تكررت حوادث انفجار وتسريب خطوط الغاز في الفترة الأخيرة، بعدة مناطق كان آخرها حادث الإسماعلية وأبرزها في مدينة 6 أكتوبر، ما خلّف ضحايا وأثار حالة من القلق والفزع بين المواطنين.
القاسم المشترك بين هذه الحوادث، هو التقارب الزمني، فأغلب الوقائع حدثت خلال مدة قصيرة لا تزيد عن الـ5 أشهر، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول إجراءات السلامة المتبعة، ومسئولية الجهات المنفذة لأعمال الحفر والصيانة، وسط دعوات لضرورة مراجعة منظومة الأمان في إدارة شبكات الغاز.
كان آخر حوادث الغاز، في 31 أغسطس 2025، بمنطقة أبو سلطان بالإسماعيلية، حيث انفجر خط غاز أثناء أعمال صيانة روتينية، وأسفر الحادث عن وفاة عاملين وإصابة 6 آخرين من فرق الصيانة، بعدما تبيّن انفصال جزء ملحوم من الخط.
وسبق انفجار خط غاز الإسماعلية، حوادث أخرى ففي 30 إبريل 2025، وقع انفجار ضخم بخط الغاز في طريق الواحات بمدينة 6 أكتوبر نتيجة أعمال حفر غير منسقة، وأسفر الحادث عن مصرع 3 أشخاص وإصابة 13 آخرين، فضلًا عن اندلاع حرائق هائلة استمرت لساعات.
وبعد أسابيع قليلة، وتحديدًا في مايو 2025، شهدت المنطقة نفسها حادثًا مشابهًا، حيث أدى انفجار آخر إلى سقوط نحو 8 قتلى وعدد من المصابين، ما أثار تساؤلات حول غياب التنسيق والالتزام بمعايير السلامة أثناء تنفيذ أعمال التطوير.
اللوحات التحذيرية
الخبراء من جانبهم أرجعوا تكرار حوادث الغاز إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، في مقدمتها ضعف التنسيق بين شركات الغاز والمقاولين القائمين على أعمال الحفر أو المشروعات، مما يؤدي إلى كسر الخطوط أو الإضرار بها دون علم مسبق.
وأشار الخبراء إلى وجود قصور في الرقابة الميدانية وغياب اللوحات التحذيرية حول مسارات الشبكات، فضلًا عن تقادم البنية التحتية التي لم تخضع لعمليات تحديث وفحص دوري شامل.
وأكدوا أن هناك ثغرات واضحة في إجراءات الصيانة التي تجرى دون الالتزام الكامل ببروتوكولات الأمان أو باستخدام أدوات غير مطابقة للمواصفات، إلى جانب ضعف الوعي بخطورة هذه الشبكات لدى بعض العاملين في المعدات الثقيلة.
وحذر الخبراء من أن غياب المساءلة الرادعة بعد كل حادث يجعل الأخطاء مرشحة للتكرار، لتبقى أرواح المواطنين وممتلكاتهم مهددة بمزيد من المخاطر ما لم تُتخذ إجراءات أكثر صرامة وفاعلية.
للخرائط الرقمية
من جانبه قال الدكتور حسام عرفات، أستاذ البترول والتعدين بكلية الهندسة جامعة القاهرة ورئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية سابقا، إن السلامة والصحة المهنية، لها علاقة وثيقة بالعنصر البشري، مشيرا إلى أنه قد تكون الإمكانيات متاحة ولكن قد يكون هناك جهلا أو سوء استخدام من جانب العاملين بهذا القطاع .
وأضاف «عرفات» في تصريحات صحفية أن المقاولين يحرصون على الانتهاء من مهامهم دون النظر لاي اعتبارات تتعلق بالسلامة، كما أن بعضهم ينظر للخرائط الرقمية لخطوط الغاز باعتبارها شكليات.
وأشار إلى أن الرقابة أساسها العنصر البشري وهو ما يشمل المسؤولين سواء تنفيذيين، أو مراقبي الجودة في عدم اهتمامهم بالخرائط أو اتباعهم للعلامات الإرشادية وغياب الصيانة.
ولفت «عرفات» إلى أن غياب المحاسبة والإهمال وغياب الضمير وراء تكرار حوادث انفجار خطوط الغاز مطالبا بضرورة اجراء مراجعة جادة للوقوف على أسباب الكوارث وضمان عدم تكرارها .
سيستم إدارة الأزمات
وقال إيهاب منصور، نقيب مهندسي الجيزة السابق: إن "المأساة تتلخص في عدم تطبيق القانون، مشيرا إلى أن قانون العمل لا يفعل حيث توجد به لجنة بجميع المحافظات للسلامة والصحة المهنية متسائلا أين هذه اللجان ولماذا لا تقوم بعملها ؟".
وأضاف «منصور» -في تصريحات صحفية : منذ سنوات حدث حريق غاز في منطقة العمرانية -محل سكني-، مشيرا إلى أنه عندما حضر فنيو الغاز اكتشفنا أنهم لا يملكون خرائط لأماكن وجود الغاز .
وتساءل : أين الرقابة على ذلك مشددا على أننا بحاجة لمسؤولين لديهم من الضمير ما يجعل هناك رقابة دائمة، معربا عن أسفه لأنه لا يوجد لدينا سيستم واضح لإدارة الأزمات، وكذلك عدم وجود صيانة لخطوط الغاز، بالإضافة إلى عدم تدريب الفنيين .
وشدد «منصور» على أن المسئولية تقع على عاتق رئيس وزراء الانقلاب ووزير البترول الانقلابي مطالب بمحاسبتهما عن هذه الكوارث .