قبل طردهم إلى الشوارع.. ملايين المستأجرين يطالبون بانقاذهم من تعديلات حكومة الانقلاب على قانون الإيجار القديم

- ‎فيتقارير

تتصاعد صرخات ملايين المستأجرين بنظام الإيجار القديم فى مختلف محافظات الجمهورية، خاصة فى نطاق القاهرة الكبرى، لانقاذهم من مشروع القانون الذى أعدته حكومة الانقلاب الذى يحابى ملاك هذه العقارات على حسابهم ما يهدد بطردهم من وحداتهم السكنية إلى الشوارع خاصة وأن الأغلبية منهم فقراء لا يستطيعون ليس شراء شقق جديدة بل دفع ايجار جديد .

فى هذا السياق يناقش مجلس نواب السيسي مشروع قانون مقدم من حكومة الانقلاب بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 لوضع اللمسات الأخيرة على تعديلات قانون الإيجار القديم، بزعم تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، بعد سنوات طويلة من تجميد العلاقة الإيجارية بقانون يعود إلى أربعينيات القرن الماضي.

تتضمن التعديلات الجديدة فصل الحالات السكنية عن غير السكنية، وإلغاء التوريث السكني بعد الجيل الأول، وزيادة تدريجية في القيمة الإيجارية خلال فترة انتقالية تمتد من 5 إلى 7 سنوات، للوصول إلى مستوى الايجار الجديد، مع توفير تعويضات أو بدائل في حالات الإخلاء القسري.

القيمة الإيجارية

من جانبه أكد عاطف المغاوري، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس نواب السيسي، أن مشروع حكومة الانقلاب بشأن قانون الإيجار القديم يتعارض مع الأحكام السابقة للمحكمة الدستورية العليا.

وقال المغاوري في تصريحات صحفية إن حكم المحكمة الدستورية السابق تناول فقط مسألة "ثبات القيمة الإيجارية"، ولم يتطرق إلى إنهاء العلاقة الإيجارية أو إلغاء الامتداد التعاقدي للأجيال التالية، مما يجعل توجه حكومة الانقلاب نحو إنهاء العلاقة الإيجارية مخالفًا لذلك الحكم.

وانتقد الأسلوب المتبع في رفع القيمة الإيجارية، موضحًا أن القانون المقترح يرفع القيمة إلى 20 ضعفًا دفعة واحدة، ليصل الحد الأدنى للإيجار إلى 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى، دون تفرقة بين المواقع أو طبيعة المباني أو حالة المستأجرين.

وأشار المغاوري إلى أن هذه القفزة الكبيرة لا تراعى الظروف الاجتماعية والاقتصادية لغالبية المستأجرين، خاصة وأنه لم يتم تقسيم الزيادات بناءً على شرائح أو فترات زمنية، ما يؤدي إلى تشريد العديد من المواطنين وتحويلهم إلى "قبائل رحل"، نتيجة اضطرارهم للتنقل المستمر لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف.

وأضاف أن القانون المدني لا يحدد حدًا أدنى أو أقصى للقيمة الإيجارية، كما لا يتدخل في تحديد مدة العقد، بل يترك ذلك للاتفاق بين الطرفين، وبالتالي فإن فرض حد أدنى للإيجار يخالف مبادئ هذا القانون.

نظام شرائح

واعتبر المغاوري ما يثار عن أن هناك إيجارات بقيمة 5 أو 10 جنيهات مجرد مبالغات، مؤكدًا أن أغلب الإيجارات في التسعينيات كانت تتراوح بين 150 و300 جنيه، وهو ما يعني أن رفعها إلى 5000 جنيه أو أكثر غير واقعي.

 

وشدد على أن السكن جزء من كيان الإنسان واستقراره، ومن غير المنطقي أن يتم اقتلاع الأسر من بيئاتها الاجتماعية الأصلية ونقلها إلى المدن الجديدة دون توفير البدائل الملائمة. 

وأوضح المغاوري أن مشروع القانون الحالي يرمي الكرة في ملعب حكومة الانقلاب فيما يخص توفير السكن البديل، في حين أن الواقع يؤكد أن المتاح من الإسكان الاجتماعي أو المتوسط يقع في مناطق نائية ولا يخدم الفئات المتضررة من التعديلات.

وطالب بضرورة اعتماد نظام شرائح في رفع الإيجار، بحيث تتم الزيادة تدريجيًا بناءً على تاريخ تحرير العقد وقيمة الإيجار الحالية، مقترحًا رفع الإيجارات التي تقل عن 50 جنيهًا بنسبة معينة، والأعلى بنسب أخرى، تجنبًا لمفاجأة المستأجرين بعجز مالي يؤدي إلى طردهم من جانب المالك.

وأشار المغاوري إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف في حوار مجتمعي شامل للوصول إلى صيغة متوازنة تحقق العدالة بين المالك والمستأجر، وتحافظ على الاستقرار الاجتماعي في الوقت نفسه .

 

 

المحكمة الدستورية

وأعرب إسلام الحاروني، أحد قيادات الدفاع عن مستأجري مصر في قضية الإيجار القديم، عن رفضه لما يتم تداوله بشأن إلغاء عقود الإيجار القديم، مؤكدًا أن هناك أحكامًا صادرة عن المحكمة الدستورية العليا تُلزم مؤسسات الدولة وتقر باستمرار العقد لجيل واحد بعد وفاة المستأجر الأصلي.

ووصف "الحاروني" في تصريحات صحفية المقترح الذي تم تداوله مؤخرًا بشأن زيادة القيمة الإيجارية إلى 1000 جنيه، بـ"الجائر" وغير القابل للتطبيق في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، مشيرًا إلى أن أغلب المستأجرين من كبار السن، والأرامل، والمطلقات، واليتامى، وأن الحد الأدنى للمعاشات لا يسمح بتحمل مثل هذه الزيادات.

وطالب بزيادة قانونية "معقولة" لا تتجاوز 150 جنيهًا، مع زيادة سنوية بسيطة تراعي الظروف الاجتماعية للمستأجرين، مشددًا على ضرورة حماية المستأجر من تعسف بعض الملاك، وتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بما يحقق التوازن دون الإضرار بالطرف الأضعف.

وأوضح "الحاروني" أن المستأجرين تكبدوا نفقات تجهيز الوحدات السكنية وربطها بالمرافق العامة، بالإضافة إلى دفع مبالغ "خلو" عند التعاقد، مشيرًا إلى أنهم تسلموا الوحدات في حالة غير صالحة للسكن وقاموا بإصلاحها على نفقتهم الخاصة، مشددا على ضرورة احترام وتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية، وحماية حقوق المستأجرين.

فترة انتقالية

فى المقابل أكد مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك عقارات الإيجار القديم، أن الائتلاف يتحفظ على بعض التعديلات، خاصة فيما يتعلق بالعقارات السكنية.

وقال عبد الرحمن في تصريحات صحفية إن مدة التوفيق المقترحة في المشروع والمحددة بخمس سنوات طويلة للغاية، في ظل ما تعانيه تلك العقارات من تهالك وحاجة ماسة للصيانة، لافتًا إلى أن الائتلاف قدم وثيقة تقترح فترة انتقالية لا تتجاوز ثلاث سنوات، باعتبارها مدة كافية، خصوصًا مع قيام حكومة الانقلاب بتوفير مساكن بديلة للمستأجرين.

 

وأشار إلى أن تمسك بعض المستأجرين بالبقاء في الوحدات السكنية من أجل ذكريات طفولتهم، غير منطقي في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.

وفيما يتعلق بالعقارات ذات النشاط التجاري، تساءل عبد الرحمن: لماذا ننتظر خمس سنوات إضافية في حين أن هذه المحال تدر أرباحًا يومية؟، مشددًا على أن الائتلاف يرى أن المدة المناسبة يجب ألا تتجاوز من 6 أشهر إلى عام، مع ضرورة تحديد حد أدنى للقيمة الإيجارية لا يقل عن 5 آلاف جنيه، مطالبا بمراعاة أوضاع الملاك، خصوصًا فيما يخص المحال التجارية.