في خطوة أثارت جدلاً واسعًا بين حقوقيين وناشطين، قررت نيابة أمن الدولة العليا بنظام الانقلاب العسكرى في مصر ، أمس السبت، حبس 52 مواطنًا، بينهم فتاة وأربعة شباب من المسيحيين، لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، بعد ظهورهم لأول مرة عقب فترات متفاوتة من الإخفاء القسري، بتهمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين.
اتهام مسيحيين بالانضمام إلى الإخوان
وتضمّن قرار الحبس أسماء أربعة مسيحيين هم: آندرو عصمت سمير، جرجس يوسف مسعود، كامل أنور ميخائيل، ومينا عربان جندي، إلى جانب فتاة تُدعى نورهان محمد محسن، ما اعتبره حقوقيون دليلاً على فبركة الاتهامات، وتأكيدًا على استخدام القضاء كأداة للبطش الأمني، دون أي اعتبار للمنطق أو الانتماء الديني.
واعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تمثل تطورًا مقلقًا في سياسة التوسع في القمع، مشيرين إلى أن النظام لم يعد يفرق بين الخلفيات السياسية أو الدينية للمواطنين، بل بات يوظف تهمًا نمطية لإسكات أي صوت قد يُشتبه في معارضته.
اتهامات مكررة في قضايا الرأي
وأسندت النيابة إلى المحتجزين اتهامات متكررة تتعلق بقضايا الرأي، من بينها: "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"بث أخبار كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، و"التحريض على العنف"، و"التمويل". وهي تهم وصفتها منظمات حقوقية مثل "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" بأنها "فضفاضة تُستخدم لتقنين القمع"، في ظل غياب أي أدلة ملموسة.
غياب الضمانات القانونية
وبحسب مصادر حقوقية، فإن جميع المحتجزين حُرموا من التواصل الفعّال مع محامين خلال جلسات التحقيق الأولى، ما يثير شكوكًا جدية حول عدالة الإجراءات وضمانات الدفاع المكفولة قانونًا. كما تقدمت أسر الضحايا ببلاغات رسمية للنائب العام، فور اختفائهم، تطالب بالكشف عن أماكن احتجازهم، لكنها قوبلت بتجاهل تام.
ويشكل ذلك خرقًا صريحًا للمادة 54 من الدستور المصري، التي تنص على حق المحتجز في التواصل مع محاميه وأسرته خلال 24 ساعة من القبض عليه، إضافة إلى مخالفة التزامات مصر الدولية التي تجرم الإخفاء القسري.
أسماء المحتجزين
وشملت قائمة المحتجزين أسماء معروفة في الأوساط الشبابية والاجتماعية، مثل: أحمد عبد الباقي التوني، إسلام محمد السيد، محمد أبو بكر رشوان، محمود رزق السيد، وغيرهم، ما يعكس الطابع العشوائي لهذه الحملات الأمنية.
قمع متصاعد في عهد السيسي
وتأتي هذه التطورات في وقت تتسارع فيه وتيرة الانتهاكات الحقوقية في مصر، وسط اتهامات للنظام بقيادة عبد الفتاح السيسي بأنه بات "أكثر أنظمة العالم عداءً للحريات"، وفق تقارير لمنظمات دولية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية".
وبينما تروج الحكومة لصورة "الاستقرار" و"محاربة الإرهاب"، يرى منتقدون أن الاتهامات الموجهة للمسيحيين بالانتماء للإخوان تُظهر بوضوح الانهيار الكامل لمنطق العدالة، وتحول الأجهزة القضائية والأمنية إلى أدوات سياسية بحتة.