في ظل تصاعد الغضب المهني والشعبي، واتهامات باستغلال العدالة كمصدر تمويل للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، تخوض نقابة المحامين مواجهة شرسة مع السلطة القضائية على خلفية فرض رسوم جديدة تحت مسمى "الميكنة"، معتبرة إياها محاولة حكومية غير مشروعة لجباية الأموال من المواطنين على أبواب المحاكم.
شطب الدعاوى.. سلاح السلطة في مواجهة الإضراب
كشف نقيب المحامين، عبد الحليم علام، أن بعض دوائر محاكم الاستئناف لجأت إلى شطب القضايا المنظورة أمامها، في خطوة اعتبرها عقابية بسبب إعلان النقابة إضرابًا جزئيًا احتجاجًا على الرسوم الجديدة. وأكد علام أن تلك الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا لحق دستوري أصيل، وتعديًا على المواثيق الدولية التي تكفل للنقابات حق تنظيم الإضرابات السلمية.
وأوضح أن نسبة الالتزام بالإضراب تجاوزت 95%، لافتًا إلى أن النقابة ستقاضي الدوائر التي تجاهلت الإضراب، عبر رفع دعاوى "مخاصمة" تطالب ببطلان أحكامها وتعويض المتضررين.
النقابة: الرسوم تمس المواطن لا المحامي
عضو مجلس النقابة، ربيع الملواني، شدد على أن الأزمة لا تمس المحامين وحدهم، بل تطال المتقاضين بشكل مباشر، كون الرسوم الجديدة تضيف أعباءً غير مبررة على من يسعى للعدالة. وقال: "الدولة تحاول تحميل المواطن ثمن عجزها عبر القضاء، ونحن نرفض أن تُحوّل المحاكم إلى بوابات جباية".
وأضاف أن بعض دوائر شمال القاهرة تعاملت مع الإضراب بعقوبات جماعية، كالشطب أو تجاهل حضور الدفاع، في حين استجابت دوائر أخرى، خاصة في الجنايات، وأجلت الجلسات احترامًا لقرار النقابة.
"رسوم الحوافظ".. بداية الأزمة واتهامات بالجباية
بدأت الأزمة بقرار من رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار محمد نصر سيد، يقضي بفرض رسم جديد قدره 33 جنيهًا على كل ورقة تحت مسمى "مراجعة الحوافظ"، بالإضافة إلى زيادات مبالغ فيها في رسوم إصدار الشهادات والصيغ التنفيذية، ما رفع تكلفة التقاضي إلى مستويات غير مسبوقة.
في 8 مارس، أعلنت النقابة العامة رفضها لتلك الرسوم، واعتبرتها مخالفة للمشروعية الدستورية، متهمة السلطة القضائية بعدم إجراء حوار مجتمعي قبل إصدارها، رغم أن المحامين شركاء أصيلون في منظومة العدالة.
خطة تصعيد تشمل القضاء والدولة
النقابة أكدت أنها ماضية في خطواتها التصعيدية، وتشمل رفع دعاوى ضد القضاة الذين تجاهلوا قرارات الإضراب، ووقف جميع أشكال التعاون مع خزائن المحاكم، وصولًا إلى التلويح بعقد جمعية عمومية طارئة للنقابة قد تشهد حضور نصف مليون محامٍ في مقرها بوسط القاهرة، في مشهد وصفه الملواني بأنه سيكون "غير مألوف ولا يمكن تدارك عواقبه".
كما أعلنت النقابة توقيع عقوبات إنذار على 61 محاميًا لم يلتزموا بقرار وقف سداد الرسوم، وشددت على أن أي تكرار للمخالفة سيُقابل بإجراءات تأديبية.
نقابة المحامين: العدالة ليست للبيع
بلهجة صارمة، وصفت النقابة الأزمة بأنها "أمر جلل" يمس المجتمع المصري بأكمله، مؤكدة أن العدالة لا يجب أن تتحول إلى سلعة، وأنها لن تقبل بتحميل المواطن فاتورة الفشل الحكومي في إدارة الموارد. وقالت في بيان سابق إن "العدالة الحقيقية لا تتحقق على أبواب خزائن المحاكم".