في مشهد يعكس الوجه القمعي لنظام المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي، قررت محكمة جنايات القاهرة، ، استمرار حبس المحامية والحقوقية البارزة هدى عبد المنعم، رغم حضورها جلسة المحاكمة وهي على سرير طبي داخل سيارة إسعاف بسبب تدهور حالتها الصحية، لتؤكد السلطات من جديد إصرارها على الانتقام من كل من ارتبط يوماً بثورة يناير أو بالرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي..
تدوير بلا سند.. وانتهاك صارخ للقانون
وبعد أن أنهت هدى عبد المنعم عقوبة سجن استمرت خمس سنوات في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، أعادت السلطات تدويرها في قضيتين جديدتين بالتهم ذاتها: الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها. وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن هذا التدوير يمثل انتهاكاً صريحاً لمبدأ "حجية الأحكام"، ويكشف عن نمط مفضوح في إدارة العدالة يعتمد على الانتقام السياسي أكثر من سيادة القانون.
زوجها ومحاميها، خالد بدوي، أوضح أن لا صلة لزوجته بأي من المتهمين الآخرين، ولم يتم سؤال أي منهم عنها، مؤكداً أن وضعها القانوني مطابق لحالات أُخلي سبيلها سابقاً، مثل علا القرضاوي، إلا أن المحكمة رفضت جميع طلبات الإفراج رغم التدهور الشديد في حالتها الصحية.
قائمة طويلة من الأمراض.. وسجن يرفض العلاج
تُعاني المحامية السبعينية من جلطات رئوية مزمنة، وذبحة صدرية، وتوقف كامل في إحدى كليتيها، وضيق في الشريان المغذي للمخ، إضافة إلى التهابات حادة وارتفاع ضغط الدم، بحسب تقارير طبية رسمية. وبرغم صدور قرار من النيابة العامة بعرضها على مستشفى السجن في نوفمبر 2023، رفضت إدارة سجن العاشر من رمضان تنفيذ القرار، في انتهاك فج للحد الأدنى من المعايير الإنسانية.
تقاعس رسمي.. وصمت مجالس المرأة وحقوق الإنسان
ورغم أن هدى عبد المنعم تُعد من أوائل المحاميات الحقوقيات في مصر، وسبق أن شغلت عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن المجلس لم يصدر أي بيان أو موقف يطالب بإطلاق سراحها أو يدافع عن حقها في العلاج، بل اكتفى بالصمت المطبق، في مشهد يعكس تبعية هذه المؤسسة للسلطة التنفيذية. الأمر نفسه ينطبق على المجلس القومي للمرأة، الذي تجاهل تمامًا قضية احتجاز سيدة مسنة مريضة لمجرد أنها محسوبة على نظام سياسي سابق، في استخفاف واضح بشعارات الدفاع عن النساء وحقوقهن.
اعتقال منذ 2018.. ومسار عدالة مُفرغ من مضمونه
ألقي القبض على هدى عبد المنعم من منزلها في 2018، وظلت في الحبس الاحتياطي أكثر من أربع سنوات، بالمخالفة للقانون، قبل أن تُدان في قضية تم تلفيقها، ثم تُعاد محاكمتها مرتين لاحقًا في القضايا ذاتها. وبينما يُفترض أن القضاء وسيلة لإنصاف المظلوم، تحوّل في عهد السيسي إلى أداة قمع في يد أجهزة الأمن، تستخدمه لتصفية الخصوم السياسيين والمعارضين الحقوقيين.
شهادة زوجها: "حسبنا الله ونعم الوكيل"
من داخل قاعة المحكمة، قال زوجها خالد بدوي: "حتى السلام عليها كان من بعيد.. لم يسمحوا لنا بلقائها أو الحديث معها"، قبل أن يضيف: "حسبنا الله ونعم الوكيل، ليس لنا من الأمر شيء".