انهيار حكم البعث في سوريا بعد 54 عاما من القمع والتوحش..درس الحرية

- ‎فيتقارير
Local residents cheer as they gather on a street in the Damascus suburb of Jaramana on December 8, 2024. Syrian rebels said on December 8 that President Bashar al-Assad had fled the country, calling on citizens abroad to return to a "free Syria" and saying that Damascus was free of the "tyrant". (Photo by LOUAI BESHARA / AFP) (Photo by LOUAI BESHARA/AFP via Getty Images)

 

مع إعلان البيان الأول  للمعارضة السورية  من مبنى التلفزيون السوري، تخرج سوريا من دوامة القمع والاستبداد والإفقار والصراعات الطائفية، الممتدة منذ 54 عاما.

ووفق موقع “أكسيوس” الأمريكي ، فقد غادر بشار الأسد العاصمة السورية دمشق في منتصف الليل وتوجه إلى قاعدة روسية بنية مواصلة الرحلة من هناك إلى موسكو.

وسيطرت المعارضة السورية المسلحة على العاصمة السورية دمشق فجر الأحد، معلنة سقوط نظام بشار الأسد وحزب البعث السوري، الذي حكم البلاد مدة تزيد على الـ 60 عاما.

وأفادت “إدارة العمليات العسكرية” التابعة لفصائل المعارضة السورية، بدخول مقاتليها إلى العاصمة دمشق، في حين نقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين عسكريين هروب بشار الأسد إلى خارج البلاد.

 

وأعلن عدد من المعارضين السوريين، على شاشة القناة الرسمية، ما أسموه البيان رقم 1 والذي أشار إلى إسقاط نظام حكم بشار الأسد في سوريا.

وقال أحد الناطقين باسم المعارضة: “بيان رقم 1، بسم الله الرحمن الرحيـم، تم تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد وتحرير جميع المعتقلين المظلومين من السجون”.

 

عهد جدبد

وبسقوط بشار الأس دينتهي عهد قديم ومرير ، هي  حقبة البعث السوداء في تاريخ سوريا، عقب معارك استمرت 11 يوماً فقط،  بعد أن رفع داعمو الأسد يدهم عليه، أو لانشغالهم بمشكلات أكبر من دعم وجود الأسد، كالحرب الأوكرانية مع روسيا، والأزمات الإيرانية والضربات العسكرية الإسرائيلية لها.

وبعد أكثر من  ثلاثة عشر عاماً من الحرب والقتل والعوز والتهجير، شهدت صبيحة الثامن من ديسمبر 2024 سقوط نظام بشار الأسد مع وصول طلائع فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق، وقبل حتى أن تدخل كافة أحيائها، جاء الخلاص سريعاً وبدون صدام، وسبقت ذلك أنباء مفرحة بعدما تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على العديد من السجون في ريف دمشق والقنيطرة وحمص، والتي طالما كانت مصدر رعب للسوريين، وآخرها سجن صيدنايا سيئ الصيت، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين بعد مفاوضات قصيرة مع المشرفين على تلك السجون، ليفتحوا أبوابها، ويلوذوا بالفرار.

 

ومع فرار الأسد  خارج سوريا، أعلن رئيس حكومته محمد غازي الجلالي أنه ما زال على رأس عمله ولن يغادر البلاد، مشيراً إلى أنه يمد يده إلى كل أطياف الشعب السوري ومستعد لإدارة شؤون البلاد، وجاءت المباركة سريعة من رئيس “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، قائد العمليات العسكرية للمعارضة السورية، بأنّ كل المؤسسات في دمشق ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسمياً.

في تلك الأثناء، كانت “إدارة العمليات العسكرية” تعلن وصول مقاتليها إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين بقلب العاصمة دمشق، بينما توقف بث محطات التلفزيون التابعة للنظام والتي تبث جميعها من هذا المبنى، وقد واظبت حتى دقائق قبل توقفها، على بث الأكاذيب بأنّ “الوضع بخير، وكل ما يقال عن زحف المعارضين نحو العاصمة مجرد خدع وحرب نفسية” ومع انتشار هذه الأخبار، بدأ سكان العاصمة دمشق الذين يعرف عنهم الحذر والخشية الشديدة من بطش أجهزة النظام الأمنية، التدفق إلى الشوارع لاستطلاع ما يحدث، وتوجه بعضهم الى مبنى التلفزيون ليقفوا بأنفسهم على حقيقة ما يجري، بينما كانت مآذن الجوامع تصدح بالتكبيرات.

 

 

أوهن من بيت العنكبوت

 

لقد كان انهياراً أسهل وأسرع مما اعتقد معظم السوريين طوال عقود، حتى خيل إليهم أن نظام بشار الأسد عصي على الزوال، وأن قدر أجيال منهم أن تولد وتموت في ظله، بعد أن ورث الابن الحكم عن أبيه حافظ الأسد عام 2000، وكان يمني نفسه نقله إلى ابنه أيضاً، 11 يوماً، كان ما احتاجه الأمر بعد انطلاق المعارضة السورية المسلحة من إدلب لتستولي على حلب، ثاني أكبر مدن البلاد في يوم واحد، وتنتقل بعدها إلى حماة وحمص وصولاً ليلة السبت الأحد إلى دمشق، فيما هب الأهالي الناقمون في جنوب البلاد وشرقها، ليلتحقوا بهذا الزحف، ويتلاقى معارضو الشمال مع الجنوب في العاصمة، دون مقاومة تذكر من قوات النظام التي تحيط بالعاصمة من كل حدب وصوب. لقد تبخرت هذه القوات فجأة، بعد أن هرب قادتها طالبين السلامة، بينما نزع العناصر لبساهم العسكري، ولاذوا بالفرار إلى بيوتهم، بعد أن منحت قيادة الفصائل الأمان لكل من يلقي سلاحه، ويلتزم بيته.

 

1970

 

اليوم تطوى صفحة سوداء من تاريخ سورية، لم يعرف خلالها السوريون سوى القهر والخوف والمذلة، حقبة كئيبة تمتد لـ54 عاماً بدأت مع حافظ الأسد عام 1970، بعد انقلاب حزب البعث ووصوله إلى السلطة، وانتهت مع بشار الأسد قبل نهاية العام 2024 بأيام قليلة، يرى كثير من السوريين أنها كانت الأسوأ في تاريخ بلادهم القديم والمعاصر، نبت فيها الفساد والطائفية والخوف، وترعرعت خلالها الفروع الأمنية والسجون، بينما تراجع التعليم وتوقفت الحياة السياسية وعجلة الاقتصاد.

 

درس لكل الشعوب

 

ويأتي إسقاط الأسد درسا معبرا ومهما لكل القوى الثورية والرافضين لكل الاستبداد  والقمع،   بأنهم قادرون على خلع أنظمتهم المستبدة، في حال توحددوا، ووجهوا جهودهم نحو المستبد.

وهو ما يمكن أن يتحقق في مصر وفي تونس وغيرها من الدول العربية.