في عيد العمال .. عام من الإضرابات والاعتقالات والقوانين المُجحفة

- ‎فيتقارير

في 1 مايو يتوافق ذكرى عيد العمال عالميا، مع حقوق العمال المنتقصة اليوم، وذلك بعد اعتقالات طالت العشرات من العمال في وبريات سمنود وسيراميكا إينوفا بالفيوم وكريازي بالشروق وصوب الشركة الوطنية للزراعات المحمية التابعة للجيش، بعد اعتقال 39 عاملا وعاملة، ثم ما لبث أن أُخلي سبيلهم بكفالة، مع تعليقهم على ذمة قضية لتهديدهم حال عودة الإضراب والاتهام تعطيل الإنتاج والتجمهر.

 

وامتدت الاحتجاجات على الغلاء من العمال في المصانع والشركات، حيث احتجزت مباحث الأمن الوطني في 25 أغسطس الماضي 10 من عمال شركة وبريات سمنود بينهم 4 عاملات، ولكنها أخلت سبيل أغلبهم لاحقا وبقي قادة الإضراب من العمال.
 

وتحتجز سلطات الانقلاب عددا من القيادات العمالية المعروفة بعملها الميداني ضد سياسات الخصخصة وتهميش دور النقابات المستقلة، والوقوف إلى جانب مطالب العمال إزاء تعسف بعض الشركات والمصانع مع عمالها، ودعمهم من الحكومة على حساب العمال.

عيد العمال هذا العام ما زال يبحث فيه العمال عن حقوقهم، في وقت يقصفهم السيسي بالقوانين التي سنها وتقلص حقوقهم ولا تتيح لهم التمتع بمظلة حماية قانونية، وتضمن لهم حقوقهم الاقتصادية كالتأمينات والمعاشات وحرية العمل النقابي.

الأدهى أن التضخم والأسعار المرتفعة وضعت العمال بين شقي رحى بين نظام يخشى من ظله، ومعدلات قياسية لتراجع قيمة الجنيه وسط إعانات هزيلة ومحدودة، سواء من الشركات أو من الحكومة للقطاعين الخاص والعام على التوازي.

 
احتجاجات عام

وتظاهر عمال سيديكوفي 7 نوفمبر، وهددوا بالإضراب عن العمل، وهتفوا "إدونا حقنا،  مصيتوا دمنا" فردت الإدارة بإغلاق الشركة لمدة ثلاثة أيام، ثم وافقت بعد مفاوضات مع ممثلي العمال، على عدد من مطالبهم، وبموجبها عاد العمال للعمل يوم 10 نوفمبر الجاري.
 

وأطلق عمال شركة سيميتار للبترول، استغاثة من تعرضهم لفصل تعسفي من العمل، معبرين عن استيائهم الشديد من طريقة التعامل معهم من قبل الإدارة الجديدة للشركة.

ووعدت ياسمين محمد فريد خميس رئيس مجلس إدارة شركة "النساجون الشرقيون" بدراسة مطالب العمال خلال 15 يوما، في حين قالت منصات محلية إن الحد الأدنى للرواتب زاد في الشركة إلى 7 آلاف جنيه.

ومنحت إدارة "النساجون الشرقيون" عمالها إجازة غير مدفوعة الراتب، في محاولة للالتفاف على إضرابهم عن العمل.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل، دخول إضراب 4 آلاف عامل بـشركة "سيراميكا إينوفا" للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وصرف رواتبهم المتأخرة لشهرين، وذلك لليوم الثامن على التوالي.
 

ويريد العمل تطبيق الحد الأدنى للأجور ويقدر ب(ستة آلاف جنيه) أو ما قيمته "120 دولار" في الشهر، كان المنقلب عبدالفتاح السيسي قد حددها في أحد تصريحاته، ولكنه لم يلتزم به على أي مستوى حكومي أو خاص أو قطاع أعمال.

وطالب عمال الشركة بصرف رواتبهم المتأخرة قبل شهرين، وتوفير وسائل مواصلات تُقلهم من ضواحي ومراكز الفيوم إلى المصنع، بالإضافة إلى عدم خصم أجر أيام الإجازات الإجبارية التي يمنحها المصنع للعمال.

 

تشريعات مجحفة

وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب برئاسة النائب عادل عبدالفضيل عياد،  رئيس اللجنة،  خلال اجتماعها مساء اليوم الأحد،  على المواد المنظمة لساعات العمل وفترات الراحة بمشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة.

 

المواد المنظمة لساعات العمل وفترات الراحة بمشروع قانون العمل الجديد.

وجاءت المواد كما وافقت عليها اللجنة كالتالي:

المادة 115

مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم ۱۳۳ لسنة ١٩٦١ في شأن تنظيم تشغيل العمال في المنشآت الصناعية،  لا يجوز تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من ثمان ساعات في اليوم،  أو ثمان وأربعين ساعة في الأسبوع،  ولا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة.

ويجوز بقرار من الوزير المختص تخفيض الحد الأقصى لساعات العمل لبعض فئات العمال،  أو في بعض الصناعات أو الأعمال التي يحددها.

مادة (116)

يجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة،  ولا تقل في مجموعها عن ساعة ويراعي في تحديد هذه الفترة ألا يعمل العامل أكثر من خمس ساعات متصلة.

وللوزير المختص أن يحدد بقرار منه الحالات،  أو الأعمال التي يتحتم الأسباب فنية أو لظروف التشغيل استمرار العمل فيها دون فترة راحة،  والأعمال المرهقة التي يمنح العامل فيها فترات راحة،  وتحسب من ساعات العمل الفعلية.

مادة (117)

يجب تنظيم ساعات العمل وفترات الراحة،  بحيث لا تجاوز الفترة بين بداية ساعات العمل ونهايتها أكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد،  وتحسب فترة الراحة من ساعات التواجد،  إذا كان العامل أثناءها في مكان العمل.

ويستثنى من هذا الحكم العمال المشتغلون في أعمال متقطعة بطبيعتها،  والأعمال ذات الطبيعة الخاصة،  والتي يحددها الوزير المختص بقرار منه،  بحيث لا تزيد مدة تواجدهم في المنشأة على اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد.

مادة (118)

يجب تنظيم العمل بالمنشأة بحيث يحصل كل عامل على راحة أسبوعية لا تقل عن أربعة وعشرين ساعة كاملة مدفوعة الأجر،  وفي جميع الأحوال تكون الراحة الأسبوعية بعد ستة أيام عمل متصلة على الأكثر.

واستثناء من الحكم الوارد في الفقرة السابقة،  يجوز في الأماكن البعيدة عن العمران وفي الأعمال التي تتطلبها طبيعة العمل،  أو ظروف التشغيل فيها استمرار العمل تجميع الراحات الأسبوعية المستحقة للعامل عن مدة لا تجاوز ثمانية أسابيع،  وتحدد لائحة تنظيم العمل والجزاءات قواعد الحصول على الراحات الأسبوعية المجمعة،  وتضع المنشآت التي يقل عدد عمالها عن عشرة عمال،  قواعد تنظيم الراحات الأسبوعية المجمعة بها وفقاً للقرارات التي تصدرها المنشأة.

ويراعى في حساب مدة الراحات الأسبوعية المجمعة أن تبدأ من ساعة وصول العمال إلى أقرب موقع به مواصلات وتنتهي ساعة العودة إليه.

مادة (119)

يجوز لصاحب العمل عدم التقيد بالأحكام الواردة بالمواد أرقام (115 ،  1116 ،  117،  118) من هذا القانون،  إذا كان التشغيل بقصد مواجهة ضرورات عمل غير عادية أو ظروف استثنائية،  ويشترط في هذه الحالات إبلاغ الجهة الإدارية المختصة في خلال سبعة أيام في ظروف العمل غير العادية أو الظروف الاستثنائية بمبررات –  التشغيل الإضافي والمدة اللازمة لإتمام العمل.

وفي هذه الحالة يستحق العامل بالإضافة إلى أجره عن ساعات العمل الأصلية،  أجراً عن ساعات التشغيل الإضافية، حسبما يتم الاتفاق عليه في عقد العمل الفردي أو الجماعي، بحيث لا يقل عن الأجر الذي يستحقه العامل مضافا إليه (٢٥) عن ساعة العمل النهارية و (۷۰) عن ساعة العمل الليلية تحسب على أساس أجر ساعة عمله الأصلية،  فإذا وقع التشغيل في يوم الراحة استحق العامل مثل أجره تعويضا عن هذا اليوم،  ويمنحه صاحب العمل يوماً آخر عوضا عنه خلال الأسبوع التالي.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات وجود العامل بالمنشأة على اثنتي عشرة ساعة.

مادة (120)

على صاحب العمل أن يضع بالمداخل الرئيسية التي يستعملها العمال،  أو في مكان ظاهر بالمنشأة جد ولا ببيان يوم الراحة الأسبوعية،  وساعات العمل وفترات الراحة المقررة لكل العاملين،  وما يطرأ على هذا الجدول من تعديل مع إخطار الجهة الإدارية المختصة بصورة من هذا الجدول،  أو ما يطرأ عليه من تعديل.

مادة (121)

لا تسري أحكام المواد أرقام (115،  116،  117) والفقرة الثانية من المادة ( 118) من هذا القانون على الفئات الآتية:

الوكلاء المفوضين عن صاحب العمل.

العمال المشتغلون بالأعمال التجهيزية والتكميلية التي يتعين إنجازها قبل أو بعد انتهاء العمل.

العمال المخصصون للحراسة والنظافة.

ويحدد الحد الأقصى لساعات العمل الفعلية والإضافية للأعمال المشار إليها في البندين (2،  3) من الفقرة السابقة بقرار من الوزير المختص،  ويستحق العمال في هذه الحالة أجرا إضافيًا طبقاً لنص المادة (119) من هذا القانون.

إلا أنه مازال العمال يبحثون عن تشريعات تحقق لهم قدرًا من عدالة التعامل، تغيير “قانون العمل الجديد” الذي به العديد من التشريعات المجحفة بحقهم، والذي أثار جدلا كبيرًا حول معظم بنوده، في ظل غياب حوار مجتمعي بصدده.

 

ووصف حقوقيون ونقابيون سابقون قانون العمل الجديد بالسالب لحقوق العمال، وسط إصرار الحكومة على عدم إجراء حوار مجتمعي بشأنه، وعدم الاستماع لرأي الطرف الرئيسي في علاقات العمل، وهم العمال، وتجاهل طلبات المنظمات النقابية المستقلة، التي أنشأها العمال طبقاً لقانون الحرية النقابية وحق التنظيم بعقد جلسات استماع لها، عند مناقشة المشروع في مجلس الشيوخ، ثم في مجلس النواب، سيؤدي بالضرورة إلى تزايد التوترات في بيئة العمل، التي يشكل استقرارها أهم عوامل الاستقرار الاجتماعي.
 

الحق في الإضراب

وأدخل قانون السيسي الجديد للعمل مواد تنتقص فعليًا من حق العمال في الإضراب، وتحظره ما أرادت، وهو ما يرجح كافة مصلحة أصحاب الأعمال على العمال.

 

كما أوردت ورقة المركز المصري، أن نصوص المشروع لا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال في حال ممارستهم لحقهم الدستوري في الإضراب السلمي.

 

وتشير المواد الخاصة بالحق في الإضراب عن العمل في مشروع القانون الجديد (المواد 204 – 208)، إلى أنه يشترط استنفاد طرق التسوية الودية قبل اللجوء إلى الإضراب، وهو ما يعطل الحق في الإضراب فعليًا ويجرمه وقت ما شاء بدعوى عدم استنفاد طرق التسوية الودية قبل اللجوء للإضراب، ويضعف موقف العمال التفاوضي، بحسب المبادرة المصرية.

 

كما تقصر مواد القانون الإضراب على المصالح "المهنية" فقط، مستبعدة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مما يفرغ العمل العمالي من مضمونه، بحسب المبادرة.

 

كما أن منع الإضراب في المنشآت الحيوية والاستراتيجية بقرار من رئيس الوزراء، واشتراط الإخطار المسبق لصاحب العمل قبل 10 أيام من بدء الإضراب، مع تحديد مدته مسبقًا، يفرغانه من قيمته كأداة ضغط فعالة، بحسب المبادرة.

 

كما أن تقنين حظر الإضراب "في الظروف الاستثنائية" دون تحديد ماهيتها، يسمح بتوسيع الحظر وفقًا للظروف السياسية أو الاقتصادية، وفق المبادرة.

 

وأوصت المبادرة بالحاجة لتعديل فلسفة القانون في اتجاه عكسي يعيد بعض التوازن لعلاقات العمل، والالتزام بحقوق العمل الدستورية، ووفقًا للاتفاقات الدولية التي تلتزم بها مصر.

 

وقال المركز المصري: إنه "لوقت طويل تطلعت العمالة المصرية إلى قانون جديد يجنبها عورات القوانين السابقة، ولكن مع الأسف لم ترق مواد المشروع الجديد للمأمول منها حتى الآن".

تحليل الخسف
 

وبتحليل خبراء اقتصاد للزيادات التي منحها السيسي للعمال وجد أن البيانات، تكشف أن العامل الذي حصل على علاوة سنوية قيمتها 7%، فقط انخفض أجره فعلياً بنسبة 24.2% أي حوالي الربع، ليتزايد أنين العمال المكتوم، برفض نسبة العلاوة التي وصفوها بـ"الزهيدة".
 

ودان المجلس القومي مخالفة الأجور، لقانون العمل، بينما هو الجهة المنوط بها "وضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية"، بينما تم الإعلان عن صرف 3% فقط من الحد الأدنى لقيمة الاشتراك التأميني.

هذه الأزمات العمالية المكتومة، ترجع أيضًا إلى عدم السماح للعمال بتكوين لجانهم النقابية التي تعبر عنهم داخل الشركات والمصانع، ومن ثم تنظيم أنفسهم في نقابات وكيانات عمالية تدافع عنهم.