تحولت المدارس إلى سلخانات ومجازر فى زمن الانقلاب.. فمع انهيار المنظومة التعليمية تطفو على السطح أحداث عجيبة بل جرائم ترتكب فى حق الأطفال دون أن توفر حكومة الانقلاب أى حماية لهم أو حتى تتخذ موقفا يحول دون تكرار هذه الجرائم .
ولا يكاد يمر يوم إلا ويفاجأ المصريون بكارثة فى مدرسة من المدارس من ذلك اعتداءات بالضرب على الأطفال أو انتهاك براءتهم أو مشاجرات بين التلاميذ تنتهى بقتلى ومصابين
من ذلك واقعة الطفل ياسين عصام التلميذ بإحدى مدارس اللغات فى دمنهور بمحافظة البحيرة، الذى تعرض لاعتداء جنسى من قبل عجوز يعمل داخل المدرسة.
أيضا واقعة «كارما» طالبة مدرسة كابيتال الدولية بالتجمع الخامس، الذى تسبب الضرب المبرح لها من زميلتها فى إصابتها بعاهة مستديمة (كسر بعظم الأنف، وجرح عميق بفروة الرأس، وكدمات متفرقة بأنحاء الجسم) بالإضافة إلى السب والقذف العلنى.
كذلك ما حدث فى مدرسة 6 أكتوبر القومية بمدينة السادس من أكتوبر، من نشوب مشاجرة بين طالبات بالصف الأول الثانوى أدت إلى تشويه وجه طالبة بـ (شفرة حلاقة).
عقوبات صارمة
من جانبه اعتبر الخبير التربوى الدكتور مصطفى كامل أن العنف المدرسى ظاهرة لم تنشأ من العدم، لكنها نتيجة لعوامل تنشئة اجتماعية غير سوية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الموجهة والأفلام الهابطة ورموز الفن الجهلة وغير المثقفين، مؤكدا أن هذا كله عوامل مشجعة على ممارسة العنف .
وقال كامل فى تصريحات صحفية : هناك أيضا تأثير المخدرات، التى انتشرت بشكل مخيف فى كل مكان وبسهولة تامة أسهل من شراء الأدوات المدرسية نفسها، مشددا على أن الأمر يستدعى تضافر الجهود، للوقوف على إيجاد حلول جذرية من أجل ضمان تنشئة أسرية ومجتمعية سليمة.
وطالب بتدخل جميع المسئولين لوضع عقوبات صارمة مناسبة للسلوكيات العدوانية الممارسة داخل الحرم المدرسى، إلى جانب الاهتمام بالأنشطة وإقامة الندوات واللقاءات الهادفة، لمواجهة هذه الظاهرة والحد من انتشارها، والوقاية منها، لتعود المدرسة منارة العلم كما كانت لإعداد طالب واعٍ، متعلم، يشارك فى بناء وطنه .
انحلال أخلاقى
قالت داليا نعمان المحامية بالنقض، ان الأطفال هم نواة المجتمع والبذرة التى لا بد وأن تلقى الرعاية من جميع الجهات، سواء الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية وغيرها، مؤكدة أن ما يتعرض له الأطفال من وقائع عنف واستغلال تجارى وتحرش جنسى، يهدد حياتهم ويعرضهم للخطر ،
وأضافت « داليا نعمان »، فى تصريحات صحفية : هناك من ينتهك براءة الأطفال بمجرد عرض مسلسلات وأفلام تحرضهم فى سن صغيرة على التقليد الأعمى، لمثل هذه الأفعال التى يتم الترويج بها على أنها ترفيه، وهى تبعد كل البعد عن هذا الوصف،
وحذرت من أن الأمر أصبح ممنهجا بشكل مقزز سواء بالتلفظ بالكثير من الألفاظ المسيئة أو عرض الأسلحة البيضاء والمشاجرات والقتل داخل الأفلام والمسلسلات، كل ذلك يعد روشتة للانحراف ودون رقابة ودون دراسة .
وأشارت « داليا نعمان » إلى أننا حاليا أمام انحلال آدمى وأخلاقى وغياب تام للمنهج الإلهى والوازع الدينى، حيث يتعرض أطفال صغار لعنف جسدى وأعمال منافية للأداب واستغلال جنسى، حتى داخل دور العلم، ولذلك أصبح الشعور بالخوف وعدم الأمان، شبحًا يحوم حول الأطفال وأسرهم.
وأكدت أن ما يحدث ليس جرائم أخلاقية فقط، بل خلق جيل مشوه نفسيا متسائلة عندما يصير هذا الطفل الذى تعرض لانتهاك طفولته شابا يافعا، ماذا ننتظر منه؟ وماذا سيكون رد فعله حينما يعلم ويدرك حقيقة مع حدث له؟.
وطالبت جميع الجهات بالتعامل مع مثل هذه الجرائم بعقوبة رادعة، حتى يكون هؤلاء عبرة لكل من تسول له نفسه التجاوز فى حق الأطفال الأبرياء.
رجال الدين
أرجع الدكتور تامر شوقى أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، ، انتشار السلوكيات المنحرفة إلى وجود نماذج سلوكية غير سوية ما يدفع الأطفال والشباب إلى تقليدها، وغياب التربية السوية للأبناء فى ظل انشغال الوالدين بالسعى وراء توفير احتياجات الحياة اليومية، وغياب دور رجال الدين والمؤسسات الدينية فى توجيه الشباب، وغياب دور المدرسة بشكل كامل فى تربية الطلاب والانشغال فقط بالتعليم والامتحانات، اضافة الى وسائل التواصل الاجتماعى التى تنشر النماذج السلوكية المنحرفة.
وأكد «شوقي» فى تصريحات صحفية ، أن مشاهد العنف والتنمر والانحراف فى الدراما سواء التليفزيونية أو السينمائية، وعدم وجود عقوبات رادعة فى بعض حالات الانحراف السلوكى يساعد على انتشار هذه الكوارث، لافتًا إلى أن عودة الطلاب إلى ما كان عليه نظراؤهم فى الماضى يكون عن طريق غرس القيم وأن يكون المعلمون نماذج أخلاقية للطلاب سواء فى الزى أو الكلام أو الأفعال، وتضمين الأخلاق فى كل المقررات الدراسية.
وأضاف كذلك جعل التربية الدينية مادة أساسية فى كل صفوف التعليم الأساسى، واستضافة المدرسة رجال الدين لإقامة ندوات حول القيم والأخلاق، وعمل ندوات يتم فيها استضافة استشارى علم النفس التربوى لشرح طرق انتشار السلوكيات المنحرفة حتى يستطبع الطلاب تجنبها، وإتاحة الفرصة للطلاب لممارسة الأنشطة المختلفة داخل المدرسة لأنها تهذب الأخلاق، ومنع اى مشاهد عنف أو انحراف فى الدراما ، وإبراز وسائل الاعلام النماذج الناجحة فى المجتمع بدلا من الفاشلة .
وأشار«شوقي» إلى أن وجود أعداد كبيرة من الطلاب يفتقدون القيم الدينية والأخلاقية السليمة، مثل الالتزام والنظام واحترام الكبير يتسبب فى مشكلات كثيرة ما يجعل ادارة المدرسة عاجزة عن التعامل معها وحلها.
وطالب بعقد دورات للمديرين حول الخصائص النفسية للمراحل العمرية للطلاب فى مدارسهم بما يمكنهم من التعامل معهم بفاعلية، وتطبيق اللوائح الانضباطية على الطلاب المخالفين بمنتهى الصرامة والحزم، وإتاحة فرص ممارسة الأنشطة للطلاب وعدم كبتهم فقط بالدراسة والامتحانات ، وتفعيل دور الإخصائى النفسى للكشف عن الطلاب ذوى الميول العدوانية والتعامل معهم بشكل سليم.
