رغم تراجع أسعار النفط عالميًا، فاجأت حكومة الانقلاب الأسواق بزيادة جديدة في أسعار الوقود، ما دفع خبراء اقتصاديين إلى التحذير من موجة تضخمية جديدة قد تدفع المعدلات السنوية إلى حدود 16% منتصف العام الجاري.
جاءت الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين والسولار والمازوت واسطوانات البوتاجاز ضمن مراجعة ربع سنوية للجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، في إطار ما تقول الحكومة إنه استجابة لتقلبات الأسعار العالمية وسعر الصرف.
لكن محللين شككوا في منطق القرار، في ظل تراجع أسعار النفط منذ بداية أبريل الجاري، مدفوعًا بقرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض تعريفات جمركية مشددة على واردات الطاقة، ما خفض الطلب العالمي.
ويقول هيثم فهمي، رئيس قسم البحوث في شركة "برايم القابضة"، إن القرار جاء متسقًا مع التزامات مصر أمام صندوق النقد الدولي بالوصول إلى أسعار استرداد التكلفة بنهاية 2025، لكنه يعكس في الوقت نفسه مخاوف الحكومة من ضغوط قادمة على سعر صرف الجنيه بسبب التوترات الجيوسياسية.
التضخم يعود للارتفاع
بعد خمسة أشهر من التباطؤ، عاد التضخم للارتفاع في مارس الماضي ليسجل 13.1% مدفوعًا بزيادة أسعار الأغذية. ويتوقع عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في "ثاندر لتداول الأوراق المالية"، أن ترفع زيادة الوقود الجديدة التضخم بنسبة 0.4% على الأقل خلال الشهر الجاري.
أما مصطفى شفيع، رئيس البحوث في شركة "عربية أون لاين"، فيؤكد أن التضخم مرشح للارتفاع حتى 16% بنهاية يونيو المقبل، مضيفًا أن "الزيادة في أسعار المحروقات ستنعكس مباشرة على تكلفة الإنتاج في معظم القطاعات، مما يدفع الشركات إلى تحميل المستهلك الفاتورة".
ويتفق معه ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق وخبير الاقتصاد، قائلًا إن "قرارات الحكومة تزيد العبء على محدودي الدخل، وتعكس غياب أي رؤية للتنمية أو عدالة اجتماعية. بدلًا من الضغط على المواطنين، كان الأولى وقف دعم الشركات العسكرية التي لا تدفع ضرائب ولا تخضع للرقابة".
تأثير مباشر على تكلفة الإنتاج
يرى الألفي أن النقل يمثل ما بين 10 إلى 30% من تكلفة الإنتاج في قطاعات مختلفة، بينما تمثل المحروقات نحو 30 إلى 40% من تكلفة النقل. ووفقًا لهذه المعادلة، فإن الزيادة الأخيرة بمتوسط 13.5% تعني ارتفاعًا في تكلفة الإنتاج بين 0.4 إلى 1.6%.
وتُعد قطاعات التعدين، والصناعة، والتجارة الإلكترونية من بين الأكثر تأثرًا، بينما تقلّ التأثيرات في قطاعات مثل الخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات.
موجة زيادات قادمة؟
ورغم إعلان وزارة البترول بحكومة الانقلاب أنه لن تتم مراجعة الأسعار قبل مرور ستة أشهر، إلا أن محللين يتوقعون زيادات جديدة في سبتمبر المقبل.
ويقول شفيع إن "سعر بنزين 95 قد يصل إلى 22 جنيهًا في الربع الأخير من 2025، ضمن خطة رفع تدريجي للأسعار تستمر حتى ما بعد انتهاء برنامج صندوق النقد في 2026".
هل يخفض البنك المركزي الفائدة؟
في المقابل، يرى محللون أن تثبيت أسعار الوقود لمدة 6 أشهر قد يمنح البنك المركزي فرصة لخفض أسعار الفائدة المرتفعة، التي تم رفعها بقوة في مارس 2024 لمواجهة التضخم الناجم عن السوق السوداء للعملة.
ويُتوقع أن تبحث لجنة السياسات النقدية في اجتماعها المرتقب في 17 أبريل الجاري خفض الفائدة بنسب تتراوح بين 1 و3%، ما قد يساعد في تخفيف الضغط على الاستثمار والتمويل، وفقًا لشفيع.
لكن رجل الأعمال المصري المقيم في أمريكا، حسام أبو النجا، يقول في تصريح صحفى إن "خفض الفائدة دون معالجة هيمنة الجيش على الاقتصاد، واستمرار الزيادات في أسعار الطاقة، لن يجذب الاستثمارات الأجنبية، بل سيزيد من هروب الشركات ويعمق الركود".