في إستربيز ماجن وفاضح، يوحي بمدى تغلغل إسرائيل وتبعتها واشنطن في صناعة قرارات المنظمات الدولية، وخاصة النظام المالي العالمي، وتوجيهه نحو خدمة أهدافها، جاء إعلان مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، السبت، أن الصندوق يدرس بجدية زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ ثلاثة مليارات دولار، نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 42 يوما.
ويأتي إعلان الصندوق عن تقديم قروض إضافية لمصر، بعد أيام من إعلان الاتحاد الأوروبي سلة مساعدات تصل لـ 10 مليار دولار ، لمساعدتها في مواجهة الحرب الدائرة في غزة.
وذلك على الرغم من عدم تأثر مصر مباشرة بالحرب على غزة، ولكن تلك الإغراءات التي لا يمكن تفسيرها إلا في إطار مطالبات إسرائيل وأمريكا لمصر بالقبول بفكرة تهجير أهالي شمال غزة إلى سيناء أو مناطق أخرى داخل المدن المصرية، كالعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر ، أو بورسعيد والإسماعيلية والسويس، في ظل رفض المؤسسة العسكرية قبول التهجير في سيناء.
وكان السيسي والنظام السياسي، قد ترك باب المفاوضات مواربا، بإعلان أنه يدرس مع المسئولين الإسرائيليين والأمريكان ترتيبات المستقبل في قطاع غزة، وهو ما شجع الأطراف الدولية على إطلاق حملات ترويج لقروض ومساعدات لمصر ، تحت مسميات عدة، كالمساعدة في ضبط مسألة الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا، أو معالجة أثار الحرب في غزة وغيرها.
الصندوق من التشدد إلى مزيد من القروض
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي، غورغييفا، قد قالت في مقابلة أجرتها معها وكالة “رويترز” على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي ونشرتها أمس السبت: إن “الصراع يدمر سكان غزة واقتصادها، وله آثار خطيرة على اقتصاد الضفة الغربية”.
وأكدت أن الصراع يشكل أيضا صعوبات للدول المجاورة، مصر ولبنان والأردن، من خلال الخسائر في إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.
واتفق صندوق النقد الدولي مع الحكومة المصرية في وقت سابق على تأجيل صفقة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، تستهدف تخفيضا رابعا للجنيه ومرونة سعر الصرف، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل.
وقالت وكالة “بلومبيرج”، الشهر الماضي: إن “مصر تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن تعزيز برنامج الإنقاذ الخاص بها إلى أكثر من 5 مليارات دولار”.
ومنذ شهور عدة، يوقف الصندوق إجراء المراجعة الأولى والثانية للقرض المخصص لمصر، متذرعا بعدم إكمال مصر لاشتراطات صندوق النقد، الذي سبق وأن طالب بسعر صرف مرن للجنيه، وتقليص مشاركة المؤسسة العسكرية والحكومة في الاقتصاد المصري، ومحاربة الفساد وغيره من السياسات الإصلاحية، بحسب الصندوق.
الاتحاد الأوروبي يقدم إغراءات
وكشف تقرير لوكالة “بلومبيرج” الأربعاء الماضي، عن خطة أوروبية لدعم مصر بقيمة 9 مليارات يورو (نحو 10 مليارات دولار)، مع إجراء محادثات حول الديون، وهو ما فسره مراقبون بأنها قد تكون جزءا من حزمة إغراءات ستقدم إلى مصر، لضمان دعمها لأي تصور غربي لحل الأزمة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وضع اقتصادي كارثي
وتبقى المخاوف من قبول مصر، بتلك الإغراءات لتنفيذ ما تطلبه إسرائيل وأمريكا منها، باستيعاب نحو مليوني فلسطيني في أراضيها، لتخفيف الأعباء الأمنية على إسرائيل، التي ترغب في إقامة غزة الكبرى لتضم إليها سيناء المصرية.
ولعل الوضع الاقتصادي الكارثي في مصر يؤشر لمزيد من الضغوط والانهيار المجتمعي الكامل في مصر، إثر سياسات السيسي الفاشلة.
حيث ارتفع حجم الدين الخارجي لمصر إلى 164.7 مليار دولار بنهاية العام المالي 2022-2023، تتضمن ديونا قصيرة الأجل بنحو 28.15 مليار دولار، وودائع وقروضا وتسهيلات بقيمة 9.4 مليارات دولار، تتطلب سداد 83.7 مليار دولار منها خلال السنوات الثلاث المقبلة.