“جيروزاليم بوست”: متى تخرج العلاقات الإسرائيلية السعودية إلى العلن؟

- ‎فيعربي ودولي

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية تقريرا سلطت خلاله الضوء على تطورات العلاقات السعودية الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة بشكل سري، متسائلة متى يتم فيه الإعلان عن هذه العلاقات بشكل رسمي؟    

وبحسب التقرير، الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" لا تقيم إسرائيل والمملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية مع بعضهما البعض ، وهو وضع يعني عادة العداء بين الدول، ومع ذلك، في 3 مارس 2022، قال ولي عهد السعودي محمد بن سلمان "نحن لا ننظر إلى إسرائيل كعدو".

وقالت الصحيفة إن "هذه الملاحظة لم تكن مفاجئة لأن التعاون الدبلوماسي والاستخباراتي المكثف وراء الكواليس بين البلدين كان سرا مفتوحا لعدة سنوات، بما في ذلك زيارة سرية إلى المملكة العربية السعودية في نوفمبر 2020 من قبل رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو".

ووصف محمد بن سلمان إسرائيل بأنها "حليف محتمل، مع العديد من المصالح التي يمكننا متابعتها معا، لكنه أضاف علينا حل بعض القضايا قبل أن نصل إلى ذلك".

وتساءلت الصحيفة، ما هي القضايا التي تمنع المملكة العربية السعودية من الانضمام إلى حلفائها الخليجيين الرئيسيين ، الإمارات العربية المتحدة والبحرين  في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما فعلت تلك الدول الخليجية في سبتمبر 2020 في اتفاقيات أبراهام؟

وأضافت الصحيفة أن أحد الاعتبارات الرئيسية هو أن المملكة العربية السعودية، الوصي على أقدس موقعين في الإسلام، مكة المكرمة والمدينة المنورة، يُنظر إليها من قبل أعداد كبيرة من المسلمين في جميع أنحاء العالم على أنها الوصي على القيم الإسلامية. وهذا يجعل حتما فكرة التطبيع مع إسرائيل قضية أكثر حساسية بالنسبة للسعودية من دول الخليج الأخرى، ومع ذلك لن يكون هناك شيء صادم أو غير مسبوق في اتخاذ المملكة العربية السعودية لهذه الخطوة، وقد أُرسيت هذه السابقة باتفاقات أبراهام.

وهناك عامل آخر مقيد هو أن العاهل السعودي الملك سلمان يدرك تماما أن مبادرة السلام العربية لعام 2002 تم تصميمها واقتراحها من قبل أخيه غير الشقيق (وسلفه على العرش) ولي العهد آنذاك عبد الله، وتدعو الخطة، التي أقرتها جامعة الدول العربية في ثلاث مناسبات، إلى حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يتطلب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضي التي اجتاحتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

وبالنظر إلى ذلك، وإلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، تعد الخطة بالتطبيع الكامل للعلاقات بين العالم الإسلامي وإسرائيل.

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2021، ألزم سلمان – متجاهلا حقيقة أن اتفاقات أبراهام قد انتهكت الإجماع الإسلامي السابق على المبادرة – المملكة العربية السعودية مرة أخرى بها، مؤكدا أنها تقدم حلا شاملا وعادلا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وفي الآونة الأخيرة، لم يشر محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، وغيره من المتحدثين باسم السعودية إلى المبادرة، لكنهم قالوا جميعا مرارا وتكرارا إن "التطبيع لن يكون ممكنا حتى يتم حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني".

وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود لصحيفة "معاريف" العبرية مؤخرا إن "الأولوية الآن هي إيجاد ترتيب حتى يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من الجلوس معا وإجراء عملية سلام، وهذا سيسهل على جميع البلدان التي ليس لديها علاقات بعد مع إسرائيل، بالنسبة لنا، سيحدث هذا عندما يتم العثور على حل عادل".

وأقر بأن "دمج إسرائيل في المنطقة سيكون فائدة كبيرة ليس فقط لإسرائيل نفسها ، ولكن للمنطقة بأسرها".

وأوضحت الصحيفة أنه مع ذلك، يجب أن يدرك محمد بن سلمان أن دعوة السلطة الفلسطينية لحل الدولتين ليست هدفها الحقيقي. إن الهدف الحقيقي للقيادة الفلسطينية، مثل قيادة حماس ونسبة كبيرة من الرأي العام الفلسطيني، هو إزالة إسرائيل والحصول على كامل فلسطين من النهر إلى البحر، إنه هدف يتكرر مرارا وتكرارا للجمهور المحلي.

ومع ذلك، فإن تكتيك الدولتين هو في حد ذاته أداة واهية، إن دعم هذا المفهوم يؤدي وظيفة علاقات عامة مفيدة، ولكن لن يكون أي زعيم فلسطيني أحمق بما فيه الكفاية للتوقيع على دولتين، وهذا هو السبب في أن كل محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام على مر السنين قد تعثرت، إن الاعتراف بالحقوق القانونية لإسرائيل في المنطقة من شأنه أن يضع تهمة الغدر للقضية الفلسطينية على رأسه، وسوف تستبعد حماس غزة من أي صفقة من هذا القبيل، وقد يتبع ذلك اضطرابات سياسية داخلية.

ومع ذلك، جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكثير من العالم الغربي، فإن الخط السعودي الرسمي هو الاستمرار في الاعتقاد بأن الصفقة الإسرائيلية الفلسطينية التي تعترف بوضع إسرائيل الشرعي في المنطقة هي إمكانية عملية.

وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الدول الإسلامية الأربع التي وقعت على اتفاقات أبراهام حتى الآن تحافظ على دعمها للتطلعات الفلسطينية، لكنها قررت أن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المستعصي لا ينبغي أن يكون شرطا مسبقا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وسوف يدعمون الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق، لكنهم يعطون الأولوية لتطوير شرق أوسط مزدهر لصالح جميع مواطنيه.

وكان لكل من هذه الدول الأربع أسباب خاصة للانضمام إلى الاتفاقات، الإمارات العربية المتحدة عازمة على مواجهة الهيمنة الإقليمية التي تسعى إليها إيران وتركيا، لكنها تعمل أيضا على تطوير روابط علمية تجارية وعالية التقنية مع إسرائيل، وزيادة التعاون الدفاعي والحصول على أنظمة أسلحة من واشنطن، مثل طائرة مقاتلة من الجيل الخامس من طراز F-35.

وتقدر البحرين  قوة إسرائيل في معارضة ليس فقط إيران، ولكن أيضا الجماعات المتطرفة العنيفة التي تدعمها إيران في سوريا والعراق ولبنان، وعند انضمامه إلى الاتفاقيات أزيل السودان من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، في حين حصل المغرب على اعتراف الولايات المتحدة بمطالبه بشأن الصحراء الغربية.

عندما تزن المملكة العربية السعودية إيجابيات وسلبيات تطبيع علاقتها مع إسرائيل أو الانضمام رسميا إلى اتفاقات أبراهام، فإن تصميم إسرائيل على مواجهة طموحات إيران في الهيمنة على الشرق الأوسط سيكون اعتبارا رئيسيا، ويأمل محمد بن سلمان أيضا أن تساعد هذه الخطوة في إصلاح علاقات السعودية المتوترة مع واشنطن.

لا يزال مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر 2018 يتردد صداه في الأوساط السياسية الأمريكية، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل يمكن أن يغير التصورات حول المملكة العربية السعودية في كلا الحزبين الرئيسيين ويساعد على استعادة مكانة محمد بن سلمان بين النخبة الأمريكية.

لذلك كان محمد بن سلمان حريصا على إبقاء خيار التطبيع مفتوحا وبعيدا عن إدانة دول الخليج المجاورة، أشارت المملكة العربية السعودية إلى دعمها الضمني للإمارات العربية المتحدة والبحرين.

وقد سمحت بوصول غير مسبوق إلى المجال الجوي السعودي للطائرات التجارية الإسرائيلية، ولا تزال التقارير عن اجتماعات رفيعة المستوى بين الممثلين السعوديين والإسرائيليين تظهر في وسائل الإعلام.

ومما لا شك فيه أنه كان من دواعي الأسف أنها لم تتمكن من المشاركة إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين في قمة النقب في 28 مارس.

وبحسب التقرير، تشير المؤشرات إلى اقتراب السعودية وإسرائيل من الإعلان بشكل رسمي عن نوع من الشراكة الجيدة بين الطرفين.

 

https://www.jpost.com/opinion/article-704889