بعدما فرّط نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي في ثروات مصر من الغاز الطبيعي في شرق المتوسط لصالح إسرائيل واليونان، عبر اتفاقيات ترسيم حدود مثيرة للجدل، وجد نفسه اليوم يواجه أزمة طاقة خانقة، جعلته يدور في حلقة مفرغة من الاستجداء، تارة لإسرائيل وأخرى لقطر، لتأمين الحد الأدنى من احتياجات البلاد من الغاز. إسرائيل ترفع السعر... ومصر تحت الضغط رغم الحديث المتزايد عن التحرر من الغاز الإسرائيلي، تؤكد الأرقام عكس ذلك، إذ ارتفعت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي إلى مستويات قياسية بلغت 1.08 مليار قدم مكعبة يومياً في إبريل/نيسان 2024، وفق منصة الطاقة "ميس"، وتطالب تل أبيب برفع سعر المليون وحدة حرارية إلى 9.4 دولارات، رغم أن السوق العالمي يتراوح بين 4 و5 دولارات، ما يضع القاهرة في موقف تفاوضي ضعيف، يعكس اعتمادها المتزايد على خصم سياسي يستخدم الغاز كورقة ضغط. البحث عن بدائل قطرية وقبرصية... لكن بشروط وسط هذه الأزمة، سارعت مصر إلى طرق أبواب بديلة، على رأسها قطر، حيث أعلنت وزارة البترول أنها تسعى لتوقيع عقود طويلة الأجل مع الدوحة لتأمين الغاز قبل ذروة الطلب الصيفي. كما وُقّعت اتفاقية مع قبرص لاستيراد الغاز من حقلي كرونوس وأفروديت، لكن تلك الخيارات تأتي بعد أن فقدت مصر نفوذها الإقليمي في ملف الغاز، وخرجت من معادلة السيطرة على شرق المتوسط، لصالح تكتلات إقليمية عززتها تل أبيب وأثينا. بنية تحتية طارئة... وغاز مسال مستورد في محاولة لتدارك النقص، وقّعت مصر اتفاقيات لاستئجار أربع وحدات عائمة لتخزين وتحويل الغاز المسال (FSRU)، من بينها وحدة ألمانية بسعة 174 ألف متر مكعب، وتخطط الحكومة لتشغيل هذه الوحدات لتلبية الطلب في الصيف، بعد أن تراجع إنتاج الغاز المحلي بفعل سوء التخطيط، ونقص الاستثمارات الأجنبية. من مركز إقليمي إلى مستورد دائم قبل سنوات، روّج النظام المصري لرؤية طموحة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتسييل الغاز، لكن ما حدث فعلياً هو العكس، تفريط في حقوق الغاز في البحر المتوسط، ثم اعتماد شبه كامل على الاستيراد، ما يحوّل مصر من دولة منتجة إلى مستهلك تابع لشروط الموردين، وفي مقدمتهم إسرائيل.