في خطوة جديدة ضمن مساعي حكومة المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي لبيع أصول وعقارات وسط القاهرة والمناطق الحيوية للمستثمرين الخليجيين مقابل ما يُعرف بـ"الرز الخليجي"، كشفت مصادر برلمانية عن مشروع قانون جديد لتعديل أحكام الإيجارات القديمة، من دون مراعاة لحقوق ومستقبل ملايين المستأجرين، كثير منهم من كبار السن.
زيادات ضخمة وإخلاء إجباري
مشروع القانون، الذي أحاله رئيس مجلس النواب حنفي جبالي بنظام الانقلاب إلى لجنة الإسكان لدراسته بشكل عاجل، ينص على مضاعفة القيمة الإيجارية الشهرية للوحدات السكنية المؤجرة لغرض السكن إلى 20 ضعفًا مقارنة بالقيمة الحالية، بشرط ألا تقل الزيادة عن ألف جنيه شهريًا في المدن والأحياء، و500 جنيه في القرى.
أما الوحدات المؤجرة لغير غرض السكن، فسيتم رفع الإيجار إلى خمسة أمثال القيمة الحالية، مع تطبيق زيادات سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات، تسبق انتهاء العقود القديمة وإلزام المستأجرين بإخلاء الوحدات وتسليمها للمالكين، مع تمكينهم من طلب الطرد عبر قاضي الأمور الوقتية بالمحاكم.
تهجير قسري تحت غطاء رسمي
وبحسب مشروع القانون، سيتم "تعويض" بعض المستأجرين عبر منحهم وحدات بديلة بالإيجار أو التمليك من الوحدات الحكومية المتاحة بهيئة المجتمعات العمرانية وصندوق التنمية الحضرية، وفق ضوابط يحددها رئيس مجلس الوزراء، مما يفتح الباب أمام إزاحة السكان الأصليين عن وسط القاهرة تمهيداً لبيع عقاراتها الثمينة.
وتشير تقديرات منظمات مجتمع مدني مصرية مستقلة إلى أن نحو 15 مليون مصري يقطنون في عقارات خاضعة لقانون الإيجارات القديمة، الذي كان يضمن استمرارية عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر لصالح الزوجة أو الأبناء أو الوالدين.
القضاء يُمهد الأرضية.. والحكومة تُسرع الخطى
جاءت هذه التحركات الحكومية بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعدم دستورية بعض مواد قانون الإيجارات القديمة، ومنحت البرلمان مهلة حتى يوليو/تموز 2025 لتعديل التشريع، مما وفر غطاءً قانونيًا لعملية إعادة هيكلة سوق الإيجار العقاري لصالح المستثمرين والملاك الجدد.
وفي مؤتمر صحفي، أقر رئيس الوزراء بسلطة الانقلاب مصطفى مدبولي أن الحكومة "ملزمة بتنفيذ الحكم قبل نهاية الفصل التشريعي"، زاعمًا أن التعديلات تهدف لتحقيق "توازن" بين حقوق الملاك والمستأجرين، مع إدخال زيادات تدريجية لمدة خمس سنوات "مراعاة للبعد الاجتماعي".
تهميش للأبعاد الاجتماعية
ورغم تصريحات مدبولي، يحذر حقوقيون وخبراء من أن التعديلات تمهد لطرد آلاف الأسر الفقيرة والمسنين من مساكنهم، خصوصًا مع تفشي الفقر، وتدني دخول المصريين مقارنة بارتفاع الأسعار الجنوني للعقارات.
ويتهم معارضون حكومة السيسي بالسعي لتفريغ وسط القاهرة والمناطق التاريخية لبيعها لمستثمرين خليجيين ضمن خطة أكبر لتسييل الأصول المصرية مقابل الحصول على تمويلات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد المنهار.