شنت الحركة الشعبية التي كان “مالك عقار” نائب رئيس مجلس السيادة بالسودان، أحد مؤسسيها، وقائد فرع منها؛ هجوما مفاجئا مباغتا، قد يتسبب في إعفائه من المنصب الذي أسنده له رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية، لاسيما وأن بوادر أطماع حركته باتت واضحة، وبات الشك في تحالفها المعلن أو غير المعلن مع الدعم السريع مثار التساؤلات.
وهاجمت “الحركة الشعبية لتحرير السودان” مدينة كادوقلي، في ولاية جنوب كردفان، وقال الجيش السوداني في بيان له الثلاثاء: إن “اللواء 54 مشاة التابع له في منطقة كادوقلي، تعرض لهجوم غادر من الحركة الشعبية، برغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي يجدد سنويا مع حكومة السودان”.
وأضاف الجيش السوداني أن “قوات الجيش تصدت للهجوم ببسالة وردت المتمردين وكبدتهم خسائر كبيرة، واحتسبت عددا من الشهداء والجرحى”.
غير أنه لم يصدر من الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، أي بيان بشأن الهجوم المذكور، وهي التي تسيطر على منطقة كاودا الحصينة في إقليم جنوب كردفان.
كما لم توقع اتفاقية سلام مع الحكومة السودانية، وتشترط إعلان دولة علمانية وحكم فيدرالي كامل للدخول في أي مفاوضات مع الحكومة.
وقال أعضاء بحركة التغيير الموالية للدعم السريع: إن “قوات مالك عقار طردت الضباط وجنود الجيش من الدمازين”.
غير أن نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار دعا وسائل الإعلام إلى عدم المساواة بين الجيش ومليشيا المتمرد حميدتي، معتبرا أن كل من يقاتل القوات المسلحة يعتبر متمردا.
وأعلن أن “الهدف من كل هذه المبادرات هو احتلال السودان، ونحن لن نسمح باحتلال السودان، وأن الجيش سينتصر ولا أحد يستطيع تحديد الوقت لانتهاء الحرب، وإذا انهار السودان سينهار القرن الإفريقي.”.
وقال د. محمد عثمان: إن “تصريحات مالك عقار لا تخرج من موقف واحد ولا يمكن الاعتبار بتصريحاته الأخيرة فقط، في حين تسيطر قواته على بعض المناطق ولها مخالفات بالدمازين وأم درمان.
غير أن الصحفي السوداني خالد علي الإعيسر علق على تصريحات مالك عقار أنها “مقصودة وتمثل بداية لتحولات جوهرية، وإشارته إلى أن الحرب بدأت 12 أبريل قطعت الشك باليقين بأن المتمردين بدأوا الحرب.”. مضيفا أن “وجود عقار في قيادة السيادي نقله من قالب الزعيم المتمرد إلى القائد الوطني، وهذا نموذج لتباين الأعراق وصهرها وتجييرها لمصلحة الوطن”.
حركة غادرة
وقال مراقبون إن: “هجوم الحركة الشعبية المباغت استغل انشغال أجهزة الدولة والقوات المسلحة بمعارك الخرطوم، واعتبرتها فرصة سانحة للتقدم في هذه المناطق وكسب مساحات جديدة تضاف للمناطق التي تسيطر عليها”.
وشكك مراقبون أن الحركة لم تحسب حسابات تأثير الخطوة على صورتها وعلى ما تنادي به من أفكار، فبدت كأنها تنسق مع قوات الدعم السريع لتفتح جبهة جديدة، بحيث تتوزع قدرات الجيش السوداني في أكثر من جبهة، بما يتيح لقوات الدعم السريع، التي يفترض أنها خصم استراتيجي وعدو رئيسي للحركة الشعبية، أن تتحرك بشكل أفضل وتحقق انتصاراً على الجيش السوداني.
سبب المفاجئة
ورأى مراقبون أن سبب المفاجأة هو تصريحات لـ “مالك عقار” بالقاهرة، قال فيها إن: “الشعب السوداني يلتف حول الجيش وقيادته، مشددا على أن الشعب يرفض أي تسوية مع الدعم السريع ويرى في الجيش الملاذ الآمن”.
وأضاف أن “الجيش لا تنقصه الإمدادات العسكرية للقتال، ووصف الوضع العسكري بالمطمئن من ناحية العدد والعتاد، وكشف عن توثيق ما وصفه بانتهاكات الدعم السريع الممنهجة مثل احتلال المستشفيات والمنازل ونهبها، وممارسة العنف ضد المرأة”.
وطالب عقار بأن يترك للجيش مسألة حسم التمرد بالطريقة التكتيكية والاستراتيجية التي تراها الدولة.
وقال إن: “قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي، لم تكن له أطماع سياسية أو خطاب سياسي قبل أبريل 2019، وإن تحالفه مع المجلس المركزي للحرية والتغيير، جعل له وضعا جديدا بعد الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير وسمحوا له بالتمدد”.
كما أن “عقار” أمام تصريحات مولي فيي مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، الخميس، من أن الولايات المتحدة أرجأت المحادثات بشأن السودان، لأن الصيغة المتفق عليها لا تحقق النجاح المنشود، قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار إن “السودان يرفض أي تسوية مع قوات الدعم السريع”.
وأبلغت “فيي” لجنة فرعية للشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، بأن اتفاقات وقف إطلاق النار لم تكن فعالة بشكل كامل، لكنها سمحت بنقل المساعدات الإنسانية العاجلة.
مكونات الحركة الشعبية
والحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو، تمثل سودانيين شماليين انحازوا للحركة بالاسم نفسه استقلت بجنوب السودان في الحرب الأهلية التي انتهت باتفاقية نيفاشا.
وبُعيد انفصال جنوب السودان، تعرضت الحركة نفسها لانشقاق بين رئيسها مالك عقار ونائبه، ياسر عرمان، اللذين وقعا اتفاقا مع الخرطوم، ويشغل الأول منصب نائب رئيس مجلس السيادة الحالي، وتوجد القوات التابعة له في إقليم النيل الأزرق، ولاحقا انشق عنه نائبه ياسر سعيد عرمان، وكون “الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ التيار الثوري الديمقراطي” التي تعارض القيادة العسكرية الحالية.
و”الحركة الشعبية لتحرير السودان – جناح الحلو” عدو تقليدي لدود لمليشيا الدعم السريع، والتي تغلبت في وقت ما بالتصدي لها، عندما حاول نظام الرئيس المعزول عمر البشير إنهاء وجودها عسكريا، مثلما فعلت هذه القوات بالحركات الدارفورية المتمردة ملحقة بها هزائم كبيرة.