مع تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ليتجاوز سعر الدولار الـ 27 جنيها في ظل السياسات الفاشلة لنظام الانقلاب ارتفعت الأسعار في الأسواق المحلية بصورة جعلت أغلب المصريين لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الضرورية ، خاصة مع بدء فصل الشتاء ورغبة الكثيرين في شراء ملابس شتوية ، إلا أن ارتفاع الأسعار الجنوني يحول بين الكثيرين وبين تحقيق هذه الرغبة.
ومع ارتفاع أسعار كافة السلع تزايدت معاناة الأسر المصرية حتى أصبح الشتاء للأغنياء والقادرين فقط، فهم الذين يستطيعون تحمل تكلفة فاتورة مواجهة البرد، أما الفقراء والذين يعيشون تحت خط الفقر فسوف يعانون من برودة الطقس دون أن يرحمهم أحد.
وبسبب ارتفاع أسعار الملابس الشتوية اضطر المواطنون إلى اللجوء إلى أسواق البالة والمستعمل، حيث تشهد وكالة البلح وسوق الجمعة بمنطقة الإمام الشافعي والسيدة عائشة إقبالا كبيرا، عكس محلات الملابس في كثير من المناطق مثل وسط البلد وروكسي ومدينة نصر التي تشهد حالة ركود وضعف حركة البيع نظرا لارتفاع الأسعار رغم محاولات أصحاب المحلات تنشيط المبيعات من خلال نشر مندوبي تسويق ومبيعات في الشوارع لجذب الزبائن.
ميزانية كبيرة
حول هذه المأساة قال عادل عز، موظف إنه "جاء لشراء ملابس الشتاء لأبنائه لكنه فوجئ بارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، حيث يتراوح سعر الجاكت من 800 إلى 1500 جنيه، أما البلوفر فيصل سعره إلى 700 جنيه، والتيشرت هايكول 500 جنيه".
وأكد عز في تصريحات صحفية أن من لديه أسرة مكونة من 4 أفراد فقط يحتاج ميزانية كبيرة لشراء الملابس الشتوية، متابعا ماحدش بيعرف يوفر في الشتاء أصلا، بسبب الدروس ومصاريف المدارس.
واضاف ، أنا آجي على نفسي دايما وبأجل مشترياتي علشان أوفر متطلبات الأبناء، موضحا أن الأسعار أصبحت فوق قدرة معظم أبناء الشعب المصري حتى من كانوا من أبناء الطبقة الوسطى.
سعر البالطو
وقالت منة محمد موظفة إنها "جاءت لشراء الملابس الشتوية من منطقة وسط البلد لأنها ملابس مضمونة وراقية ويتم تسليم فاتورة لها، لكن الأسعار مرتفعة جدا مشيرة إلى أن سعر البالطو وصل إلى 1200 جنيه، وذو الجودة الأقل يصل إلى 800 جنيه".
وكشفت منة محمد في تصريحات صحفية أنها كانت تريد شراء أكثر من قطعة من الملابس للعمل، لكنها اضطرت مع ارتفاع الأسعار للاكتفاء بجاكت واحد والاعتماد على ملابس شتاء الأعوام السابقة.
أولويات
وأوضح مصطفى محمود، بائع، أن الأسعار تبدأ لديه من 800 جنيه للجاكت وتصل إلى 2000 جنيه، والبلوفر من 700 حتى 950 جنيها، و«أندر تيشرت» من 500 جنيه حتى 650 جنيها، أما أسعار الجاكت الجلد الطبيعى فتتراوح بين 1000 و15 ألف جنيه في حين ترتفع الأسعار في بعض الماركات إلى 4 آلاف جنيه.
واعترف محمود في تصريحات صحفية بأن الإقبال ضعيف جدا هذا الموسم بسبب تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وغلاء أسعار مختلف السلع ما جعل الأسر تفكر في أولوياتها، ولأن الملابس لا تحتل أولوية لديهم مقارنة بالأكل ومصروفات المدارس وفواتير الكهرباء والغاز والمياه فالإقبال ضعيف عليها.
وأشار إلى أنه سيقدم في الأيام المقبلة، تخفيضات تبدأ من %20 على كافة موديلات الموسم الشتوي الحالي، في حين تصل نسبة التخفيضات إلى %50 على بعض الموديلات المتبقية من الموسم الماضي.
وكالة البلح
في المقابل شهدت منطقة وكالة البلح التي تعتبر ملاذ المصريين من برد الشتاء، إقبالا كبيرا على شراء الملابس التي تباع بأسعار أقل من غيرها من المناطق.
تقول سوسن سمير، ربة منزل إن "أسعار البلوفر تتراوح من 75 إلى 100 جنيه، أما الجاكت فيصل سعره إلى 300 جنيه، لافتة إلى أنها لا تشتري إلا الضروريات فقط".
وأضافت ، عندي جاكيت وسأشتري واحد آخر فقط للتبديل بينهما، وسأقضي بهما فصل الشتاء.
وأكدت «أم عبدالله» صاحبة ستاند بالوكالة أن ملابس الوكالة تتنوع بين ماركات «سوبر كريمة» أغلى سعر، و«كريمة» أقل منها في الجودة ، ولكنها مستوردة من أوروبا، والشعبي من دول آسيا والخليج، لافتة إلى أن الملابس مر عليها عام في بلد المنشأ، أو بها أخطاء بسيطة، أو مستعملة استعمالا خفيفا ويتم غسلها وكيها جيدا وبيعها مرة أخري.
وقالت «أم عبدالله» في تصريحات صحفية أن أسعار الملابس الشتوية تبدأ من 75 جنيها لـ«أندر تيشرت» و350 جنيها للجاكت، ومائة جنيه للبلوفر حسب جودته وبعضها من 150 إلى 200 جنيه.
وكشفت أن هناك زبائن يشترون قطعة ملابس واحدة لتتماشى مع أكثر من قطعة أخرى كالبالطو أو الجاكيت، أو "فيست" بدون أكمام، مع تغيير الحذاء والشنطة والبنطلون أو "الجيب" وكذلك الإيشارب بالنسبة للمحجبات لمواجهة ارتفاع الأسعار.
الدولار
في هذا السياق، قالت سماح هيكل، عضو مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، إن "أسباب ارتفاع الملابس ترجع لارتفاع أسعار الخامات، وهذه لها عوامل خارجية أثرت على السوق المحلي، مشيرة إلى أنه من غير الممكن ألا تتأثر الحالة الشرائية بزيادة الأسعار، لأن المستهلكين يشترون احتياجاتهم في حدود إمكانياتهم فقط، كما أن مُصنعي الملابس يقومون بتصنيع موديلات بخامات متفاوتة لتناسب كل الفئات".
وأوضحت "سماح هيكل" في تصريحات صحفية أن الزيادة في الأسعار تصل إلى 20% وأكثر في كل المنتجات سواء محلية أو أجنبية، لافتة إلى أن حل المشكلة يبدأ من الخارج بمعنى حل المشكلة الروسية الأوكرانية، والتوتر بين تايوان والصين وأمريكا، وحينها ستعود الأوضاع كسابق عهدها، وذلك لأن أي مشكلة سياسية خارجية تؤثر على مصر اقتصاديا، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار أمام الجنيه.
وأشارت إلى أنه في الفترة الحالية من الممكن أن ينتهز المواطنون فرصة الشراء من المحلات، لوجود تخفيضات تصل إلى 30٪ على جميع أنواع الملابس.
وأكدت "سماح هيكل" أن موردي الخامات من الملابس امتنعوا عن توريد الخامات للمصانع بعد تعويم الجنيه بحجة أن الدولار غير مستقر وأجبروا المصانع على الانتظار لكي يحددوا الزيادة الجديدة.