الموت يحاصر المصريين من كل جانب في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، وفي الوقت الذي يعاني فيه المرضى خاصة أصحاب الأمراض المزمنة من اختفاء الأدوية التي تخفف عنهم آلام المرض، وعدم وجودها في الصيدليات أو ارتفاع سعرها بصورة جنونية، هناك بيزنس الأدوية منتهي الصلاحية التي يقارب حجمها الـ6 مليارات جنيه، وهذه الأدوية يعاد تدويرها وبيعها على صفحات السوشيال ميديا، ما يهدد حياة المريض ويزيد احتمالات إصابته بالتسمم وأضرار صحية، كما تتسبب هذه الظاهرة في تضاعف خسائر الصيدليات، فيما ترفض شركات توزيع وإنتاج الدواء استلام الأدوية المنتهية الصلاحية، كما كان الحال منذ عشرات السنين.
في المقابل تقف حكومة الانقلاب موقف المتفرج من الأزمة ومن أجل ذر الرماد في العيون أو “الشو الإعلامي” أطلقت هيئة الدواء المصرية مبادرة جديدة، زعمت أنها تهدف إلى التخلص من الأدوية منتهية الصلاحية، وتنظيم عملية سحب المنتجات الدوائية من الأسواق بشكل آمن وفعال، وذلك بالشراكة مع المصنعين الموزعين والصيدليات لضمان التنفيذ الشامل للمبادرة بإشراف ومتابعة دقيقة من الهيئة وفق تعبيرها .
عصابات الغش
حول هذه الأزمة قال الحقوقي محمود فؤاد، المدير التنفيذي لجمعية الحق في الدواء : “المبادرة خطوة هامة ومطلوبة، لكن المهم هو التنفيذ على أرض الواقع، مشددا على ضرورة التصدي لظاهرة اختفاء ونقص وغش الأدوية والأدوية منتهية الصلاحية”.
وكشف ” فؤاد” في تصريحات صحفية أن هذه الأزمات بدأت منذ 5 سنوات، حيث انتشرت الأدوية المغشوشة في كل مكان وأصبحت تحاصر المرضى، موضحا أنه وفقًا لقانون 127 سنة 1955، فإن الشخص الوحيد الذي يحق له بيع وتداول الأدوية هو الصيدلي والصيدلية هي المصدر الوحيد لشراء الأدوية، لكن مع دخول الإنترنت وعدم جود قوانين رادعة لعصابات الغش في الأدوية، أدى ذلك إلى وجود ظاهرة بيع الأدوية منتهية الصلاحية على الإنترنت عن طريق صفحات شخصية وصفحات مجهولة وجروبات على الواتس آب.
وأكدأن مصر بها ما يزيد عن 700 مليون جنيه أدوية “إكسبير” رغم اعتماد القرار رقم 499 لسنة 2017 برجوع الأدوية الإكسبير إلى الشركات، ولكن الشركات في مصر لديها نفوذ طائل، وتشترط وجود فاتورة الشراء وأن تكون العلبة كاملة .
وأضاف ” فؤاد” 80% من الصيدليات تشتري أدويتها من مخازن أدوية وليس شركات توزيع، لأن التعامل مع شركات توزيع الأدوية يحتاج إلى قدرات اقتصادية كبيرة، وهناك بعض الصيدليات تبيع شريط من العلبة ويبقى الآخر وهو ما يعيق عودة الأدوية منتهية الصلاحية للشركات.
6 مليارات جنيه
وقال الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية : “السوق المصري به أكثر من 5 إلى 6 مليارات جنيه أدوية منتهية الصلاحية، ما يؤدي إلى تضاعف خسائر الصيدلي التي يتحملها بشكل يومي، بسبب البيع بسعرين، مؤكدا أنها مشكلة مزمنة نعاني منها منذ سنوات”.
وأضأف”البدوي” في تصريحات صحفية، من وجهة نظرنا المبادرة المطروحة يجب أن تهدف إلى وضع تصور للتخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية بشكل شهري، كما كان معمولا به منذ 30 عامًا، موضحا أنه بناء على التوصيات التي تقدمنا بها كصيادلة لهيئة الدواء، فإن المبادرة سيكون لها شقين، الأول هو غسيل السوق من كل الأدوية منتهية الصلاحية، والثاني، وضع آلية لسحبها بصفة دورية من الصيدليات وبذلك نغلق كل الأبواب لسوق الأدوية المغشوش والأدوية غير معلومة المصدر التي تباع علنًا على جميع المواقع وصفحات السوشيال ميديا.
أزمة سيولة
وقال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية: إن “الشعبة تستعد لتقديم طلب لحكومة الانقلاب لطرح مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لتمويل شركات الأدوية العاملة في البلاد بفائدة منخفضة وميسرة لحل أزمات القطاع، والذي يعاني من اختناقات في السيولة المالية منذ قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف مطلع مارس الماضي”.
وقال عوف في تصريحات صحفية: إن “قطاع الدواء يعاني من أزمة سيولة مالية غير مسبوقة، وإن البنوك تصنّف القطاع ضمن القطاعات عالية المخاطر، وهو الأمر الذي يضعف فرص الشركات في الحصول على القروض البنكية وفتح التسهيلات الائتمانية اللازمة لجلب الخامات الدوائية”.
وكشف أن الزيادة الأخيرة التي اعتمدتها هيئة الدواء المصرية على أسعار الأدوية بالسوق طالت نحو 20% من المستحضرات المسجلة في البلاد، أي ما يعادل 2500 مستحضر.
ارتفاع الأسعار
وفي محاولة للقضاء على أزمة نقص الأدوية كشف الدكتور جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، عن تقدم الغرفة بطلب لمصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب، لإطلاق مبادرة لتمويل شركات الأدوية العاملة في البلاد بفائدة تتراوح بين 5 و15%، لتمويل رؤوس الأموال العاملة لشركات القطاع، الذي يعاني من تقلص ملحوظ في السيولة.
وقال الليثي، في تصريحات صحفية: إن “طلب الغرفة تضمن إتاحة تمويلات لمصانع الدواء بفائدة ميسّرة في حدود 5 أو 8 أو 10% أو حتى ضم المصانع لمبادرة دعم القطاعات الإنتاجية بفائدة 15% بعد إعادة تفعيلها مشيرا إلى أن مجلس وزراء الانقلاب أبلغ غرفة صناعة الأدوية بدراسة الأمر”.
وأوضح أن الأمر المهم حاليًا في حالة استفادة القطاع بتمويلات المبادرة ذات الفائدة 15% أن يتم رفع سقف التمويل من مستوى 75 مليون جنيه للشركة، و125 مليون جنيه للكيانات متعددة الأطراف إلى 300 مليون جنيه للشركة الواحدة، و500 مليون جنيه للكيانات متعددة الأطراف، خاصة أن سقف التمويل السابق بالمبادرة أصبح لا يتناسب مع ما حدث للجنيه المصري.
وأضاف الليثي أن قطاع الدواء تجاوز مشكلة عدم توفر الدولار، لكن المشكلة حاليًا تكمن في عدم توفر الجنيه المصري.. لأن الـ Cash flow لشركات الأدوية تقلص، موضحا أنه قبل تحرير سعر الصرف لو كانت شركة الدواء ترغب في استيراد شحنات بمليون دولار كانت تجهز مكانهم 30 أو 31 مليون جنيه، حاليًا مطلوب حوالي 50 مليون جنيه في وقت ارتفعت فيه معدلات الفائدة في البلاد إلى مستوى يقارب 30%، وزادت معدلات التضخم إلى حدود 30%، وقفزت تكاليف الشحن بعد أحداث البحر الأحمر والعدوان الصهيوني على غزة، كل هذا أدى إلى احتياج الشركات لمضاعفة رأس المال العامل لتلبية متطلبات الإنتاج .
وكشف أن حكومة الانقلاب أقرت مؤخرًا تشكيل لجنة لمراجعة أسعار الأدوية كل 6 أشهر، موضحًا أن هذه اللجنة استراتيجية مهمتها وضع نظام لتسعير الأدوية حين تحريك سعر الصرف في البلاد أو ارتفاع معدلات التضخم.