ

2- إن الله قد بين للمسلمين جميع طرق النصر، وفصلها في القرآن تفصيلاً، وبيّن أن على المسلمين أن يأخذوا بها والا حصلت عليهم الهزيمة والذلة والهوان فيعتدي عليهم قتلة الأنبياء، ويتولّى الحكم فيهم الظلمة وأهل الفساد ومن يعطل شريعة الله، ويوالي أعداء الله، ويعادي أولياء الله.

واستطرد "ومثل المسلمين في هذا الحال كرجلين أرادا أن يصعدا جبلاً ليصلا إلى أهليهم ومنازلهم وأموالهم فوجدا الجسر المنصوب فوق الوادي السحيق قد احتلته قوتان:

 الأولى:  أناس من بني قومهم، جعلوا من يقترب من الجسر أو يحاول العبور من مكان آخر إرهابياً مجرماً خارجياً ضالاً يستحق السجن أو القتل أو كلاهما.

الثانية : أناس من لفيف الأرض يرون ان الجسر ومن عليه والجبل ومن فيه هو لهم تاريخياً ومن لم يقبل ذلك فهو مستحق للموت.

فتشاور الرجلان في الأمر،

فقال أحدهما سوف أجمع من الناس المحرومين والأحرار الصادقين لنسعى جميعاً في استرداد حقوقنا وطرد عدونا.

أما الآخر فقال لا طاقة لنا اليوم بمسيلمة وحرّاسه ولا بجالوت وجنوده.. فعلينا أن نستكين حتى تذهب عواصف هؤلاء الأعداء..وسوف أجمع الناس على هذا الرأي..ونحن نعلم أن الله مع المظلوم وأن مقته وغضبه على الظالم.. فسوف نتخذ أماكن لنعيش فيها ونصلي  وندعو على الظلمة والكافرين، وسوف يستجيب الله لنا فينزل عليهم نوازل تهلكهم كما فعل الله ﷻ في بدر وحنين والأحزاب والحديبية.

فأجابه صاحبه أن النوازل التي نزلت في المواقع التي ذكرت، إنما نزلت وهم في حالة بذل وعمل ونضال ومقاومة، وليست في حالة جلوس وتراخٍ ووهن

أما أنا فقد أعددت ما أستطيع من عدد وعدة، وسوف نبذل كما أمرنا ربنا، وسنبدأ بالعدو الأكبر والأخطر، ونعلم أن العدو الذي من بني جلدتنا سيزول بزوال العدو الذي في الطرف الآخر من الجسر، وشعارنا (إن تنصروا الله ينصركم)

علماء السلطان

وكان حساب ساخر بعنوان سهم بن كنانة @Ibnukenana "وثبت أن شيخ السلفية القرمطية جاسوس، باعتراف تلميذٍ من تلامذتها منحوس، وقد التمس له العذر، قائلاً: "إنما أراد الخيرَ لوليِّ الأمر، وهو تبريرٌ لا يجوزُ إلا على من باع دينَه، وأحنى لغير الواحد القهار جبينَه، وقد أخبر بأنه ربما رَصَدَ اجتماعَ قوم، فظنّ بهم ظنّ السَّوءِ مُنحِياً عليهم باللوم، فوشى بهم إلى السلطان، قائلاً له: إنهم بين مغرّرٍ به وشيطان، فشتِّتْ صفَّهم، وشرّدْ بهم من خلفَهم، وصُبَّ عليهم سوط عذاب، فقد علمتُ أنهم من الأحزاب، ولا تَقبلْ لهم توبة، فوالله إنهم ما عرفوا الوالي وما ذاقوا حبَّه، ولا تحدّثْ نفسَك بمغفرة، وإنْ قالت العرب: العفو عند المقدرة، فليس غريباً على هؤلاء الحزبيين أن يفعلوا الإرهاب، او يحيكوا في الليل ضدّك خطّة انقلاب.".

 

قال سهم بن كنانة: وسكت الخميس، وراح يغمسُ في طبق الفول خبز التميس، ولمّا وَجَدَ لذّتَه، صاح: اللهم احفظ الوالي وأدِمْ دولتَه، والله لولاه ما اهتدينا، ولا استمتعنا ولا اشتهينا، ولا تقلّبنا في النعيم، ولا رشفنا الشهدَ من شفاهِ الحريم، لقد اتخذناه على رؤوسنا تاجا، فالدينُ ما يرى ونحن ندخل فيه أفواجا، ولا يلومُ الجاميَّ على رصدِه، ويشكّك في فعله وقصدِه، إلا حزبيٌ خبيثُ الإحساس، او منحرفٌ من حركة حماس، او صاحبُ بدعةٍ من الإخوان، وكلُّهم للمجوس أعوان.

 

قال سهم بن كنانة: "رضي الله عن أبي إبراهيم وصحبِه، الذين ضربوا شرقَ العالم بغربِه، فأرسلوا على الكفّار الطوفان، من خير الرباط عسقلان، ففضحوا به الدنيا، واستشهدوا لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، وجعلوه من أجل الأقصى، فلستَ ترى فيما أتوا عِوَجاً ولا نقصا، فكأنما نزعوا عن الإسلام قيدَه، وأعادوا سيرةَ خالدٍ وأبي عبيدة، وهوما استفزَّ أعداءَ الدين، الذين يخافون عينَ جالوتَ أخرى او حطّين، فبادروا إلى تحريك شيوخ النفاق، ورأى الناس بأعينهم ما يفعل الارتزاق، فلولا اولي العزم والباس، من شيوخ القسّام وحماس، لظلَّ كثيرٌ يعتقدون أنَّ عثمان الخميس، كالشافعيِّ محمد بن إدريس، وأن عبد الرحمن السديس، كأبي شبل بن قيس، وأن صالح المغامسي، كابن قدامةَ المقدسي، وأن عادل الكلباني، كعبد القادر الجيلاني".

 

قال سهم بن كنانة: "ثم خرج الخميس، ليُثبتَ أن شيخَهم إمامُ الجواسيس، وانكشفت أسطورةُ العقيدة، عندما ارتقى في غزة ستونَ ألفَ شهيدٍ وشهيدة، فما حرّك المنتسبون زوراً إلى السلف، إلا لحاهم وهم يتقاتلون على العلف".

https://twitter.com/Ibnukenana/status/1918361231033045039