التعذيب فى سجون الاحتلال الصهيونى لا يتوقف بل تبالغ سلطات الاحتلال فى ممارسات التعذيب منذ توقيع اتفاق إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية وتعمل على إذلال الأسرى الفلسطينيين خاصة هؤلاء الذين سيتم الإفراج عنهم .
هذه الممارسات كشفت عنها الدفعة الخامسة من الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم اليوم ضمن صفقة “طوفان الأقصى”، التي تشمل الإفراج عن 183 أسيراً فلسطينياً، بينهم 42 من الضفة الغربية، و3 من القدس، و138 من غزة، بينهم 111 اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر 2023.
وأكد أسرى فلسطينيون محررون أنهم واجهوا أصنافاً من التعذيب والتنكيل في سجون الاحتلال. ودعوا إلى تسليط الضوء على أوضاع آلاف الأسرى الذين لا يزالون يقبعون في زنازين الاحتلال.
يشار إلى أن المرحلة الأولى من الصفقة تتضمن الإفراج عن 1737 أسيراً فلسطينياً على مدار 6 أسابيع، بواقع دفعات أسبوعية. ضمن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذى بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، بوساطة مصرية وقطرية ودعم أمريكي، ويتألف من 3 مراحل، تستمر كل منها 42 يوماً.
تعذيب ممنهج
فى هذا السياق كشف مكتب “إعلام الأسرى” في حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال الصهيوني والذين وصلوا إلى قطاع غزة يعانون من آثار تعذيب ممنهج.
وقال المكتب في بيان له إن المحررين الذين وصلوا إلى المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة يخضعون لفحوصات طبية عاجلة، نتيجة ما تعرضوا له من انتهاكات خلال فترة اعتقالهم.
وكشف نادي الأسير الفلسطيني أن 7 أسرى مفرج عنهم من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل تم نقلهم إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهم الصحية.
وأكد رئيس النادي، عبد الله الزغاري، أن جميع الأسرى الذين خرجوا اليوم بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة وفحوصات شاملة نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب وحشي خلال فترة اعتقالهم.
مرض الجرب
وكشف نادي الأسير الفلسطيني أن إدارة السجون الصهيونية تستخدم مرض الجرب الجلدي كـ”أداة لتعذيب” للمعتقلين الفلسطينيين في سجونها، مستحدثة قسمًا للسجناء أطلقت عليه اسم “الزومبي”.
وذكر النادي، في بيان له أن مرض الجرب شكّل أحد أبرز الأمراض التي خرج الأسرى، وآثارها واضحة على أجسادهم، كما أثبتت الفحوص الطبيّة إصابتهم بمشاكل صحية أخرى نتيجة لذلك.
وقال إن إدارة السجون الصهيونية تستخدم مرض الجرب أداة لتنكيل وتعذيب الأسرى، كما حوّلت الحق بالعلاج على مدار عقود طويلة لأداة تنكيل .
ونقل النادي إفادة لأسير -لم يذكر اسمه- أفرج عنه من سجن ريمون الإسرائيلي، قال فيها إن إدارة السجن صنفت القسم الذي كان به بـ(الزومبي) لما تركه المرض على ملامح (الأسرى المصابين).
وكشف أن غالبية الأسرى الذين يتم الإفراج عنهم، يعانون من مشاكل صحيّة، منها مشاكل مزمنة بحاجة إلى متابعة طبيّة.
ونشر نادي الأسير صورًا لأسرى أفرج عنهم بعد انتهاء محكومياتهم تغيرت ملامحهم جرّاء ما تعرضوا له من جرائم ممنهجة مارسها الاحتلال بحقّهم، وتحديدًا الجرائم الطبيّة وجريمة التجويع، إلى جانب جريمة التعذيب.
واشار إلى أن من بين المفرج عنهم الطفل إياد (15 عامًا)، من مخيم شعفاط شرقي القدس أفرج عنه في ظروف صحية صعبة جدًا نتيجة إصابته بمرض الجرب (سكايبوس).
وكشف النادي عن اعتقال دولة الاحتلال أكثر من 11 ألفًا و300 فلسطيني بالضفة وآلاف آخرين من غزة، منذ بدء الإبادة الجماعية بالقطاع في 7 أكتوبر 2023، والتي رافقها تلاعب قانوني صهيوني في الإجراءات التي تتعلق بالأسرى.
موت بطيء
من جانبه وصف الأسير المحرر شادي فخري البرغوثي، الذي أمضى 45 عاماً في السجن، ظروف الاعتقال بأنها “قاسية للغاية”.
وأكد البرغوثي فى تصريحات صحفية أن الاحتلال الإسرائيلي كان يتفنن في تعذيب الأسرى، ويحرمهم من الطعام والدواء، ويمارس بحقهم إهانات متكررة، فضلاً عن اقتحام غرفهم ومصادرة ممتلكاتهم الشخصية.
وكشف أنه فقد نحو 35 كيلوجراماً من وزنه بسبب سياسة التجويع التي اتبعها الاحتلال بحق الأسرى، مؤكداً أنهم مُنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية، بما في ذلك الصلاة وصلاة الجمعة.
وأضاف البرغوثي أن قوات الاحتلال نكّلت بهم قبل لحظات من الإفراج عنهم، مشيراً إلى أن هذه الممارسات القمعية لا تزال مستمرة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حيث توجد حالات مرضية مستعصية بينهم.
ووصف ما يجري في سجون الاحتلال بأنه “موت بطيء”، داعياً إلى تسليط الضوء على معاناة الأسرى الفلسطينيين. وكشف الإجرام الصهيونى أمام العالم كله .
اعتداءات جنسية
وكشف أسير فلسطيني آخر تفاصيل مروعة عن أساليب التعذيب والاعتداءات الجنسية التي تعرض لها هو وغيره من الأسرى في سجون الصهاينة.
وأكد الأسير الفلسطيني بحسب في شهادة خاصة من داخل الأسر نقلها محامي يدعى وئام بلعوم تعرضه لممارسات تعذيب واعتداءات جنسية متكررة من قبل السجانين الإسرائيليين، بما في ذلك استخدام أدوات لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي به
ونقل المحامي عن الأسير الذي لم يكشف عن اسمه، أنه جلس في زنزانة مظلمة تملأها الحشرات، وهو رجل في الأربعينات من عمره من سكان شمال الضفة الغربية، واعتقل في بداية عام 2023 ووضع رهن الاعتقال الإداري.
وقال: لم يكن الأسير يتوقع أن يكون اليوم المشؤوم في نوفمبر 2023 نقطة تحول مروعة في حياته، بعد سنوات من السجن في ظروف قاسية مر بها سابقا، ولم يتخيل أن يجد نفسه ضحية لموجة جديدة من التعذيب والاعتداءات الجنسية على يد السجانين الذين لم يفوتوا فرصة للاعتداء عليه وعلى زملائه الأسرى.
وأضاف بلعوم : بدأت المأساة عندما نقل الأسير مع مجموعة من الأسرى إلى منطقة تعرف بـ”المخلول” هناك طلب منهم خلع ملابسهم والانحناء أمام أعين السجانين، ولم يكتف السجانون بمراقبتهم بل قاموا بإدخال أيديهم بالقوة في مؤخرة الأسير، وأحيانا استخدموا عصا لإلحاق المزيد من الألم والإهانة.
وتابع : الاعتداءات لم تتوقف عند هذا الحد، ففي وقت لاحق من نفس اليوم نقل الأسير إلى غرفة أخرى تعرف بـ”الزنانة” حيث أجبر مرة أخرى على الاستلقاء على بطنه وتعرض للضرب المبرح، مشيرا إلى أنه في الليلة التالية دخلت مجموعة أخرى من السجانين إلى الغرفة وبدأوا ضرب الأسرى بوحشية، مما أدى إلى تعرض الأسير وغيره لإصابات خطيرة .
وذكر المحامي : في الرابع من نوفمبر 2023، اقتحم السجانون مجددا غرفة الأسير وجروه إلى الحمام واستمرت حلقات التعذيب، هذه المرة استخدموا جزرة وخيارة كأسلحة جديدة للتعذيب لإلحاق أقصى درجات الألم والإهانة به، حيث تم إدخالها في المنطقة الحساسة من جسده .
وقال : بعد هذه الليالي المروعة أدرك الأسير أن ما مر به لم يكن حادثة فردية، بل كان جزءا من نمط متكرر من الوحشية التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، مؤكدا أن زملاءه تعرضوا لنفس التعذيب والاعتداءات .
تدويل القضية
وأكد الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، أن الانتهاكات الصهيونية الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين لا تتوقف حتى بعد عملية التحرير، مشيرا إلى أنه تسبق عملية تحرير المعتقل، الاعتداء المباشر والضرب لمدة أسبوع بجانب التنكيل الذي خضع له كل الأسرى وعمليات التعذيب التي تعرضوا لها في سجون الاحتلال .
وقال عبدالعاطى فى تصريحات صحفية : نحن أمام انتهاكات مستمرة وهائلة، حيث تهدد إسرائيل العائلات بعدم الاحتفال واقتحام منازلهم واعتقال بعضهم وتحييد الأسرى لمنعهم من الحديث عن ما حدث لهم من جرائم بحقهم داخل سجون الاحتلال.
وأضاف أن هذه الممارسات تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يجب محاسبة دولة الاحتلال عليها، ويجب تدويل قضية الأسرى والمعتقلين في السجون وهذا يجعل قضية الأسرى قضية كل حر في كل دول العالم، مشيرا إلى أن هذا التدويل يتم من خلال إحالة ملف الأسرى والمعتقلين إلى المحكمة الجنائية الدولية والذهاب إلى استخدام مبدأ الولاية القضائية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه خاصة بعد استشهاد 58 معتقلا داخل السجون منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن بسبب جرائم التعذيب والإهمال الطبي والاغتصاب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.
وشدد عبدالعاطى على ضرورة قيادة تحركات دبلوماسية مع دول العالم المختلفة للضغط من أجل احترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني وعقد مؤتمر للدول الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف للنظر في حقيقة جرائم الاحتلال بحق المدنيين والمعتقلين والضغط على الصليب الأحمر وباقي المنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية لزيارة السجون وقيام لجنة تقصى الحقائق الدولية بدورها في التحقيق في انتهاكات الاحتلال ونشر نتائج هذا التحقيق وتدشين حملة دولية بالتظاهرات والإسناد الشعبي والضغط على دول العالم للقيام بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية في هذا الملف .