نجا من 7 محاولات اغتيال قبل استشهادة .. من هو “محمد الضيف ” الرجل الأول في كتائب “القسام”؟

- ‎فيعربي ودولي

 

مع إعلان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، مساء اليوم الخميس، عن استشهاد محمد الضيف قائد هيئة أركان “القسام”، تنتهي مسيرة رجل أرهق حسابات إسرائيل لسنوات طويلة، وهو القائد العسكري الذي أعلن جيش الاحتلال أكثر من مرة اغتياله، قبل أن يكتشف في كل مرة أنه حي يرزق، حتى بات الإعلام الإسرائيلي يسميه بـ”رجل الظل”.

ومحمد الضيف هو محمد دياب المصري، وُلد في غزة عام 1965، وهو من أسرة فلسطينية لاجئة هُجّرت عام 1948 من قرية القبيبة إلى غزة، حيث نشأ في مخيم خانيونس للاجئين جنوبيّ القطاع، وظل يعيش فيه قبل ملاحقة إسرائيل له. نشأ الضيف المعروف فلسطينياً باسم “أبو خالد” في أسرة فقيرة، وعمل مع والده في مجال الغزل والتنجيد، وأنشأ مزرعة لتربية الدواجن، وعمل سائقاً لفترات، واضطر في بعض الأحيان إلى التوقف عن الدراسة لمساعدة أسرته في تأمين احتياجاتها، وفق عدد من المصادر والمعلومات المنشورة. وجاء لقب “الضيف” الذي يشار إليه نتيجة تنقله في أكثر من مكان بين غزة والضفة الغربية قبل الانتفاضة الثانية عام 2000، ولكثرة استقباله من الأسر الفلسطينية التي كانت تؤويه وتستضيفه من الملاحقات الإسرائيلية.

 

وحصل محمد الضيف وهو الرجل الأول في “القسام” على شهادة البكالوريوس في تخصص العلوم من الجامعة الإسلامية في غزة، حيث كان ناشطاً بارزاً في الحركة الطلابية خلال فترة دراسته في الثمانينيات من القرن الماضي، وعُرف بهدوئه وذكائه الشديد بين أقرانه. التحق القائد العام لـ”كتائب القسام” بصفوف حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987، في أعقاب اندلاع انتفاضة الحجارة، واعتُقل عام 1989 وقضى في سجون الاحتلال 16 شهراً بتهمة العمل العسكري.

 

واشتهر باسم محمد الضيف بعد انضمامه إلى “حماس” خلال الانتفاضة الأولى، أو الانتفاضة الفلسطينية، التي بدأت عام 1987.

 

ونجا الضيف من سبع محاولات اغتيال سابقة، أخرها كان في عام 2021، في خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، حينها، أنه فشل مرتين في اغتيال الضيف خلال حربه على غزة في عام 2021. وقال المتحدث باسم الجيش، حينها، إن قواته حاولت مرتين خلال الحرب على القطاع استهداف الضيف دون جدوى. حاول الاحتلال استهداف موقع سري وعميق تحت الأرض من عدة زوايا وبأسلحة مختلفة، حيث كان يوجد محمد الضيف دون أن يتمكن من تحقيق هدفه، بحسب المتحدث باسم الجيش.

 

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد أعلن، في وقت سابق، تنفيذه محاولة اغتيال للقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، في محاولة لم يتضح في حينها نجاحها أو عدمه، خصوصاً أن وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت إلى أن التحقيق في نتائج العملية “قد يستغرق وقتاً”، لكنها رجحت “نجاح العملية”.

 

واعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي محمد الضيف في عام 1989، خلال حملة واسعة ضد حركة حماس، قبل أن يخرج بعد أن أمضى 16 شهراً في سجون الاحتلال دون محاكمة، ليجد أن كتائب الشهيد عز الدين القسام كانت قد بدأت تظهر كتشكيل عسكري، وكان الضيف من مؤسسيها وفي طليعة العاملين فيها.

 

وخلال وجوده في حركة حماس، عمل الضيف على تطوير شبكة أنفاق للحركة كما طور عملية صنع القنابل التي استخدمتها الحركة في عملياتها المختلفة، ما دفع إسرائيل إلى مطاردته وتنفيذ سبع محاولات لاغتياله، أسفرت واحدة منها عن استشهاد زوجته وطفل رضيع له كان يبلغ من العمر سبعة أشهر فقط، وابنة في الثالثة من عمرها، ما دفع الرجل إلى أن يعيش حياته في الظل، بعيداً عن عيون أجهزة المراقبة الإسرائيلية، وهو ما جعله بطلاً شعبياً في المجتمع الفلسطيني.

 

 

وفي الحرب الحالية على قطاع غزة، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الأدميرال دانيال هاغاري، صورة زعم أنها “جديدة ومحدثة” لمحمد الضيف، يظهر فيها وهو يحمل رزمة من الدولارات الأميركية وكوباً بلاستيكياً من العصير.

 وقال هاغاري، حينها، إن الجيش عثر على صورة الضيف على جهاز كمبيوتر صودر في غزة. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت، في بداية الحرب على غزة، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عثر على عدد من مقاطع الفيديو تعود لمحمد الضيف، تشير إلى أن وضعه الصحي جيد جداً، وأفضل بكثير مما كانت تشير إليه التقديرات الإسرائيلية بعد عدد كبير من الهجمات، وعمليات القصف، ومحاولات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل ضده والتي أصيب في بعضها. وأظهرت المقاطع أن الضيف كان يستطيع المشي على قدميه بقواه الذاتية ولا يحتاج إلى كرسي متحرك، كما يبدو أنه قادر على استخدام كلتا يديه.

وقبل الحصول على هذه المقاطع المصورة، كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن محمد الضيف، بسبب الإصابة في إحدى محاولات الاغتيال، كان يحتاج إلى مساعدة من قبل آخرين، وأنه يتنقل في سيارة إسعاف، ويستعين بكرسي متحرك، ويعاني من صعوبات وظيفية كبيرة.

وقبل هذه الصور، كان لا يتوافر سوى ثلاث صور للضيف: إحداها وهو في العشرينيات، وأخرى وهو ملثم، والثالثة لظله، وهي التي تم استخدامها عندما تم بث التسجيل الذي أعلن عنه عن عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر.

 

وعلى الرغم من محاولات إسرائيل لملاحقته، يبدو أن عملية “طوفان الأقصى”، التي أعلن عنها الضيف نفسه في تسجيل صوتي له، أثبتت أن “رجل الظل”، كما يسميه الإعلام الإسرائيلي، كان يلاحق إسرائيل أكثر مما كانت تلاحقه. إذ قال الضيف، خلال التسجيل، بصوت هادئ، إن حماس حذرت إسرائيل مراراً لوقف جرائمها بحق الفلسطينيين، وإطلاق سراح السجناء الذين قال إنهم تعرضوا للإيذاء والتعذيب، وكذلك وقف مصادرة الأراضي الفلسطينية. وأضاف: “في كل يوم تقتحم قوات الاحتلال مدننا وقرانا وبلداتنا على امتداد الضفة الغربية وتعيث فيها فساداً، تقتل وتصيب وتهدم وتعتقل، حيث ارتقى المئات من الشهداء والجرحى في هذا العام جراء هذه الجرائم، وفي الوقت نفسه تصادر الآلاف من الدونمات وتقتلع أهلنا من بيوتهم وأراضيهم ومضاربهم وتبني مكانهم المستوطنات وتحمي قطعان المستوطنين وهم يعربدون ويحرقون ويسرقون”.