حملات الإغاثة العربية للسودانيين تكشف العنصرية الأوروبية

- ‎فيعربي ودولي

في الوقت الذي أطلقت فيه دول عربية حملات للتبرع لإغاثة السودانيين ماليا وإنسانيا، وحث الجهات المانحة الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السودان،  لفتت صحيفة الجارديان البريطانية، إلى مخاوف أوروبية من أن السودان  الذي يمزقه القتال بين الجيش السوداني وخصمه شبه العسكري، قوات الدعم السريع  يمكن أن يغرق في أزمة طويلة الأمد، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية ذات تداعيات جيوسياسية واسعة.
 

وأشارت “الجارديان” إلى أن العديد من السودانيين بدأوا بالفعل في الفرار من القتال، وتواجدت طوابير شاسعة عند النقاط الحدودية مع مصر، ودخل ما يقدر بنحو 20 ألف شخص إلى تشاد، وأبلغت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن فرار ما لا يقل عن 40 ألف شخص من العاصمة الخرطوم، التي كانت مسرحا لبعض أعنف المعارك بين القوات الحكومية وشبه العسكرية.

ونقلت عن “أحمد سليمان” الباحث البارز في مركز أبحاث “تشاتام هاوس” أن عدد سكان السودان 45 مليون نسمة، وأنه يجب وضع احتمالية مغادرة الأشخاص بأعداد أكبر في الاعتبار إذا كان هناك صراع طويل الأمد، وستكون معظم الهجرة داخلية وإلى البلدان المجاورة، وأنه حتما، سيحاول الناس أيضا التوغل في أوروبا كما حدث في سوريا وأوكرانيا”.
 

وأظهرت أرقام وزارة الداخلية للسنة المنتهية في سبتمبر 2022 بالفعل أن الأشخاص من السودان يمثلون ثامن أكبر دولة في طلبات اللجوء إلى المملكة المتحدة – وتم منح 84٪ منهم.
 

واعترفت وزيرة الداخلية “سويلا برافرمان” هذا الأسبوع، أن المملكة المتحدة ليس لديها خطط لإنشاء أي طريق آمن للسودانيين لدخول البلاد، على عكس أوكرانيا وأفغانستان، حيث سعت بريطانيا لتقديم بعض المساعدة للأشخاص الفارين مع اندلاع القتال.

 
ونقلت عن “مي درويش” الأستاذة في جامعة برمنجهام  “إذا استمر هذا الصراع، فإننا نجازف بإصابة جيل كامل بالصدمة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى التطرف، موضحة أن السيناريو السلبي الأكثر احتمالا هو سيناريو اليمن أو سوريا، حيث يتدهور الصراع الأولي إلى قتال مطول بشكل متزايد، وتختار مجموعة من القوى الدولية جانبا وتسعى إلى استغلال ضعف البلاد”.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: إن “لديه قلقا عميقا بشأن تورط مجموعة فاجنر الروسية في الصراع”.

وقالت “الجارديان” في الختام: “في الوقت الحالي، لا يزال الوضع غامضا، وسط تقارير تفيد بأن فاجنر عرض على مقاتلي الدعم السريع أسلحة، لكن “حميدتي” رفض المرتزقة”.

وأضافت درويش: “ما رأيته في الماضي في المنطقة، هو أنه مع ابتعاد الولايات المتحدة تدريجيا، سعى لاعبون آخرون لدخول الفضاء”.

وأوضحت “الجارديان” أنه بعد كارثة العراق والتراجع الفوضوي بقيادة “جو بايدن” من أفغانستان، ولت أيام التدخلات الغربية المباشرة المهمة، على الرغم من توريد الأسلحة بكميات كبيرة إلى أوكرانيا، وأنه في السودان، ترددت الولايات المتحدة بشكل ملحوظ في نشر جيشها حتى لإنقاذ ما يقدر بنحو 16 ألف مدني.

واعتبرت أن جهود واشنطن الدبلوماسية إلى حد كبير؛ تهتم أمنيا بشكل رئيسي لتجنب تكرار كارثة بنغازي عام 2012 عندما تعرضت مبان دبلوماسية أمريكية للهجوم وقتل السفير، وتجلى ذلك بإنقاذ موظفي سفارتها من الخرطوم في نهاية الأسبوع الماضي.

في أماكن أخرى، انسحبت فرنسا وبريطانيا من مالي في نوفمبر الماضي، حيث كانا يحاولان تحقيق الاستقرار في البلاد، واشتكوا من أن حكومة الدولة الواقعة في غرب إفريقيا قد اختارت الانضمام للمرتزقة الروسية “فاجنر” المتعطشة للموارد الطبيعية.
 

نداء عاجل
بالمقابل، وبالتزامن مع حملة ساهم التي أطلقتها الأجهزة السعودية لجمع 100 مليون ريال لصالح السودانيين، وجهت منظمة التعاون الإسلامي، السبت، نداء إنسانيا عاجلا لتقديم مساعدات عاجلة للسودان.

وتحدث  بيان للمنظمة، عن تأثير استمرار أزمة الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مخلفة مئات القتلى وآلاف المصابين وأوضاعا إنسانية صعبة.

 

ووجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه نداء عاجلا إلى الدول الأعضاء في المنظمة والمؤسسات المالية والإنسانية والجهات المانحة الدولية بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السودان.

 

وشدد على حاجة السودان للإمدادات الطبية والخدمات الصحية، بل ودعم جهود البلدان المجاورة للسودان في استضافة العديد من اللاجئين السودانيين والأجانب.

وبدأت دول عربية كالكويت والإمارات وقطر إرسال مساعدات إنسانية عاجلة للسودان الأيام الماضية.

وفي 28 أبريل الماضي، أعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية “İHH” التركية، إطلاق حملة مساعدات إنسانية طارئة في السودان على خلفية الاشتباكات الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وفي 22 أبريل، بدأت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب وشرعت أكثر من 50 دولة بعمليات الإجلاء برا لا سيما عبر مصر وإثيوبيا، وبحرا عبر ميناء بورتسودان وجوا.
 

الصحة العالمية

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، السبت: إن “مساعدات طبية عاجلة لنحو 165 ألف شخص وصلت جوا إلى بورتسودان قادمة من دبي ومن المزمع توصيلها إلى 13 منشأة صحية”.

وتزن الشحنة 30 طنا وتشمل معدات جراحية طارئة وأخرى للتعامل مع حالات الصدمة، هي الأولى التي تصل إلى البلاد منذ اندلاع الصراع.

جسر جوي

ومنذ السبت تسير قطر جسرا جويا لدعم المتأثرين بالقتال في ‏السودان، ووصلت الجمعة، إلى السودان طائرة قطرية، محملة بـ40 طنا من المساعدات الغذائية، والتي تمثل أولى رحلات الجسر الجوي الذي وجه بإطلاقه.

والجسر الجوي يضم 7 رحلات، يضم مستشفى ميدانيا، ومساعدات تنموية وغذائية وطبية، مقدمة من صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية والهلال الأحمر القطري.

ووفق ما ذكرته “قطر الخيرية” على حسابها بـ”تويتر” تشمل طائرة المساعدات الأولى التي غادرت، الجمعة، إلى السودان، مستشفى ميدانيا كاملا يضم غرف عناية مكثفة ومستلزمات طبية متكاملة ومواد غذائية وتموينية.

 

وحسب ما ذكرت وكالة “سونا” السودانية ، غادرت طائرة أخرى من الدوحة السبت، محملة بمواد طبية، وسيتم إرسال بقية المساعدات تباعا عبر طائرات القوات الجوية القطرية، خلال الأسبوع المقبل.