خالد حمدي يكتب: في ذكرى استشهاد الإمام

- ‎فيمقالات

المحتل ووكلاؤه هم الذين يكتبون التاريخ طوال القرنين الماضيين..
وهم الذين يحددون من الذي ينبغي أن تتضمنه كتب التاريخ، ويحفظ اسمه صبية الحي وطلاب المدارس، ومن الذي لا ينبغي..
لذلك لن ترى اسم محمد كُريم، وسليمان الحلبي، وكل مقاوم للمحتل في كتبنا كثيرا..
أخفوا تراث الرافعي طوال نصف قرن حتى قيض الله له أحد تلامذته فأخرجه وهيأه وأعاد نشره… لا لشيء إلا لمسحة حرفه الإسلامية..
كما أحرقوا كتب سيد قطب، بل وقتلوه، وأخفوا سيرته عن الأجيال اللاحقة طوال ستين سنة،
بينما عجت كتبنا ومجلاتنا وصحفنا بأدباء العري والفحش.
لن تجد في مناهجنا ولا صحفنا شيئا عن كشك فارس المنبر، ولا عن سليمان خاطر، ولا جمال حمدان، ولا غيرهم من المصلحين والمجاهدين الذين انحازوا لأمتهم، وعاشوا لقضايا الحق والعدل.
كذلك أمر المحتل مع حسن البنا…
أن يخمل ذكره ثم يموت… لأن بقاء الذكر محفز للذاكرة أن تبحث عن ماضيه..
والمؤلم في الأمر أن كثيرا من الشباب -حتى بعض المتدينين منهم- ما إن يذكر البنا حتى يكيلوا له السباب، ويفيضوا عليه الانتقاص، ولو علموا ما صنع لذكروه بالدعاء في كل صلاة..
حسن البنا هو ذلك الشاب العشريني الذي طاف بيوت الغيورين بعد سقوط الخلافة يبكي لهم ويستجدي نصرتهم وينذرهم بؤس الصنيع.
حسن البنا الذي جاء في زمان كانت بيوت الدعارة المرخصة بين أهله في مصر والشام لا تقل عن عشرة آلاف بيت مرخص، فلم يمت إلا وقد أجبرهم على إلغاء قانون البغاء.
حسن البنا موفد جيوش تحرير فلسطين، وباعث الصحوة في قوم كانوا ضائعين..
حسن البنا الذي قال عنه الشيخ محب الدين الخطيب:
إن الأستاذ حسن البنا أمة وحده!!
وقال عنه الراحل الكبير مصطفى السباعي:
حسن البنا أحد أبرز الخالدين في تاريخ الإسلام في القرن الرابع عشر.
وقال عنه الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين:
كل تجاربي في الحياة انتهت من حيث بدأ حسن البنا!!
تخيلوا معي، كيف أريد لهذا الأنموذج أن يختفي من التاريخ، وأن يجرَّم ذاكروه، والمتأسون به، والعجيب أننا نشارك المحتل ووكلاءه ما أرادوه بقصد أو بدون قصد.
وحسبك برجل أحيا الأمة، وقاوم المحتل، وأعاد إلى أذهان الشباب عزة الإسلام وشموله، واستشهد في الثانية والأربعين من عمره!!
إنني أناشد كل مخلص أن يبحث في المكتبة عما كتب عنه من كل متجرد مخلص، ويقرأه، ويعلمه أولاده إن استطاع..
فالأمة التي كان فيها مثل حسن البنا، ثم تشتكي نقص القدوات والنماذج، لهي أمة تلقي ذهبها في مواضع النفايات ثم تقف على قارعة الطريق تتسول قوت يومها.
رحم الله الإمام، وأصلح بسيرته في الآخرين، كما أصلح بعمله في الأولين.