حبست سلطات الانقلاب الشيخ عبدالحفيظ المسلمي إمام مسجد الفتح برمسيس، بعد شهادته التاريخية على قناة الجزيرة – مباشر مصر، التي روى فيها حقيقة ما جرى داخل المسجد من لجوء مئات المتظاهرين السلميين إليه للاحتماء من رصاص الشرطة والبلطجية عقب مظاهرة حاشدة شهدها ميدان رمسيس عقب جريمة فض اعتصام رابعة بيومين، في 16 أغسطس 2013.
وإمعانا في الانتقام من الشيخ على شهادته بالحق وضع الشيخ في زنزانة جنائيين؛ إلا أنه بعد 3 شهور تحول عدد من الجنائيين بالزنزانة إلى ملتزمين وحافظين للقرآن.
مظاهرة كبيرة
في 16 أغسطس 2013 خرجت مظاهرات مُعارضة للانقلاب بميدان رمسيس بالقاهرة عقب صلاة الجمعة، وواصلت قوات مشتركة من الجيش والشرطة والبلطجية في إسقاط المتظاهرين السلميين بين قتلى وجرحى بمحيط مسجد الفتح وميدان رمسيس وصولا إلى غمرة والعباسية من جهة الشرق ووصولا لشارع كلوت بيه والجمهورية جنوبا، وضربت القوات الانقلابية برؤوسها الثلاثة الحصار حول المسجد الأبرز في القاهرة، حتى صبيحة السبت 17 أغسطس اليوم التالي فيما عُرِف بأحداث رمسيس الثانية.
ومن تصريحات الشيخ عبدالحفيظ المسلمي في ذلك اليوم (مجزرة رمسيس 2) قوله: "مسجد الفتح محاصر للآن من البلطجية والشرطة منذ التراويح وحوالي 300 منهم النساء والأطفال لم يتسحرّوا و يهددوا بالذبح".
وعلى الجزيرة مباشر مصر قالالمسلمي: "يحاصرنا الآن البلطجية بحماية الشرطة".
ووجه نداء استغاثة من قلب مسجد الفتح قائلا: "نحن نستغيث ، محاصرون بالمسجد من قبل البلطجية ، ويوجد قتلى وجرحى في حالات حرجة ، المحاصرون بالمسجد عُزل وغالبيتهم من عامة الشعب".
إلا أنه اعتقل في 17 أغسطس 2013، حيث كان متواجدا في مقر عمله "مسجد الفتح" أثناء حصار قوات الأمن له، وحاول الاتصال بقيادات الجيش والداخلية أثناء الحصار لكن لم يرد عليه أحد.
واعتقل أيضا كل من كان في المسجد، وطلب من الشيخ أن يشهد زورا بأنهم كانوا مسلحين، وأن باب المئذنة يقع داخل المسجد، وليس في الخارج وتحت سيطرة الشرطة.
إلا أن قضاء الانقلاب ندب المستشار شبيب الضمراني، للحكم عليه في سبتمبر 2017 بالسجن المؤبد، في أحكام جماعية طالت المئات، وأيدت محكمة النقض الحكم في مارس 2022.
وعلى مدى سنوات طالبت المنظمات الحقوقية بإطلاق الشيخ عبدالحفيظ غزالي المسلمي، على مشارف السبعين من عمره، وهو علاوة على كونه إمام وخطيب مسجد الفتح برمسيس، هو أيضا كبير أئمة في وزارة الأوقاف، ومعتقل منذ 16 أغسطس 2013 في سجن ليمان المنيا.
ونشرت منصة (حقهم) عبر تويتر كيف أنه في الذكرى العاشرة لأحداث مذبحة رمسيس الثانية، أو ما يُعرف بمذبحة مسجد الفتح، والتي راح ضحيتها أكثر من 80 ضحية واُعتقل على إثرها أكثر من 300 سجين وحولت سلطات الانقلاب عبدالحفيظ المسلمي من شاهد إلى متهم أثناء التحقيقات، وكيف قُدمت له إغراءات لتغيير شهادته، وكيف تنتهك إنسانيته وكواليس لقاء نجله مع وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم.
ومن الإغراءات التي تحدثت عنها المنصة للشهادة الزور أنه "عرض عليه نظير الشهادة الزور 3 مليون جنيه وفيلا في الساحل الشمالي" بحسب حقهم.
تنكيل إجرامي
وعن التنكيل الإجرامي قالت حقهم: إن "الشيخ المسلمي تعرض بعد رفضه شهادة الزور للعديد من الانتهاكات منها، حلاقة شعره ولحيته، والصعق بالكهرباء، والحبس مع الجنائيين حتى تدهورت صحته، و منع دخول الأدوية والطعام، وحبسه في سجن المنيا وتعريضه للتجريد الدائم، ومنعه من التريض، والتضييق عليه في الزيارات".
وجراء موجات التعذيب بات وضعه الصحي في خطر حيث يعاني من مشاكل في التنفس، ويتعرض لنوبات إغماء، وتساقطت معظم أسنانه، وعودة "الفتاق" إليه بعد رفض إجراء العملية خارج السجن.
كما ترفض ما يسمى لجنة العفو الرئاسي مجرد الرد على التماسات الأسرة (زوجة و6 أبناء)، ويؤكد الجميع عجزهم عن فعل أي للشيخ الذي قضى 10 سنوات في السجن، وبات رهن الموت البطيء.
ومع حصار الأسرة، جرى اعتقال نجله لمدة 3 سنوات وتخييره بين تغيير شهادة والده أو بقائه في السجن للأبد، واستولوا على كل أموال الشيخ وممتلكاته، وأوقف معاش الشيخ نهائيا، (عمل بالأوقاف 30 سنة) وحصار الأسرة التي تعيش ظروفا مالية صعبة.
وحكت منصة حقهم الحقوقية عن لقاء مع وزير الداخلية مع نجله الذي روى كواليس لقائه بوزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم الذي يعرف والده جيدا، وسبق أن قابله مع أخيه في التجمع الخامس، الوزير قال له: " أبوك في إيده يخرج وهو اللي حط نفسه في المشكلة دي".
يشار إلى أن للشيخ حضورا بارزا حيث سبق أن خطب أمام المخلوع حسني مبارك مرارا في بداية الألفية، وله علاقات جيدة وتواصل بمعظم قيادات الدولة، وكان ضمن 20 إماما اختارهم وزير الأوقاف الأسبق علي جمعة ليمثلوا مصر في القوافل الدعوية، وقدم برنامجا دينيا على إحدى القنوات الفضائية، وأنشأ مائدة رحمن دائمة في مسجد الفتح،
بالاتفاق مع رجال أعمال، وتبرع ببيت لدار الأرقم، وهو أول من أدخل تعليم الكمبيوتر لـ الأئمة في المساجد في الشرق الأوسط، فكتبت عنه بعض المجلات الأمريكية، وأنشأ جمعية عمر مكرم لتزويج الشباب، وفصول التقوية، وتعليم التلاميذ بالمجان.