بعد اتفاق العار… السيسي يهدر 100 مليون دولار لكسب ولاء دول الحوض الجنوبي

- ‎فيتقارير

يحاول نظام  المنقلب عبد الفتاح السيسي تعويض خسارته المدوية في ملف سد النهضة عبر فتح قنوات تعاون واسعة مع دول حوض النيل الجنوبي، باستثناءإثيوبيا، معلناً تخصيص 100 مليون دولار لمشروعات مائية وتنموية، بينها إنشاء سدود ومحطات رفع وحفر آبار.

هذه الخطوة تأتي بعد توقيع السيسي"اتفاق المبادئ" عام 2015، الذي اعتبره خبراء "تنازلاً استراتيجياً" منح أديس أبابا الضوء الأخضر للمضي في بناء وملء السد دون التزام باتفاق ملزم، مما فاقم أزمة المياه في مصر، التي تواجه فجوة مائية تتجاوز 54 مليار متر مكعب سنوياً.

ورغم الترويج الرسمي لهذه المشروعات كدليل على تعزيز النفوذ المصري في أفريقيا، يرى محللون أنها محاولة مكلفة – وربما عقيمة – لشراء التأييد السياسي من دول الحوض، بينما يظل الخطر الرئيسي ماثلاً في إثيوبيا، التي تمضي قدماً في تشغيل أكبر سدود القارة، مهددة أمن مصر المائي والغذائي.

وبعد أن شرعن توقيعه على "اتفاق المبادئ" بناء سد النهضة، الذي منح إثيوبيا الضوء الأخضر لحرمان مصر من شريان حياتها، يحاول عبد الفتاح السيسي الآن تغطية خيانته التاريخية بإلقاء أموال المصريين في مشروعات تنموية وسدود بدول حوض النيل الجنوبي، على أمل استرضائها سياسياً في مواجهة أديس أبابا.

 

100 مليون دولار من الخزانة المصرية ذهبت لبناء آبار ومحطات رفع ومشروعات مقاومة الفيضانات ومراكز للتنبؤ بالأمطار، بل وتمويل مشروع سد جديد في الكونغو، بينما يعاني الفلاح المصري من غرامات قاسية وحظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، في وقت تعاني فيه البلاد من عجز مائي يفوق 50 مليار متر مكعب سنوياً.

 

هذه التحركات، التي يروج لها النظام كـ"تعزيز للتعاون الإقليمي"، يراها خصومه محاولة بائسة لغسل سمعة السيسي في ملف النيل، بعدما تسبب توقيعه في تمكين إثيوبيا من ملء وتشغيل أكبر سد في أفريقيا دون اتفاق ملزم، مهدداً الأمن المائي والغذائي لمئة مليون مصري.

 

ومع استمرار أديس أبابا في سياساتها المائية المتعنتة، يطرح سؤال نفسه: هل يحاول السيسي شراء صمت دول الحوض بأموال المصريين، بينما يظل النيل الأزرق رهينة لإرادة إثيوبيا؟ أم أن هذه "الهدايا" ما هي إلا شهادة جديدة على أن اتفاق المبادئ لم يكن سوى صفقة سياسية على حساب حاضر ومستقبل مصر المائي؟

في خطوة يرى مراقبون أنها محاولة لتجميل صورة النظام بعد خيانته في ملف سد النهضة، أعلن نظام عبد الفتاح السيسي تخصيص 100 مليون دولار لتمويل مشروعات تنموية وبنى تحتية — تشمل إنشاء سدود ومحطات مياه — في دول حوض النيل الجنوبي، باستثناء إثيوبيا، التي منحها السيسي شرعية بناء السد عبر توقيع "اتفاق المبادئ" عام 2015.

 

وكان وزير الخارجية بدر عبد العاطي ووزير الموارد المائية والري هاني سويلم بحكومة الانقلاب قد  أكدا، خلال اجتماع مشترك، أن التمويل المصري سيُوجه لمشروعات في جنوب السودان، وكينيا، والكونغو الديمقراطية، وأوغندا، وتنزانيا، والسودان، بهدف "تعزيز التعاون وتحقيق المنفعة المشتركة". وتشمل المشروعات إنشاء مئات الآبار ومحطات الرفع، ومراكز للتنبؤ بالأمطار، ومشروعات لمقاومة الحشائش المائية والحماية من الفيضانات، إضافة إلى مشروع سد"مابانكانا" لتوليد الكهرباء في الكونغو.

 

هذا السخاء المالي يأتي في وقت تواجه فيه مصر أزمة مائية خانقة، إذ لا تتجاوز مواردها السنوية 60 مليار متر مكعب، مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب، في ظل إتمام إثيوبيا عمليات ملء سد النهضة ورفضها الالتزام باتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيله. الأزمة دفعت الحكومة المصرية لفرض قيود صارمة على الزراعة وفرض غرامات على المزارعين، بينما تذهب ملايين الدولارات لدول الحوض الأخرى في إطار ما يراه محللون "شراء ولاءات سياسية لا تعوض خسارة النيل الأزرق".

 

ويرى خبراء أن هذه السياسة تمثل اعترافاً ضمنياً بفشل النظام في إدارة ملف السد، وأنه يسعى لخلق تحالفات بديلة مع دول المنبع الأخرى لتعويض الانفراد الإثيوبي بالتحكم في النيل، لكنهم يشككون في جدوى هذه التحركات، خاصة أن أمن مصر المائي يظل رهيناً بمصير سد النهضة الذي بات أمراً واقعاً بفعل توقيع "اتفاق المبادئ".