لا يوجد بلد في الشرق الأوسط غريب على ندرة المياه، لكن مصر هي الأكبر في المنطقة، تعيد تصوير نفسها كقائد لمعركة العالم العربي ضد الإجهاد المائي، بحسب تقرير للعربي الجديد.
وتجد مصر، موطن أطول نهر في العالم وربما أشهره نفسها في وضع فريد لقيادة الجهود الرامية إلى التخفيف من أزمة المياه في الشرق الأوسط ، وسط حملة المجتمع الدولي المتعثرة ضد تغير المناخ.
ومع ذلك، فإن تحديات النيل مع القضايا البيئية تضع ضغوطا غير مسبوقة على مصر لإظهار النتائج.
من أواخر أكتوبر إلى أوائل نوفمبر من العام الماضي، استضافت مصر أسبوع القاهرة للمياه، الذي يحمل اسم “CWW”.
في ذلك الوقت، وصفه منظمو أسبوع القاهرة للمياه بأنه أبرز حدث للمياه في مصر والشرق الأوسط، و منتدى دولي رئيسي لمناقشة قضايا المياه، و أول منصة في الشرق الأوسط وأفريقيا لجميع أصحاب المصلحة لمعالجة وتحليل قضايا المياه بشكل بناء، وهو مؤشر على طموحات مصر لتصبح أبرز مثال في حرب المنطقة على ندرة المياه.
كما حظي أسبوع القاهرة للمياه بقبول كبير، حيث شمل المشاركون في نسخة 2023 مختلف أذرع المنظمات الإقليمية والدولية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.
أسبوع القاهرة للمياه ليس شيئا جديدا ، فقد حدث منذ عام 2018 ومع ذلك، تمتعت مصر بمنصة أكثر بروزا على الساحة العالمية بعد استضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022، المعروف باسم “COP27”.
وأسفرت تلك القمة عن خطة شرم الشيخ للتنفيذ، التي سلطت الضوء على الدور الحاسم لحماية وحفظ واستعادة شبكات المياه.
ووصف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تلك الوثيقة بأنها المرة الأولى التي يدرج فيها مفاوضو المناخ الدوليون المياه في الاتفاق النهائي للقمة العالمية السنوية، وهو انقلاب على مطالبات مصر بالقيادة في هذه القضية.
حتى في الوقت الذي تضع فيه مصر نفسها كواحدة من أعلى مؤيدي المجتمع الدولي للحفاظ على المياه، فإن البلاد تكافح من أجل التغلب على أزمة المياه المحلية.
وتحذر الأمم المتحدة من أن مصر قد تنفد من المياه بحلول عام 2025، مع تعرض النيل، جوهرة تاج مصر، لضغوط خاصة تباطأ النهر بسبب نقص المياه، بينما حذرت دراسة أجريت عام 2023 من تلوث واسع النطاق و غير مسبوق و لا رجعة فيه.
تنشأ العديد من هذه المشاكل من سوء إدارة مصر لنهر النيل وفشلها في تطبيق اللوائح البيئية، ومع ذلك ، فإن بعض القضايا البيئية خارجة عن السيطرة المباشرة للبلاد، فارتفاع منسوب مياه البحر، على سبيل المثال، قد يشمل أكثر من خمس دلتا النيل مع تحرك الساحل المصري إلى الداخل بما يصل إلى عدة كيلومترات في العقود المقبلة.
وقد أضافت الدول التي تشترك معها مصر في النيل إلى هذه التحديات، وتقوم إثيوبيا وهي إحدى القوى الإقليمية الكبرى في أفريقيا، ببناء سد يتباهى به كثيرا على النيل الأزرق، أحد روافد النهر المصري.
يهدد سد النهضة الإثيوبي الكبير بتقييد تدفق المياه إلى مصر عند النهر ، مما يثير أزمة دبلوماسية مستعصية، ويؤدي إلى مخاوف مستمرة بشأن احتمال تدخل عسكري مصري.
وتمثل الأزمات البيئية المتداخلة التي تؤثر على نهر النيل وإمدادات المياه الأوسع نطاقا في مصر واحدة من أكبر التحديات المحلية في البلاد وكارثة إنسانية محتملة.
لكن هذه المشاكل يمكن أن تصبح أيضا وصمة عار على سمعة مصر، حيث تحاول البلاد إنشاء سجل دبلوماسي للحفاظ على المياه، إذا كافح المسؤولون المصريون لإدارة إمدادات المياه الخاصة بهم، فقد يشكك المجتمع الدولي في مكانة مصر في الحركة البيئية وشرعية أحداث مثل الأسلحة الكيميائية.
ومن جانبها، تدرك مصر تماما حجم أزمة المياه وتقوم بنشر مجموعة من الموارد لمعالجتها.
فعلى سبيل المثال، تعهدت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية بضخ 4.741 مليار دولار ـ خمس ميزانيتها للمساعدات الإنمائية – للحفاظ على المياه.
وعلى الصعيد العلمي، أطلق المركز القومي للموارد المائية، وهو معهد بحثي تشرف عليه وزارة الموارد المائية والري المصرية، مشاريع لتحسين إدارة المياه في دلتا النيل، والتعامل مع ارتفاع منسوب مياه البحر على طول الساحل، ودمج الطاقة المتجددة في استخدام الموارد المائية.
وفي الوقت نفسه، واصل مسؤولون متنوعون مثل وزير الموارد المائية والري المصري والسفير المصري في إيطاليا عرض القضية على المجتمع الدولي لإنجازات مصر المتعلقة بالمياه.
وقد جلبت شراكات البلاد في الخارج عائدا على الاستثمار، حيث أشارت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أنها أنفقت أكثر من 3.5 مليار دولار لتوفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لمنازل أكثر من 25 مليون مصري في العقود الخمسة الماضية.
الوقت وحده كفيل بإثبات مدى هذه الالتزامات والتعاون في حل أزمة المياه في مصر وترسيخ سمعتها كبطل للحفاظ على المياه، وبالنظر إلى حجم المشكلة، ليس هناك شك في ضرورة هذه الجهود للتخفيف من الإجهاد المائي في البلاد، حتى لو كانت تمثل مجرد قطرة في دلو.
رابط التقرير: هنا