ممدوح الولي يكتب : استثمارات ابن سلمان بأمريكا غير واقعية لعجز الميزانية السعودية

- ‎فيمقالات


أكد الكاتب الصحفي ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق، أن إعلان ولي العهد السعودي عن اعتزام بلاده رفع قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار  يثير عدة تساؤلات حول جدية هذه الخطوة وإمكانية تحققها، في ظل تحديات اقتصادية متعددة تواجهها المملكة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

اقتصاد يعتمد على النفط وأسعاره المتذبذبة
وأكد الولي أنه لا تزال الصادرات النفطية تمثل العمود الفقري لاقتصاد السعودية، حيث شكّلت المنتجات النفطية 73.5% من إجمالي الصادرات في العام الماضي، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، ومع انخفاض أسعار النفط الفترة الأخيرة، تراجعت قيمة الصادرات السلعية السعودية، ما انعكس سلباً على الفوائض التجارية، وبالتالي على الميزان الكلي للمدفوعات.

وتابع الولي قائلا: "ورغم أن السعودية لا تزال ثاني أكبر مصدر للنفط الخام عالمياً، إلا أن الاعتماد المفرط على عوائد النفط يجعل اقتصادها هشاً أمام تقلبات السوق العالمية، مما يضعف القدرة على تمويل استثمارات خارجية ضخمة".

عجز في ميزان المدفوعات والموازنة
أظهرت بيانات البنك المركزي السعودي تسجيل عجز في ميزان المدفوعات العام الماضي بلغ 49 مليار دولار، نتيجة تجاوز المدفوعات الخارجية (521 مليار دولار) للموارد (473 مليار دولار).

 ويعود ذلك جزئياً إلى تراجع عوائد النفط، إضافة إلى ارتفاع النفقات على الاستيراد والخدمات، وتحويلات العمالة الأجنبية، والمعونات الحكومية الخارجية.

وشدد على أن الموازنة السعودية تعاني عجزا مزمنا، لم يتم كبحه سوى مرة واحدة خلال العقد الأخير (في 2022)، في حين تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى استمرار العجز حتى عام 2030، مع حاجة الموازنة إلى سعر برميل يبلغ 92 دولاراً لتحقيق التعادل، بينما يتوقع أن يكون متوسط السعر هذا العام 66.9 دولارا فقط.

استثمارات خارجية محدودة

وقال: إنه "على مدى العقد الأخير، لم تتجاوز قيمة الاستثمارات السعودية المباشرة إلى الخارج 134 مليار دولار، أي بمتوسط سنوي لا يتعدى 13.4 مليار دولار لجميع الدول، ومنها السوق الأمريكية".

 وتشير بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي إلى أن الاستثمارات السعودية المباشرة في الولايات المتحدة تراوحت بين 6.3 و7.5 مليارات دولار سنوياً خلال الفترة 2020-2023.

وعلى الرغم من أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يمتلك أصولاً تقارب تريليون دولار، إلا أن نسبة كبيرة منها محلية، كما يتبع الصندوق سياسة تنويع استثماراته دولياً، ولا يُتوقع أن يركز معظم أمواله في السوق الأمريكية وحدها.

مذكرات تفاهم لا اتفاقات مُلزمة

غالبية الإعلانات الاستثمارية السعودية، سواء في الولايات المتحدة أو غيرها، تكون في شكل مذكرات تفاهم غير ملزمة، مما يجعلها عرضة للتنفيذ أو الإلغاء.
 وقد سبق للسعودية أن أعلنت عن استثمارات كبرى خلال مؤتمرات في مصر وفعاليات اقتصادية مختلفة، دون أن تتحول تلك الوعود إلى مشاريع ملموسة.

خلاصة

تبدو الأرقام المعلنة بشأن نية السعودية استثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة بعيدة المنال في ظل الواقع الاقتصادي الحالي، الذي يتسم بانخفاض أسعار النفط، وتراجع الفوائض، واستمرار العجز المالي، وضعف وتيرة الاستثمارات المباشرة الخارجة.
 ويبدو أن هذه التصريحات تحمل بعداً سياسياً أكثر من كونها خطة اقتصادية قابلة للتحقق في الأجل القريب.