في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسليم .. الإخوان المسلمون: مع سلمية تأبى الاحتراب الأهلي

- ‎فيبيانات وتصريحات

أكدت جماعة الإخوان المسلمين أنها ترفض أي دوافع للاحتراب الأهلي كوسيلة يتمناها العدو الصهيوني لتدمير البلاد والعباد، متمسكين بسلمية أقوى من الرصاص وأن ذلك وفق شرع الله، متَّبِعة لهَدي النبي صلى الله عليه وسلم، تحافظ على لُحمة الأمة بكل قوة

وفي رسالة للإخوان المسلمين نشرها عبر موقع "إخوان أونلاين" ونشرتها منصات للمتابعين للأستاذ الدكتور محمود حسين القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام السابق للإخوان المسلمين قال:  "..إن حالة الاحتراب الداخلي التي يروِّج لها البعض، كأحد الحلول في مواجهة الطغيان المحلي، لا يدرك أصحابها أخطار الطريق الوعر وتبعاته، مع وضوح نهاياته المعلومة ونتائجه البينة، والتكاليف الباهظة التي يشهد التاريخ والواقع أنها تُهلك الحرث والنسل وتدمر بلادًا قد تحتاج إلى عشرات السنين حتى تنهض مرة أخرى، وتصنع حالة من الاحتراب الداخلي وتدمير مقدرات الأوطان، وهو أقصي ما يسعى إليه العدو الغاصب المتربص، وهو الطريق الذي يتمناه الصهاينة ومن يعاونونهم، ويسعون إليه بكل الوسائل..".

وشدد على أن منهجهم هو في ضوء حرص جماعة "الإخوان المسلمون" على الوقوف "على شرع الله، متَّبِعة لهَدي النبي صلى الله عليه وسلم، تحافظ على لُحمة الأمة بكل قوة، وتأبى أن تقع مكونات أقطارها وبلدانها في احتراب أهلي يكون صيدًا ثمينًا للأعداء ومدخلًا واسعًا لأظفارهم ومخالبهم".
 

ودعا "د.حسين" إلى تبصر أن "..الفارق واضح وجليٌّ بين مقاومة المحتلين دفاعًا عن الأوطان ودحر المعتدين، وبين إشعال وقود الحروب الأهلية تحت شعارات واهمة؛ فالأمة التي تدخل دائرة النار بالحروب الأهلية لن تخرج منها أبدًا قبل أن تحرق الأخضر واليابس، بينما الأعداء يقفون على مرمى البصر يشاهدون ويشجعون ويساعدون في تزكية الاحتراب الأهلي، ولا يهدأون حتى يروا دمار الأوطان وانهيارها وتفكيك مكوناتها؛ فيتحقق لهم ما أرادوا دون عناء أو خسائر!".

وعوضا على الرؤية من كتاب الله وسنة رسوله أشار إلى أن الواقع أيضا أثبت من سياق الأحداث "صحة المنهج الذي انتهجته الجماعة في وصول الأوطان الإسلامية إلى الغايات العليا، التي يرجوها كل مؤمن مخلص، ونشر الوعي بين الشعوب بالحكمة، وتجنيب الشعوب الإسلامية حالة الاقتتال الداخلي، وهو ما تجلى واضحًا في تعامل الجماعة السلمي مع الانقلاب الآثم في مصر، رغم الجرائم التي ارتكبها والدماء التي خاض فيها، والافتراءات والتلفيقات الباطلة التي يروِّج لها".

وأكد أنه "..ظل قادتها وشبابها وصفها بأجمعه متمسكين بتعاليم دينهم الحنيف ومنهجهم القويم القائم على رفض الاقتتال الداخلي،  رغم ما يلقونه من إيذاء واضطهاد من أنظمة الحكم الفاسدة على مر العصور، وعلى رأسهم سلطة الانقلاب الغاشمة التي لا تألُو جهدًا في التنكيل بالإخوان والتضييق عليهم؛ رغبةً في استدراجهم نحو مربع العنف وتسليح الثورة؛ ليجدوا مرتعًا ومتسعًا نحو تدمير البلاد والعباد، ولكن هيهات هيهات؛ فنحن نقدم أرواحنا فداءً لأمتنا وأوطاننا وشعوبنا".

وقال "إن منهج "الإخوان المسلمون" في رفض العنف والاقتتال الداخلي ليس نابعًا من ضعف أو تخاذل أو جُبن؛ فالقاصي والداني يعرف من هم الإخوان وكيف كان عطاؤهم في حربهم ضد الصهاينة المعتدين في فلسطين وفي مقاومة المحتل الإنجليزي في ربوع مصر، إلا أن الإخوان لن يصبحوا في يوم من الأيام معول هدم لأوطانهم، أو تعريض حياة الأبرياء للأذى أو الضرر، حتى وإنْ تحملوا ما لا يطيقه أحد في سبيل الحفاظ على الأوطان من الدمار والضياع".

وجدد "د.حسين" ما أعلنه فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" الدكتور "محمد بديع" بشكل واضح وقاطع ومن على منبر رابعة العزة منهج الإخوان في التعامل مع الأزمات الداخلية في الوطن الواحد عندما قال : "سلميتنا أقوى من الرصاص"..

واعتبر أن ذلك "يؤكد منهج الجماعة في الوقوف بوجه الظالمين والمستبدين بكل وسائل المقاومة السلمية، وهى كثيرة ومتنوعة، حفاظًا على دماء المصريين، وحقنًا لدماء أبناء الوطن أمام سلطة فاسدة، تتعطش للدماء وتعيث في الأرض فسادًا وتنكيلًا واعتقالًا وتضييقًا؛ سعيًا لإشعال نيران الفتنة  ودسِّ الفرقة وصُنع حالة من الاستقطاب بين أبناء المجتمع الواحد،  سواء أكان ذلك بوعي السلطة ذاتها؛ رغبة في إطالة الأمد والهروب من الفشل الشامل، مثل سلوك كل الطغاة، أو كان باختراق الأعداء لها وتشجيعهم لها.".

رسالة الإخوان

 

#الإخوان_المسلمون :مولد النبي صلى الله عليه وسلم: ميلاد أمة!

في بداية شهر #ربيع_الاول الذي نتعطر فيه بذكرى ميلاد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

نشرت جماعة الإخوان المسلمون في رسالتها : إن الاحتفال الحقيقي بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالكلمات والطقوس، بل بالعودة الصادقة إلى منهجه، منهج الوحدة والقوة، والعزة والكرامة، ونصرة المظلوم ومجابهة الظالم

 

نص الرسالة:

        الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين مبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين.

 

  في شهر ربيع الأول، وفي يوم الاثنين الثاني عشر منه، لم تكن الأرض على موعد مع ميلاد رجل عظيم فحسب، بل كانت على موعد مع ميلاد أمة بأكملها، أمةٌ كُتب لها أن تُغيّر وجه التاريخ. في ذلك اليوم، وفي قلب جزيرة العرب التي كانت تموج بالظلمات، أشرق نورٌ إلهي بدَّد عتمة الجاهلية، كانت الجزيرة حينها مسرحًا للفُرقة والشتات؛ قبائل متناحرة تمزقها العصبية، وتستعبدها الأصنام، وتغرق في بحر من الثارات والأحقاد.

 

        كان الإنسان فيها لا يرى أبعد من حدود قبيلته، ولا يسمع إلا صدى نسبه، فجاء ميلاده صلى الله عليه وسلم كالغيث الذي يحيي الأرض الميتة، وكالفجر الذي يبدد ليلًا طويلًا، قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ (آل عمران: 164).

 

        لقد كانت ولادته المباركة إيذانًا ببدء عهد جديد، عهد تُبنى فيه النفوس قبل أن تُبنى القصور. جاء ليضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وليحرر العقول من عبادة الحجر والبشر، ويوجهها لعبادة رب البشر؛ فجمع الله به تلك القلوب المتنافرة على كلمة التوحيد، وصهر تلك الإرادات المشتتة في بوتقة الأُخوَّة الإيمانية؛ فصاروا بنعمة الله إخوانًا، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ (آل عمران: 103). وبهذا التأليف الرباني، وبهذه الأُخوَّة الصادقة، بنى صلى الله عليه وسلم دولة الحق والعدل، دولة لم تقم على عصبية دم أو تراب، بل على أساس متين من العقيدة والتقوى، دولة قوية فتية، نشرت العدل والرحمة في ربوع الجزيرة، وجابهت إمبراطوريات الطغيان والظلم، وحملت مشعل الهداية إلى العالمين.

 

        ولكن ما أبعد اليوم عن الأمس! لقد ضيعت الأمة بوصلتها يوم أن تخلت عن ميراث نبيها؛ تلك الوحدة التي كانت سر قوتها، وذلك الإيمان الذي كان وقود عزتها، تبددت في غفلة منها؛ فضعفت الأمة وتشرذمت، وعادت إلى التفرق البغيض والتحزُّب المريب، والولاء لغير الله ورسوله؛ فتكالب عليها أعداؤها كما تتكالب الأَكَلَة على قصعتها؛ مصداقًا لقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

 

        إن ما نشهده اليوم في غزة لهو أصدق تعبير عن هذا الوهن وذلك التيه، من قتل للأطفال والنساء والشيوخ وتجويع الناس في مشهد مخزٍ، دون أن تجد من أمة المليارين إلا صمتًا أو بيانات باهتة.

 

إن خذلان غزة ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل هو مرآة تعكس عمق الهُوَّة التي سقط فيها الكثيرون، وهو شهادة على موت الضمير، وغياب النخوة لديهم، وانقطاع حبل الأُخوَّة الذي أمرنا الله بالاعتصام به؛ إذ كيف يمكن لأمة تحتفي بميلاد نبي الرحمة أن تشاهد إبادة جزء من جسدها دون أن يرفَّ لها جفن؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه مسلم. فما أبعد الكثير منا عن هذا المعنى اليوم!

 

        إن الاحتفال الحقيقي بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالكلمات والطقوس، بل بالعودة الصادقة إلى منهجه، منهج الوحدة والقوة، والعزة والكرامة، ونصرة المظلوم ومجابهة الظالم؛ فلتكن هذه الذكرى المباركة نداءً يوقظ الغافلين من سباتهم، وصرخة حق تعيدنا إلى رشدنا؛ لنجدد العهد على السير على خطاه، واستلهام سيرته في بناء أمة عزيزة قوية، تليق بأن تكون {خير أمة أخرجت للناس}.

 

 📌غزة والمقاومة: خط الدفاع الأول

 

        لقد أراد الله لأمتنا أن تكون أمة واحدة تتكافأ دماء أبنائها وتتوحد وجهتهم، يستعصمون بكتاب ربهم ويسيرون خلف نبيهم الخاتم يقتفون أثره ويتبعون سننه ويترسمون طريقه، تتوحد مشاعرهم وهم يد على من عاداهم، فإنْ تفرقوا بعد وحدة وانفضوا عن منهجهم بعد اعتصام؛ فهم أمام خطر عظيم يتربص بهم.

 

        إن التصريحات التي رددها مجرم الحرب نتنياهو التي تكلم فيها عن أحلامه الموهومة ومساعيه الباغية وأطماعه في تأسيس دولة مزعومة من النيل إلى الفرات – تهدد وجود عدة دول عربية ووحدتها، من بينها صراحة مصر والأردن وسوريا ولبنان – إنما هي نتيجة حتمية لخذلان غزة وتغوُّل العدو؛ بسبب حالة الفُرقة التي تشهدها الأمة، ومؤشر على التنازع بين مكوناتها وافتقاد البوصلة التي ينبغي أن تتوجه إلى العدو، بدلًا عن الانطلاق من نظرات إقليمية قاصرة لا تراعي الأمن القومي العربي والإسلامي، ولا تدرك طبيعة التحديات التي تستهدف الأمة كلها بكل بلدانها وكافة أقطارها لا تفرق بين بلد وآخر.

 

                 إن هذه التصريحات الإجرامية إنما هي جرس إنذار للأمة كلها؛ كي تستجمع قواها وترتب أوراقها، وتدرك الأخطار والأطماع التي تحيط بها، وإننا على يقين بأن أمتنا وإنْ كانت تمرض لكنها تتعافى، وأن مثل تلك التصريحات التي يتفوّه بها مجرم الحرب ستجعلها الشعوب تحت أقدامها، وقد أكدنا ومازلنا نؤكد أن مصر، بحول الله تعالى، ثم بإصرار شعبها الأبي وقواها الحية، وفي مقدمتها جماعة "الإخوان المسلمون" لن تكون لقمة سائغة لشُذاذ الآفاق ومحترفي الإجرام، وسيبذل أبناؤها الأرواح والمُهج؛ حفاظًا على مقدراتها، ودفاعًا عن حياضها وحبات ترابها ورمالها.

 

        إننا نؤكد وبكل قوة أن المقاومة في غزة إنما هي خط الدفاع الأول عن كل ما يحيطها من أقطار، وأن التخلي عنها وتركها لقمة سائغة للعدو هو بمثابة نقطة الانطلاق نحو الهدف القادم؛ حيث لن يأبه العدو إن كان هذا الهدف في القاهرة أو عمان ودمشق وبيروت، أو حتى في قلب مقدساتنا في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

 

        إن الدفاع عن الشعب الفلسطيني ليس منطلقًا إنسانيًّا فحسب، وإنما هو إدراك للأخطار وتمترس بالأمة وحماية لأمنها القومي الذي يتعرض اليوم في الأرض المباركة إلى تحديات جسام، وأخطار لن تنجلي إلا بصحوة صادقة ووحدة راسخة وبنيان متين، يقوى على مجابهة الباطل الذي اجتمع من كل حدب وصوب؛ ليرمي الأمة عن قوس واحدة.

 

        ولسنا هنا بصدد المبالغة أو الانحياز عندما نؤكد أن مصر في مقدمة الأهداف لهذا المشروع الصهيوني الغادر، والتي تقف حجر عثرة أمام أطماعهم؛ ولهذا فقد استهدفوا أمنها وأحاطوا بها من كل الجهات، ففي الجنوب تتصاعد الأحداث مستهدفة تفكيك السودان وتجويع أهله، وإطالة أمد المواجهات على أرضه وتشتيت شعبه، وهو ما يستوجب انحيازًا كاملًا للسودان؛ حماية ورعاية وتعزيز لوحدة مكوناته ودفاعًا؛ ليخرج من هذه الكبوة وتلك الأزمة.

 

📌 وفي الجنوب أيضًا حيث يتم العبث بمصير مصر المائي باستكمال سد النهضة الأثيوبي دون تحرك حقيقي يحافظ على أمن مصر المائي ووجودها اﻵمن، وفي الغرب حيث يتم حماية نظام عسكري مستبد على حدود مصر في شرق ليبيا، أما في حدود مصر الشرقية فحدث ولا حرج حيث بات الاحتلال على مرمى حجر من حدود مصر يقف على المعبر، رغم امتلاك مصر لأوراق دبلوماسية وسياسية بإمكانها أن توقف هذه المهازل وتعرقل هذا التغول وتردع هذه الأطماع، بل إن الخطر الأكبر يتجلى في الانحدار نحو العدو  من خلال  اتفاقات وعقود جديدة مشبوهة مع الاحتلال في توريد الغاز لمدد طويلة؛ لتبقى مصانعنا ومصائرنا ورقابنا تحت أيدي الاحتلال بشكل مباشر.

 

        إن وحدة المصير للعرب والمسلمين ليست شعارات تُرفع أو عبارات تُقال، ولكنها حقائق التاريخ ووقائع الحاضر، ومن قبل ذلك فهي تكليف إلهي حيث أمرنا سبحانه وتعالى بالوحدة والاعتصام بحبله المتين، يقول تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [ آل عمران: 103].

 

 📌سلمية تأبى الاحتراب الأهلي

 

        إن جماعة "الإخوان المسلمون" كانت وما زالت تحرص أن تكون وقَّافة على شرع الله، متَّبِعة لهَدي النبي صلى الله عليه وسلم، تحافظ على لُحمة الأمة بكل قوة، وتأبى أن تقع مكونات أقطارها وبلدانها في احتراب أهلي يكون صيدًا ثمينًا للأعداء ومدخلًا واسعًا لأظفارهم ومخالبهم.

 

        لقد أثبتت الأحداث صحة المنهج الذي انتهجته الجماعة في وصول الأوطان الإسلامية إلى الغايات العليا، التي يرجوها كل مؤمن مخلص، ونشر الوعي بين الشعوب بالحكمة، وتجنيب الشعوب الإسلامية حالة الاقتتال الداخلي، وهو ما تجلى واضحًا في تعامل الجماعة السلمي مع الانقلاب الآثم في مصر، رغم الجرائم التي ارتكبها والدماء التي خاض فيها، والافتراءات والتلفيقات الباطلة التي يروِّج لها، وظل قادتها وشبابها وصفها بأجمعه متمسكين بتعاليم دينهم الحنيف ومنهجهم القويم القائم على رفض الاقتتال الداخلي،  رغم ما يلقونه من إيذاء واضطهاد من أنظمة الحكم الفاسدة على مر العصور، وعلى رأسهم سلطة الانقلاب الغاشمة التي لا تألُو جهدًا في التنكيل بالإخوان والتضييق عليهم؛ رغبةً في استدراجهم نحو مربع العنف وتسليح الثورة؛ ليجدوا مرتعًا ومتسعًا نحو تدمير البلاد والعباد، ولكن هيهات هيهات؛ فنحن نقدم أرواحنا فداءً لأمتنا وأوطاننا وشعوبنا.

 

        إن منهج "الإخوان المسلمون" في رفض العنف والاقتتال الداخلي ليس نابعًا من ضعف أو تخاذل أو جُبن؛ فالقاصي والداني يعرف من هم الإخوان وكيف كان عطاؤهم في حربهم ضد الصهاينة المعتدين في فلسطين وفي مقاومة المحتل الإنجليزي في ربوع مصر، إلا أن الإخوان لن يصبحوا في يوم من الأيام معول هدم لأوطانهم، أو تعريض حياة الأبرياء للأذى أو الضرر، حتى وإنْ تحملوا ما لا يطيقه أحد في سبيل الحفاظ على الأوطان من الدمار والضياع.

 

        لقد أعلن فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" الدكتور "محمد بديع" بشكل واضح وقاطع ومن على منبر رابعة العزة منهج الإخوان في التعامل مع الأزمات الداخلية في الوطن الواحد عندما قال : "سلميتنا أقوى من الرصاص"  ليؤكد منهج الجماعة في الوقوف بوجه الظالمين والمستبدين بكل وسائل المقاومة السلمية، وهى كثيرة ومتنوعة، حفاظًا على دماء المصريين، وحقنًا لدماء أبناء الوطن أمام سلطة فاسدة، تتعطش للدماء وتعيث في الأرض فسادًا وتنكيلًا واعتقالًا وتضييقًا؛ سعيًا لإشعال نيران الفتنة  ودسِّ الفرقة وصُنع حالة من الاستقطاب بين أبناء المجتمع الواحد،  سواء أكان ذلك بوعي السلطة ذاتها؛ رغبة في إطالة الأمد والهروب من الفشل الشامل، مثل سلوك كل الطغاة، أو كان باختراق الأعداء لها وتشجيعهم لها.

 

        إن حالة الاحتراب الداخلي التي يروِّج لها البعض، كأحد الحلول في مواجهة الطغيان المحلي، لا يدرك أصحابها أخطار الطريق الوعر وتبعاته، مع وضوح نهاياته المعلومة ونتائجه البينة، والتكاليف الباهظة التي يشهد التاريخ والواقع أنها تهلك الحرث والنسل وتدمر بلادًا قد تحتاج إلى عشرات السنين حتى تنهض مرة أخرى، وتصنع حالة من الاحتراب الداخلي وتدمير مقدرات الأوطان، وهو أقصي ما يسعى إليه العدو الغاصب المتربص، وهو الطريق الذي يتمناه الصهاينة ومن يعاونونهم، ويسعون إليه بكل الوسائل.

 

        إن الفارق واضح وجليٌّ بين مقاومة المحتلين دفاعًا عن الأوطان ودحر المعتدين، وبين إشعال وقود الحروب الأهلية تحت شعارات واهمة؛ فالأمة التي تدخل دائرة النار بالحروب الأهلية لن تخرج منها أبدًا قبل أن تحرق الأخضر واليابس، بينما الأعداء يقفون على مرمى البصر يشاهدون ويشجعون ويساعدون في تزكية الاحتراب الأهلي، ولا يهدأون حتى يروا دمار الأوطان وانهيارها وتفكيك مكوناتها؛ فيتحقق لهم ما أرادوا دون عناء أو خسائر!

 

 واللهُ أكبرُ وللهِ الحمد

 

أ. د. محمود حسين

القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة #الإخوان_المسلمون

السبت 29 صفر 1447 هجرية – الموافق 23 أغسطس 2025م

https://x.com/morabetoooon/status/1960307993523749321