تطورات الحرب الصهيونية على جنوب لبنان تكشف فشل قوات الاحتلال في الهجوم البري وعجزها عن التوغل لمسافة كيلومتر واحد في جنوب لبنان، وذلك بسبب القدرات القتالية العالية لحزب الله وقوات الرضوان، التي تتصدى بحرفية ومهارة لأي تقدم صهيوني. بالإضافة إلى ذلك، يستهدف حزب الله الحشود الصهيونية في المستوطنات والأهداف الحيوية في مدن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الوضع على ساحة المعارك يمنح السياسيين اللبنانيين موقفًا قويًا للتمسك بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 وعدم الرضوخ للمطالب الصهيونية، رغم المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال من قصف للمدنيين واستهداف للبنى التحتية وهدم المنازل والمدارس والمستشفيات.
هذه الأوضاع لا تمهد الطريق نحو إنهاء الحرب، بل تعزز موقف حزب الله في ربط المسار اللبناني بمسار قطاع غزة، مما يشكل حجر عثرة أمام الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، حتى لو كانت لديه رغبة حقيقية في إنهاء الحرب. فربط وقف الحرب بانتصار الصهاينة لن يتحقق أبدًا.
القصف الجوي
في هذا السياق، أكد الفريق قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردني السابق، أن القصف الجوي الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية جاء بعد الفشل في تحقيق اختراق بري على الأرض.
وقال محمود في تصريحات صحفية: “استراتيجية القصف الجوي الإسرائيلية للبنان تأتي بعد الإخفاق في تحقيق أهداف واضحة بريًا أو التعرض لحالة عملياتية غير طبيعية. كما أنه يعكس حالة التوتر العامة داخل إسرائيل”.
وأضاف: “هناك بنك أهداف كبير لإسرائيل، وتستهدفه عبر القصف الجوي، الذي يعد التعبير الأكثر وضوحًا عن القوة الإسرائيلية”.
وأشار محمود إلى أن العمل البري الإسرائيلي في بدايات المرحلة الثانية، التي تزعمها إسرائيل، يواجه مقاومة شديدة وفشلاً مستمرًا، مؤكدًا أن ما يُزعم عن استهداف مستودعات أسلحة وبنية تحتية عسكرية لا يمكن التأكد منه على أرض الواقع.
وتابع: “القوة العسكرية لحزب الله لا تزال قوية للغاية، وتُظهر المشاهد اليومية أن القوات العاملة في الجنوب لم تتأثر بالهجمات الإسرائيلية”.
وأوضح محمود أن التفوق الإسرائيلي في سلاح الجو يُستخدم كأداة دعائية، لتعويض فشل العمليات البرية، خاصة في ظل نجاح حزب الله في اختراق الأجواء الإسرائيلية واستهداف مواقع حساسة في قلب الكيان الإسرائيلي.
وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن يلتزم بتنفيذ القرار 1701، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى لجعل جنوب لبنان منطقة خالية تمامًا من حزب الله، في حين أن الواقع يظهر عجزها عن تحقيق هذا الهدف.
قوات الرضوان
قال الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاول إبعاد مقاتلي حزب الله، خاصة قوات “فرقة الرضوان”، عن الحدود، لكنه يواجه صعوبات بالغة في تحقيق ذلك.
وأكد حنا في تصريحات صحفية أن جيش الاحتلال يسعى لدفع قوات الرضوان نحو شمال لبنان أو نهر الليطاني، بينما يواصل تدمير البنى التحتية في القرى والبلدات الحدودية، بهدف إظهار تحقيق إنجازات عسكرية تخدم مصالحه السياسية.
وأشار حنا إلى أن الاستهداف الإسرائيلي يطال مناطق مثل الجليل الأوسط وحيفا وأهداف أخرى داخل الأراضي المحتلة، لكن صواريخ حزب الله تواصل ضرب مراكز عسكرية حيوية، مثل حيفا وتل أبيب، وصولًا إلى محيط مطار بن جوريون.
وأوضح حنا أن معركة حاسمة تدور في بلدة مارون الراس بجنوب لبنان، مشيرًا إلى أن حزب الله استخدم لأول مرة مسيّرة هجومية داخل الأراضي اللبنانية.
نقاط القوة
أشار حنا إلى أن كلا الطرفين، حزب الله وإسرائيل، لا يزالان متمسكين بنقاط القوة لديهما، موضحًا أن كلمة نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بالتزامن مع قصف مطار بن جوريون، كانت مؤشرًا على مرحلة جديدة في المواجهة.
وأوضح أن حزب الله يركز استهدافه على مثلث إستراتيجي في إسرائيل، يضم حيفا وتل أبيب والقدس، بينما تركز إسرائيل على مثلث حيوي للمقاومة، يشمل جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة البقاع.
وأكد أن إسرائيل توظف تفوقها في سلاح الجو وقدراتها الاستخباراتية، لرفع كلفة الردع العقابي ضد حزب الله، في حين يستعد الطرفان لمرحلة تصعيد جديدة، قد لا تكون قريبة من الحل السياسي.