خلال موسم الرياض ظهر الممثل بيومي فؤاد باكيا في السعودية تطبيلا لشخصه واستجداء للسعوديين مبررا مشاركته رغم الحرب على غزة، وأمام الجمهور في المسرح، انتقد فؤاد علنا زميله الفنان محمد سلام لاعتذاره عن القدوم وتقديم مسرحيته بسبب ما يجري في غزة.
وبكل ما للتطبيل من معنى هاجم بيومي فؤاد زميله لعدم مجيئه، معتبرا أن ما يقدمه فنا وليس لإضحاك الناس.
وكرّر بيومي شكره للسعودية وشعبها للحضور، معبرا عن امتنانه أكثر من مرة، حتى وصل به الأمر للبكاء دون سبب، ما دفع كثير من الحاضرين للاستغراب لهذه الطريقة الماكرة.
وتعرضت أعمال الممثل بيومي فؤاد في السنتين الماضيتين لهبوط حاد في المبيعات، بعدما بات يقدم موادا رخيصة وفقا لتقييم النقاد، حتى إن بعض أفلامه الأخيرة لم تحقق أي نسبة مشاهدة في مصر.
خلال 10 سنوات من عمر انقلاب 3 يوليو 2013، في مصر، كان للفن دور كبير في التمكين للسيسي، حيث جرى استخدام القوة الناعمة المصرية من الفنانين سواء المطربين والممثلين والمخرجين، بجانب شركات الإنتاج والفضائيات والصحف، لدعمه منذ اللحظة الأولى.
عدد قليل من الفنانين الذين اعترضوا على سياسات السيسي، وغادروا القاهرة تباعا خوفا من البطش الأمني الذي اتخذته سلطات الانقلاب منهجا لها مع المعارضين، حيث توجه خالد أبوالنجا إلى أمريكا، وعمرو واكد إلى فرنسا، ومحمد شومان وهشام عبد الله وهشام عبد الحميد إلى تركيا، وجيهان فاضل إلى كندا.
ومع تزامن إعلان السيسي نيّته الترشح لمسرحية الانتخابات الرئاسية، التي يبدأ التصويت لها اليوم في الخارج، مع تصريحات مؤيدة من نجوم الفن، وحده كريم عبد العزيز طالته الانتقادات، قبل أن تنقسم الآراء بين متفهّم للموقف الذي عبر عنه مع كثيرين من زملائه، وبين مُطالب بمشاركة الفنانين في معركة رفع الوعي إزاء الوضع الراهن في المحروسة.
وانتشر على نطاق واسع مقطع فيديو مظهرا كريم وهو يعلن تأييده لترشح السيسي، وبدا خلال الفيديو كأنه ينطق بكلمات أُمليت عليه، ما دفع البعض للافتراض أنه صوره تحت التهديد، حتى إن مقدم برنامج «جو شو»، يوسف حسين، استخدم الذكاء الاصطناعي ليظهر بطل «الفيل الأزرق» في الفيديو موثقا بالحبال.
لكن ما يعرفه كثيرون أن كريم من الفنانين المفضلين حاليا لدى النظام العسكري، وهو يتمتع بمعاملة خاصة، وما لا يغيب عن المتابعين لما يدور في الكواليس، أن تفضيل الفنانين للنظام، لا يعني اقتناعهم بسياساته، لكنّهم محاصرون من جهات عدة وبعروض تمثيل مختلفة، ويحصلون على امتيازات ربما لا يحتاجونها، فقط للاستمرار في أداء الشخصيات المطلوبة منهم، مثل الدور الذي يلعبه عبد العزيز في مسلسل الاختيار 2 هكذا، من الطبيعي أن يعاني الفنان من صعوبة في التملص من تلبية طلب لتسجيل فيديو تأييد، فهو أمر شبه عسكري.
وهذا ما يفسر انقسام الناس بين متشدّدين يريدون من النجوم اتخاذ مواقف معلنة وواضحة ضد النظام، وبين متفهمين يعرفون أن الوضع ليس بهذه السهولة، فأي محاولة للتهرب تعني الجلوس في البيت.
يلفت هؤلاء إلى أن أي محلل للغة الجسد، سيدرك بسهولة أن الفيديوهات أو حتى صياغة التصريحات تعني أن الفنان ليس مقتنعا بما يقول، تحمل كريم عبد العزيز الجانب الأكبر من الانتقادات بسبب شعبيته الواسعة، ولأنه صاحب أول فيديو.
لم ينتبه المتابعون إلى أن نيللي كريم أيضا قدمت فيديو، فيما اكتفى أحمد السقا بتصريحات صحفية مؤيدة لاستمرار السيسي.
من جانبها، أصدرت نبيلة عبيد بيانا في السياق نفسه، ورد حسين فهمي وأشرف زكي وخالد زكي وهاني شاكر على استفسارات الصحفيين بأنهم مؤيدون بلا شك.
بمعنى آخر، يمكن القول إنه حتى المؤيدين لم يستخدموا بعد حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن مواقفهم من الانتخابات، سواء كانوا مقتنعين بالسيسي أو مرغمين على إبداء الاقتناع.
هذا التأييد الخجول رغم الانتقادات التي طالت أصحابه، يقابله تأييد صريح على مستويين، الأول من فنانين مصممين على الربط بين شخص الرئيس ومصر، وفي مقدمتهم محمد فؤاد الذي ظهر في حفلات نصر أكتوبر باكيا، يردد: «لو مت اكتبوا على قبري مصر حبيبة فؤش».
وغالبا ما لا يتماسك فؤاد نفسه في الأحداث الوطنية الكبرى، ما عرضه لانتقادات عدة خلال ثورة يناير 2011، كذلك الأمر بالنسبة إلى فنان مثل أحمد فؤاد سليم الذي يعتبر حاليا الصوت الرسمي للنظام في معظم الأفلام الوثائقية التي تتناول الإنجازات، قبل أن يظهر في المشهد الأهم قبل ترشح السيسي رسميا على مسرح مؤتمر «حكاية وطن» ويؤكد بحسب شاشات نقلت مسيرات مرتبة بالكامل بأن الملايين يناشدون السيسي لإعلان الاستمرار.
قلة هم الفنانون المؤيدون من تلقاء أنفسهم، وتأثيرهم محدود في الشارع، وإلا لما طلب رجال حملة السيسي فيديو من كريم عبد العزيز وتصريحات من أحمد السقا.
لكن استُغل الشارع بطريقة أخرى وعبر مستوى ثان من الفنانين المؤيدين، وهم مطربو الأغنية الشعبية الذين حُشدوا في الميادين بحجة إحياء حفلات اليوبيل الذهبي لـنصر أكتوبر، في مقدمتهم رضا البحراوي، وبوسي ومحمود الليثي، ليوجهوا تحية للرئيس من منصة الاحتفالات وتنتشر تلك الفيديوهات لاحقا.
وفي الوقت نفسه، صُوِّر تجمع المصريين لمشاهدة الحفلات على اعتباره مسيرات تأييد، إذا يدعي النظام ظاهريا أنه مطلوب شعبيا، ويستعين بالممثلين لتأكيد هذا الأمر، إلا أن معظمهم حتى الآن يؤدون الدور جبرا لا اختيارا، في ظل هندسة متعمدة للانتخابات.