لم يعد الجهاد المتعين على الأمة اليوم قاصرا على مقاومة المحتلين الصهاينة، بل الجهاد المتعين المفروض الذي هو جهاد العصر حقا هو الجهاد ضد المشروع الغربي كله بعمقه وأذياله وحراسه ولكن كيف هذا؟
لقد كشفت حرب طوفان الأقصى أن أعداء الأمة الحقيقيين كثر، فهم ليسوا اليهود المحتلين فقط، فقد رأينا كثيرا من الأنظمة العربية تتوافق رؤيتها وسلوكها تماما مع منطوق ومفهوم وتصريح وتلميح وفكر وعمل اليهود والأمريكان والغرب بعيدا تماما عن تطلعات شعوبنا المسلمة، أو تقريرات دينها الحنيف، ووجدناهم اليوم يمدون اليهود بالطعام والشراب وربما السلاح مع الخضوع التام لأوامر الصهاينة على حساب القدس وغزة وفلسطين والأقصى، مما يعني أنه لا فرق مطلقا بين هذه الأنظمة وبين اليهود والغرب وهذا يعني أن على الأمة أن تعيد فهم الواقع جيدا كي تضع قدمها وتبذل طاقتها في المكان المناسب.
فلتبدأ الأمة من حيث بدأت غزة
ماذا فعلت غزة في جهادها؟
أولا: قامت غزة وحماس بالتخلص من المنافقين (نظام السلطة) وذلك من خلال حسم عسكري قوي أذهب ريح السلطة، ومكن لحماس من إدارة غزة والإمساك بمقاليد الحكم فيها، وقد كانت هذه بداية التحرر الحقيقي من ربقة اليهود وأمريكا والغرب والتحرر من أذياله المحليين، في ظل هذه التحرر تمكنت حماس من أمرين:
تربية وصياغة شعب غزة على الفكر الإسلامي الصحيح عقيدة وعبادة وخلقا ومعاملة وجهادا وعزة وكرامة بعيدا عن الفكر الاستسلامي الانهزامي.
بناء منظومة قوة عسكرية تحمي الأرض والعرض وتكون سبيلا وسببا للتحرر الكامل إن شاء الله.
وعلى شعوبنا أن تبدأ من تلك النقطة الحاسمة وهي التخلص من أنظمة الكفر والنفاق والعمالة والخذلان والتآمر العربي، بحيث يمكن للامة أن تتحرر لتبني شعوبها وتشكل قوتها العلمية والعسكرية بعيدا عن المنظومة الغربية الكافرة.
ثانيا: تربية الشعب على الإسلام المجاهد وليس الإسلام الأمريكاني، ذي المفاهيم الخانعة التي تدفع إلى التعايش مع أنظمة النفاق والردة، وهذا عمل خطير يتحقق على وجه كامل يوم نحقق الخطوة الأولى وهي إسقاط الأنظمة العميلة لتوفير بيئة حرة هي من صناعة المسلمين لا من صناعة العملاء المنافقين.
ثالثا: إعادة بناء قوتنا العسكرية التي تبذل في تكوينها الأموال والجهود لا لتكون حربة في صدور شعوبها كما هي حال جيوش العرب اليوم، وإنما لتكون حربا على المعتدين وتهديدا لأنظمة الاستكبار العالمي.
رابعا: البذل والتضحية لكل نفيس وغالي، والتحمل لكل ألم وهذا ما تفعله غزة، وقد ضربت في ذلك أروع الأمثلة والنماذج، وهي بفضل الله ناجحة حيث الصمود الأسطوري في سبيل تحقيق العزة والكرامة والتحرير، وعلى شعوبنا وأمتنا ألا تخاف من هول وضخامة الضريبة التي تتطلبها الخطوات السابقة من الدماء والأرواح والأموال، فكل عظيمة لابد لتحقيقها من ثمن كبير وليس أعظم من الحرية في الدنيا والجنة ورضا الله في الآخرة.
لقد ثارت شعوبنا العربية ثوراتها السابقة رافعة شعار عيش حرية عدالة اجتماعية، ولهذا فشلت والواجب أن تكون ثورات الشعوب المسلمة ثورات عقائدية شعارها الإسلام والعقيدة والجهاد والتحرر وليس تلك المطالب الدنية.
فلتبدأ أمتنا في مرحلتها الراهنة بطليعة من العلماء والمفكرين والمجاهدين وأصحاب الأموال في بناء مشروعها من الآن ولتكن تلك تطلعاتنا المستقبلية بعد خيبات أمل والفشل المتكرر للتنظيمات الإسلامية وغير الإسلامية التي رضيت أن تتعايش مع الأنظمة العلمانية والليبرالية الكافرة فما جنت من وراء ذلك إلا كل خيبة وخسران.