وافق مجلس نواب الانقلاب في جلسة الأحد 15 يناير23م بصفة نهائية على مشروع قانون تقدمت به الحكومة بشأن تعديل قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، الذي يهدف إلى تحديث الإجراءات المنظمة للشؤون الوظيفية لضباط الشرطة. مشروع التعديلات يستهدف تغيير بعض معايير وقواعد توقيع الجزاءات والإحالات لمدير الإدارة العامة للانضباط والشؤون التأديبية في وزارة الداخلية، بدلاً من مديري الأمن والإدارات العامة، بهدف توحيد سلطة الإحالة وخضوعها لمعيار واحد يفرض قواعد الانضباط.
لكن الفلسفة الحقيقية والأهداف الأساسية للتعديلات هي ضمان المزيد من الولاء والإذعان الكامل من ضباط الشرطة للنظام ورؤسائهم الأعلى رتبة، ومحاولة درء أي تمرد محتمل من جانب الضباط في ظل رصد تساعد منسوب الغضب بين الضباط جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وتضررهم بسبب ذلك. والدليل على ذلك أن التعديلات تمنح المجلس الأعلى للشرطة الحق في "نقل أي فرد من الشرطة إلى وظيفة مدنية، أو إنهاء خدمته، متى ثبتت صلاحيته للتأهيل في الاستمرار بخدمة الهيئة، أو تغيب عن حضور فرقة التأهيل النفسي والوظيفي، أو تجاوزت نسبة غيابه عنها 50%".
وبموجب التعديلات "تُمنع إعادة تعيين عضو هيئة الشرطة بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ قبول الاستقالة، أو صدور قرار النقل، كما تُمنع إعادة التعيين لمن سبق الحكم عليه بالوقف عن العمل، أو سبقت إحالته للاحتياط للصالح العام، أو كان المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة قد قرّر عدم لياقته صحياً. ورغم أن الحكومة في مشروع التعديلات تزعم أن الهدف هو تحقيق استقرار المراكز القانونية والوظيفية لأعضاء الهيئة، وعدم الإخلال بالهياكل الوظيفية المستندة إلى الانضباط والأقدمية، إلا أن الهدف هو تخويف الضباط من وقوعهم تحت طائلة هذه الجزاءات التي قد تنتهي بطردهم من الخدمة وغلق باب عودتهم من جديد.
اللافت في مشروع التعديلات أنه حذف النص على إصدار قرارات المجلس مسببة، نزولاً على الاعتبارات الأمنية التي تقتضي الحفاظ على الأسباب التي تكون تحت بصره، وهو بصدد إصدار قراراته في بعض الأحوال، فضلاً عن الصعوبة العملية في تسبيب جميع قرارات المجلس، وهو ما يتوافق مع ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة بأن "الجهة الإدارية غير ملزمة بتسبيب قراراتها كونها محمولة على قرينة المشروعية، وقيامها على السبب الصحيح". وهو ما يعني منح الوزارة صلاحيات توقيع الجزاء دون توضيح أو ذكر للأسباب ما يفتح الباب أمام عمليات تنكيل وانتقام وتعسف واسعة النطاق لمن يتشكك النظام في ولائهم الكامل والمطلق.
وأورد التعديل شروطاً لإنهاء الخدمة في هيئة الشرطة، وهي الانقطاع عن العمل من دون إذن أو عذر مقبول مدة خمسة عشر يوماً متصلة، أو أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة خلال السنة. وتعتبر الخدمة منتهية من تاريخ الانقطاع في الحالة الأولى، ومن تاريخ اكتمال المدة في الحالة الثانية. كذلك نصّ التعديل على أنه إذا التحق فرد هيئة الشرطة بخدمة أية جهة أجنبية بغير ترخيص من الحكومة المصرية، تعتبر خدمة الضابط منتهية من تاريخ التحاقه بالخدمة في هذه الجهة الأجنبية، وكذلك في حال ثبوت تعاطيه المواد المخدرة بقرار يصدر من قطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية من دون غيره، أو امتناعه عمداً عن إجراء التحاليل المطلوبة لهذا الغرض.
وضمان لمزيد من الولاء قررت الحكومة رفع مرتبات وبدلات ضباط الجيش والشرطة والقضاة ونواب مجلس النواب والشيوخ في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتآكل قيمة العملة المحلية بعدما ارتفع سعر صرف الدولار من 15.7 جنيها في مارس 22م، إلى أكثر من 30 جنيها في يناير 23م.