تحرير الأسرى الصهاينة ليس الهدف…حرب الإبادة لن تنجح في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية

- ‎فيتقارير

 

 

عادت حرب الإبادة على قطاع غزة إلى الواجهة مجددًا، وسط تصعيد عسكري صهيوني غير مسبوق، يرافقه تطورات سياسية وأمنية معقدة على المستويين الإقليمي والدولي. 

وبينما تزعم حكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو أن العمليات العسكرية تهدف إلى استعادة الأسرى الصهاينة المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، يرى محللون أن هذا التبرير لا يعكس حقيقة الأهداف الكامنة وراء استئناف العدوان، والذي يبدو مرتبطًا بشكل وثيق بالأزمة الداخلية في دولة الاحتلال، والتحولات الجيوسياسية في المنطقة، فضلًا عن دعم الرئيس الأمريكي الإرهابي دونالد ترامب الذي يتيح استمرار الحرب دون رادع. 

في هذا السياق أكد خبراء القانون أن دولة الاحتلال تستخدم ذرائع واهية لتبرير عملياتها العسكرية، متجاهلة القوانين والمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المدنيين والمرافق الحيوية. 

وقال الخبراء: إن “القصف الصهيوني العشوائي على المناطق السكنية في غزة يمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، كما يتعارض مع مبدأ التناسب الذي يحظر الهجمات التي تتسبب في خسائر بشرية كبيرة”. 

وشددوا على أن العقاب الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق سكان غزة محظور قانونًا، ويعد ضمن جرائم الحرب التي تستوجب ملاحقة دولية، معربين عن أسفهم لأن الدعم الأمريكي وحالة التراخي الدولي والعجز العربي، تتيح لدولة الاحتلال الاستمرار في عملياتها دون خوف من أي عواقب قانونية أو سياسية. 

وتوقع الخبراء 3 سيناريوهات لهذه الحرب بين تراجع «حماس» وتقديم تنازلات وتسليم محتجزين تحت الضغط العسكري، أو الذهاب لتسوية شاملة، أو استمرار الوضع الكارثي حتى الوصول إلى حافة الهاوية، مشيرين إلى أن تلك السيناريوهات ستزيد الأعباء على الوسطاء، وتربك جهودهم لوقف إطلاق النار واستكمال الهدنة . 

 

 مقترحات جديدة

 

من جانبها توقعت الكاتبة والباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد، استمرار التصعيد العسكري في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي من هذا التصعيد هو الضغط على حركة حماس لقبول مقترحات جديدة تختلف عن اتفاق الهدنة السابق، والتي تركز على إخراج الأسرى الصهاينة وإنهاء الحكم المدني والأمني لحماس في غزة.  

وقالت تمارا حداد، في تصريحات صحفية: إن “دولة الاحتلال تسعى لفرض صيغة جديدة للتفاوض، تهدف إلى إعادة السيطرة العسكرية على قطاع غزة وإنشاء منطقة عازلة، بالإضافة إلى السيطرة على محور فلادلفيا ومناطق أخرى”. 

وأكدت أن هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، وهو ما تم التمهيد له عبر التصريحات الصهيونية الأخيرة موضحة أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار العمليات العسكرية المكثفة، مع استخدام الأسلحة النارية والغارات الجوية، بالإضافة إلى زيادة الضغط الإنساني على سكان غزة. 

وكشفت تمارا حداد أن دولة الاحتلال تستخدم ذريعتين رئيسيتين لمواصلة الحرب: وجود الأسرى الصهاينة لدى حماس، ووجود الحركة كحكم مدني وأمني في غزة. 

وشددت على أن الحل الوحيد لوقف الحرب يكمن في تنفيذ الخطة العربية، التي تتضمن تشكيل لجنة لحكم القطاع من كوادر مستقلة وتحقيق الأمن الداخلي، مشيرة إلى أن هذه الخطة قد تكون الحل النهائي لإنهاء الصراع وإنقاذ الشعب الفلسطيني من المزيد من المعاناة. 

 

3 سيناريوهات 

 

وحول نتائج التصعيد العسكري قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية : “هناك سيناريو أول رئيسي خاص بوقف إطلاق النار عبر تقديم حماس تنازلات ونيل ضمانات”.

وأشار فهمي في تصريحات صحفية إلى أن السيناريو الثاني يتضمن الاستمرار في العمل العسكري بأكبر قدر ممكن لفرض شروط التفاوض والضغط على المقاومة الفلسطينية، ووضعها على حافة الهاوية لتقديم مزيد من التنازلات، بما في ذلك نزع سلاحها وخروجها من المشهد .

وأوضح أن السيناريو الثالث سيكون عبر فرض الولايات المتحدة تسوية شاملة بتنسيق عربي مع الوسطاء، ويتم تسليم الرهائن في صفقة واحدة. 

 

تسوية شاملة

 

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن السيناريوهات محدودة ومربكة لجهود الوسطاء التي تسعى لوقف إطلاق نار في أسرع وقت، مع استمرار نتنياهو في إدارة المفاوضات تحت النار، مرجحاً، إما أن تتراجع حماس وتسلم محتجزين، وإما سنرى تدخلاً عربياً واسعاً تجاه تسوية شاملة بموعد محدد . 

وأشارً مطاوع في تصريحات صحفية إلى أن حركة حماس لو كانت وافقت منذ البداية على تمديد المرحلة الأولى لاتفاق وقف اطلاق النار، لكانت حكومة نتنياهو سقطت، بسبب خلافات الموازنة والتجنيد الداخلية، لكن حماس برفضها التمديد منحتها أكسجين الحياة، والأمر الآن بعد استئناف الحرب تجاوز مطالبها وستدرك ذلك متأخرة وفق تعبيره . 

واستبعد حدوث أي تعديل في التوافق الإسرائيلي – الأمريكي الذي يشترط قبول حماس بمطلب إطلاق سراح جميع الرهائن دون مرحلة ثانية، أو استمرار الحرب وانتظار ما ستسفر عنه من السيناريوهات السابقة. 

 

وقف العدوان

 

في المقابل أكد طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن حماس لم تغلق باب التفاوض، ولا حاجة إلى اتفاقات جديدة، في ظل وجود اتفاق موقَّع من كل الأطراف. 

وقال النونو في تصريحات صحفية : حماس تطالب الوسطاء والمجتمع الدولي بإلزام الاحتلال بوقف العدوان، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والبدء بالمرحلة الثانية من الهدنة التي بدأت في يناير الماضي. 

 

 

معادلة المقاومة

 

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا: إن “قصف عسقلان بصواريخ من شمالي قطاع غزة يحمل رسائل واضحة من المقاومة الفلسطينية إلى دولة الاحتلال في سياق الرد على التصعيد العسكري المستمر، والضغط الميداني الذي يمارسه جيش الاحتلال”. 

وأوضح حنا، في تصريحات صحفية، أن هذه الضربات تأتي ضمن معادلة تسعى المقاومة إلى فرضها لإثبات قدرتها على التأثير في العمق الإسرائيلي رغم الضغوط العسكرية الكبيرة. 

وأضاف أن جيش الاحتلال يتبع إستراتيجية كبرى تقوم على 4 محاور رئيسية، وهي: الضغط العسكري، والتحكم بالبروتوكول الإنساني، ومحاولة وقف أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وإعداد القوة العسكرية اللازمة للتصعيد المحتمل. 

وأشار إلى أن وحدات عسكرية عدة تشارك في العمليات، منها لواء جولاني في الجنوب واللواء 188 في بيت لاهيا، إلى جانب تحركات عسكرية على محاور أخرى بهدف تكثيف الضغط. 

وبحسب حنا، فإن المقاومة الفلسطينية تدرك أنها تواجه تحديا وجوديا في ظل التصعيد الصهيوني لذلك تسعى إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك عبر استهداف مناطق ذات تأثير إستراتيجي. 

وأوضح أن اختيار عسقلان بعد استهداف تل أبيب سابقا، يهدف إلى التأكيد على امتلاك المقاومة قدرات بعيدة ومتوسطة المدى، وإرسال رسالة بأن التصعيد العسكري الصهيونى سيقابله رد غير متوقع. 

ولفت حنا الى أن جيش الاحتلال يواصل استخدام أسلوب “العصا والجزرة”، حيث يمارس ضغوطا عسكرية متزايدة، في وقت يحاول فيه فرض شروط سياسية تتعلق بملف الأسرى والرهائن. 

وأكد أن المقاومة لم تستهدف القوات الصهيونية المتوغلة في بيت لاهيا أو على المحاور القتالية الأخرى، بل فضّلت توجيه ضرباتها نحو الداخل الإسرائيلي، في ظل الخلافات القائمة داخل إسرائيل بشأن إدارة الحرب وأهدافها. 

واعتبر حنا أن توقيت إطلاق الصواريخ من شمال غزة يحمل دلالة على قدرة المقاومة على توجيه الضربات من مناطق لا تزال تحت الضغط العسكري الصهيوني.