“ميدل إيست مونيتور”: زيادات قياسية في أسعار قطع أراضي المقابر في مصر

- ‎فيأخبار

في تطور جديد في مصر، وصلت قطع أراضي المقابر الحديثة والفاخرة إلى السوق مؤخرا بأسعار مرتفعة للغاية. يحدث هذا في بلد مثقل بالديون ويعاني من عدة أزمات، بما في ذلك ارتفاع الأسعار وانخفاض الظروف المعيشية والاقتصادية.

وبحسب تقرير نشره موقع ” ميدل إيست آي”، تأتي قطع أراضي المقابر الجديدة بمعايير وخدمات معمارية متميزة للأثرياء والمشاهير ورجال الأعمال. وفي الوقت نفسه، تتنافس شركات المقاولات للإعلان عن قطع أراضي المقابر هذه، إلى جانب ميل الحكومة إلى الاستثمار في أعمال الجنازة.

وقال التقرير إن منصات التواصل الاجتماعي في مصر تمتلئ بإعلانات قطع أراضي المقابر بمساحات مختلفة والاستراحات الفاخرة المجهزة بمعدات جذابة وأرضيات سيراميك وجدران من الحجر الوردي والجرانيت وسلالم رخامية وديكورات على الطراز الإسلامي وبوابات حديدية وأمن خاص وحدائق صغيرة. وتتراوح أسعار قطع الأراضي من مليون إلى مليوني جنيه مصري (حوالي 33 إلى 65 ألف دولار).

 

ارتفاع الأسعار

وأضاف التقرير أن اللافت للنظر هو ارتفاع حجم الاستثمار في البورصة واتجاه شركات المقاولات إلى وضع جزء من استثماراتها في بناء مقابر في مواقع مختلفة ، بما في ذلك على حدود القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة ومدينة 15 مايو من الجنوب والجيزة من الغرب والفيوم في الوسط. قطع أراضي المقابر القديمة مزدحمة حاليا، والبنية التحتية تالفة بسبب تسرب مياه الصرف الصحي.

ولا توجد بيانات رسمية عن حجم هذا الاستثمار الذي فرض نفسه في السنوات الأخيرة وسط توجه حكومي للاستحواذ على حصة كبيرة منه من خلال طرح قطع أرض مخصصة لهذا الغرض وتسهيل التراخيص اللازمة للبناء.

وقال أحد المستثمرين في شركة مقاولات تشتري وتبيع قطع أراضي المقابر لموقع ميدل إيست مونيتور إن سعر قطعة الأرض يتم تحديده بناء على المساحة ومستوى التشطيب والقرب من الطرق الرئيسية. وأشار إلى أن سعر قطعة أرض المقبرة بمساحة 20 مترا مربعا يصل إلى 250 ألف جنيه (نحو ثمانية آلاف دولار)، بينما يتراوح سعر قطعة أرض المقبرة التي تبلغ مساحتها 40 مترا مربعا من 370 إلى 500 ألف جنيه (حوالي 12 إلى 16 ألف دولار).

وأضاف أن قطع أراضي المقابر التي تبلغ مساحتها 60 مترا مربعا، فيتراوح سعرها بين 650 ألفا إلى مليون جنيه (21 إلى نحو 33 ألف دولار)، بناء على المواصفات المطلوبة وجودة البناء، بما في ذلك الجدران الخارجية والسلالم الداخلية والأرضيات وبوابة حديدية. وأكد أنه يتم الانتهاء من البيع بعد أن يقوم العميل بفحص الموقع. تتم المبيعات بوثائق رسمية وتراخيص معتمدة من هيئة مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة.

وأوضح أن السعر يزداد بشكل كبير كلما اقترب موقع الدفن من الطرق الرئيسية، حيث يبلغ سعر قطعة أرض المقبرة التي تبلغ مساحتها 80 مترا مربعا على طريق مصر الفيوم، غرب القاهرة، أكثر من مليون جنيه (حوالي 33 ألف دولار). بالإضافة إلى سعر قطعة الأرض، يجب على العملاء دفع حوالي 5000 جنيه إسترليني (162 دولارا أمريكيا) للحكومة للحصول على الترخيص ورسوم حراسة سنوية، بينما يتم تحديد رسوم الصيانة وفقا لاحتياجات العميل وطلباته.

وأوضح التقرير أن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو عرض شركة الكوثر للأراضي والمقابر. أعلنت الشركة عن عرضها على أنه حصري ، قائلة إن لديها مزايا تنافسية مثل امتلاك قطع الأراضي داخل المجمعات مع أعمدة الإنارة والأرصفة الداخلية والشوارع المرصوفة بالبلاط المتشابك والتشطيبات على الطراز الإسلامي. كما تشمل خدمات الحراسة وكاميرات المراقبة ومسجد خاص به مصلى للنساء.

وأشار التقرير إلى إعلان آخر شائع على وسائل التواصل الاجتماعي هو عرض قطع الأراضي في مقبرة العبور، شمال شرق القاهرة. إنه مكان دفن يحتوي على قطعتين تحت الأرض ، يمكن أن تستوعب ثمانية أشخاص ، وصندوق حجري لجمع بقايا العظام بعد امتلاء القطع واستراحة . كل هذا مقابل دفعة نقدية مقدمة قدرها 25 ألف جنيه (810 دولارات) وأقساط على 30 شهرا. هناك خصومات إذا تم دفعها نقدا ، مع فحص مجاني وتسليم فوري.

أصبح هذا شائعا من خلال الإعلانات المدعومة على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ، مع الصور ومقاطع الفيديو وجداول مواعيد التسليم. بالإضافة إلى ذلك ، هناك عروض خاصة للاتحادات والشركات والمصانع داخل محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية).

 

الاستثمار الحكومي

وقبل أشهر، أعلنت حكومة السيسي، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان، عن إطلاق حجز 423 قسيمة مقبرة بمساحات تتراوح بين 40 مترا مربعا و60 مترا مربعا في مدن مختلفة داخل القاهرة وخارجها.

وأصبح حجز قطع الأراضي ممكنا عن طريق شراء كتيب الشروط والمواصفات. يجب أن يكون المتقدمون الذين يرغبون في حجز قطع أراضي المقابر مصريين ، وليس كيانات قانونية مثل الشركات أو المؤسسات. وفقا للصحافة المصرية ، يجب أن يكونوا من سكان مدن 10 رمضان أو الشروق أو العبور ولم يسبق أن خصصت لهم مقبرة أو لأقاربهم المباشرين (الزوج أو الزوجة أو الأطفال القصر).

في العامين الماضيين، توسعت حكومة السيسي في أعمال المقابر، خاصة بعد أن أصبحت شعبية، وتضاعفت أسعار المقابر، خاصة بعد إزالة المقابر التاريخية في القاهرة القديمة، بحجة توسيع الطرق وبناء الجسور.

وتشرف على هذا العمل في كل محافظة هيئة مقابر المحافظة بعد أن كانت إدارة صغيرة تابعة للأحياء ومجالس المدن. يتم تقاسم الأعمال الآن بين شركات المقاولات المرتبطة بالجيش المصري والمنظمات المتحالفة مع الهيئات العامة ، والتي تبني القبور لصالح أعضائها فقط.

في يونيو الماضي، أمر عبد الفتاح السيسي بإنشاء مقبرة الخالدين بحجة ضم رفات أولئك الذين قدموا مساهمات كبيرة في تاريخ البلاد. تم اتخاذ هذه الخطوة لاحتواء الجدل الدائر حول نقل المقابر في منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي في وسط القاهرة.

في الشهر الماضي، عرضت واحدة من أكبر الشركات العقارية في مصر 500 قطعة أرض فاخرة للبيع. تقع قطع الأراضي بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة بمساحات تصل إلى 40 مترا مربعا وأقساط سداد تصل إلى 12 شهرا. وعرضت هذه الأراضي للبيع بسعر مليون ونصف المليون جنيه (نحو 50 ألف دولار). وبررت الشركة ارتفاع الأسعار قائلة إن قطع أراضي المقبرة احتوت على مرافق مميزة وكاميرات مراقبة وعمليات صيانة دورية وخدمات متكاملة مثل مسجد وبيت للمناسبات ومواقف للسيارات ومنطقة خدمات ومبنى إداري ومظهر موحد لجميع الوحدات.

وتعود ملكية الشركة لرجل الأعمال طلعت مصطفى المقرب من النظام الحاكم. أطلق سراح مصطفى في عام 2017، بعفو رئاسي من السيسي، بعد إدانته بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم في دبي عام 2008.

 

أعمال ضخمة

يختلف سعر قطعة أرض المقبرة من محافظة إلى أخرى، وبالطبع يختلف حسب القرب والبعد عن العاصمة. يختلف السعر أيضا من الحضر إلى الريف. وهي أقل بكثير في القرى، وخاصة في صعيد مصر، جنوب البلاد، حيث تبلغ تكلفة قطعة الأرض (التي يمكن أن تستوعب شخصا واحدا) ألفي جنيه (حوالي 65 دولارا).

هذا الازدهار في بيع القبور عزز ازدهار تجارة الموت. وأدى ذلك إلى إنشاء مكاتب تعنى بإجراءات الدفن وإصدار شهادات الوفاة وغسل ونقل جثمان المتوفى وإقامة مراسم التأبين والجنازة ، بالإضافة إلى خدمات إقامة أجنحة العزاء أو استئجار قاعات لهذا الغرض وتوظيف قراء القرآن. كما يقدمون المشروبات والمياه ويوزعون التبرعات والصدقات على الأشخاص الذين يعانون من الفقر وينشرون نعيا في وسائل الإعلام.

وأصبح الحصول على مقابر لائقة في مصر ، وخاصة في العاصمة ، أمرا صعبا. وهي عرضة لزيادة الطلب ومحدودية العرض وسط ارتفاع جنوني في الأسعار أثر على جميع الخدمات والسلع في البلاد. أضف إلى ذلك الانهيار الكبير في قيمة الجنيه المصري، الذي انخفض سعر صرفه إلى أكثر من 50 جنيها لكل دولار في السوق السوداء، مقارنة ب 30.9 دولار حاليا في السوق الرسمية.

لكن بحسب الخبراء، قد يكون الأمر مرتبطا في كثير من الأحيان بمظاهر التباهي والهيبة، خاصة بين العائلات الكبيرة والمسؤولين والمشاهير، الذين يبحثون عن قبور تليق بأسمائهم وتاريخهم، حتى بعد الموت، خاصة وأن أخبار الجنازات أصبحت مادة غنية لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

ويمتد ذلك أيضا إلى عائلات الطبقة المتوسطة، التي تعتبر أنه من المخجل دفن أقاربها في مقابر خيرية تابعة للمنظمات الخيرية، لذلك يلجأون إلى شراء قطع أراضي جديدة وقد يبنون طابقا ثانيا. أصبح دفن الموتى معضلة للمصريين، إضافة إلى الأعباء اليومية التي ما زالوا يواجهونها وهم يستقبلون العام الجديد.

 

 

رابط التقرير: هنا