أضرار اقتصادية وفشل إعلامي كبير.. أبرز خسائر “السفينة الجانحة” حتى الآن

- ‎فيسوشيال

تدخل سلطات الانقلاب سباقا عالميا بسرعة السلحفاة في محاولة تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة لإعادة حركة الملاحة البحرية المتعثرة في قناة السويس. ولا تزال السفينة التي جنحت أثناء عبورها للقناة ضمن قافلة الجنوب تنتظر وصول الخبراء الأجانب في التكريك والرفع الثقيل لإدارة مهمة قد تستغرق أياما وفق التقديرات الأولية، وهي حقيقة لم يجرؤ المسؤولون في قناة السويس على التصريح بها لساعات طويلة، فيما أخذت في المقابل حظا وافرا من التغطية الإعلامية العالمية للحادث الذي يهدد حركة ما يزيد عن 19 ألف سفينة تمر بالقناة سنويا وتشكل ما نسبته 12% من جملة التجارة العالمية.

وقد وجدت وسائل الإعلام في هذه التغطية مشاهد معالجة سلطات الانقلاب للحادث مادة للتهكم والسخرية من استخدام أساليب التكريك والرفع الهزيلة فضلا عن غياب الرؤية الرسمية لكيفية إدارة الأزمة.

وفيما تنتظر عشرات السفن على جانبي القناة وفي أوسطها وفق ما رصده موقع "فيسل فايندر" المتخصص في تعقب حركة السفن حول العالم يبدو المشهد أكثر ضبابية مع عجز هيئة القناة عن تقدير حجم المشكلة فضلا عن الوقت المتوقع لحلها.

تداعيات خطيرة

وتبرز في هذا المشهد حسابات الخسائر المحتملة من تداعيات تعثر حركة الملاحة ما يراكم بواعث القلق حول مصير شريان التجارة العالمي وشريان مصر الاقتصادي، فضلا عن طابور السفن التجارية المكدسة على جانبيه.  

وقال الدكتور صلاح زين الدين، أستاذ القانون البحري بجامعة قطر، إن حادث جنوح سفينة الحاويات العملاقة في قناة السويس حادث بحري ضخم، ورغم الجهد المبذول لحل الأزمة لكن النتائج ليست على ما يرام.

وأضاف "زين الدين" في حواره مع برنامج قصة اليوم على قناة مكملين أن النتائج المترتبة على الحادث ستكون وخيمة على التجارة العالمية عبر هذا الممر الحيوي المهم، والذي تمر به 12% من حركة التجارة العالمية، وأن جنوح هذه السفينة العملاقة في قناة السويس سيكون له ما بعده.

وأوضح أن عملية الإنقاذ لم تكن على المستوى المطلوب أو في الوقت المناسب، وأن هناك صعوبات وتحديات تواجه فريق الإنقاذ سواء بسبب الظروف الجوية أو ثقل حمل السفينة وحجمها الضخم إضافة إلى اعتبارات تقنية تحتاجا مثل هذه الحوادث.

وأشار إلى أن النقطة الخطرة في الموضوع تتعلق بعملية الإنقاذ ورفع السفينة من المكان الذي جنحت فيه ومن ثم إعادة تعويمها حتى تعود حركة الملاحة لطبيعتها، لأن انقطاع حركة السفن ستكون له تداعيات على التجارة العالمية وأسعار المواد الإستراتيجية وفي مقدمتها النفط، وإذا ارتفع سعر النفط ترتفع أسعار جميع السلع الأخرى.

ولفت إلى أن هناك عدة احتمالات قد تكون وراء وقوع الحادث، ويجب دراسة هذه الاحتمالات وإجراء تحقيق دقيق ومهني وتحديد السبب الرئيس وتحديد المسؤولية في الحادث.      

فشل إعلامي

من جانبه قال الكاتب الصحفي قطب العربي إن أزمة جنوح السفينة في قناة السويس كشفت مجددا فشل الأذرع الإعلامية للسيسي في متابعة الحدث، كما كشفت الأزمة أن الإعلام المصري ليس مسؤولا بذاته وإنما يتم تحريكه والتعتيم على كل القضايا التي تهم الشعب المصري، مضيفا أن المصريين عرفوا بالحادث من وسائل الإعلام الغربية بعد أن ظلت هيئة قناة السويس تتكتم على الخبر لفترة طويلة.

وأضاف العربي، في حواره مع البرنامج، أن التعليمات صدرت للأذرع الإعلامية بعدم الحديث حول الحادث وانتظار الرواية الرسمية التي تأخرت طويلا ما أوقع إعلام الانقلاب في حرج كبير بعد أن تحدثت كل وسائل الإعلام الخارجية عن الحادث وظلت هي صامتة.

وأوضح "العربي" أن إجراء تحقيق شفاف أمر مطلوب جدا في هذا الحادث، حتى لا يتسبب الحادث في هروب شركات الملاحة من قناة السويس إلى طرق أخرى بديلة، وأن المتضرر الوحيد من الحادث هو الشعب المصري عبر فقدان مورد مهم من موارد الاقتصاد الوطني، حيث تمثل قناة السويس مصدرا سياديا مهما للدخل القومي وأحد مصادر النقد الأجنبي، وأشار إلى أن قناة السويس كمرفق وطني تهم كل المصريين وليس أتباع الانقلاب فقط.     

خسائر فادحة

بدوره قال الخبير الاقتصادي  الدكتور نهاد إسماعيل، الخبير الاقتصادي، إن أهم نقطة في الحادث هي الفترة الزمنية التي تستغرقها الأزمة، وهل يتم حل المشكلة اليوم أو غدا أو بعد عدة أيام، وكلما طالت الفترة زادت احتمالات الخسائر الفادحة ليس فقط للاقتصاد المصري بل للشركات التي تستعمل قناة السويس لاختصار الوقت بين أوروبا وآسيا.

وأضاف أن قناة السويس تستحوذ على 60% من صادرات النفط الخام الخليجي، وهناك أكثر من مليون برميل نفط يمر بالقناة يوميا بعضها يأتي من أوروبا وبعضها يأتي من أوروبا متوجها إلى مصافي تكرير في أسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند.

وأوضح أن قناة السويس شريان حيوي مهم، والسفينة الجامحة تحمل آلاف الحاويات و30% من حاويات العالم تمر بقناة السويس وهو ما يشير إلى أهمية هذا الممر المائي وضرورة أن يعمل بكفاءة تامة وحل جميع المشاكل التي قد تؤثر على حركة المالحة في القناة بسرعة.

وأشار إلى أنه في 2004 جنحت ناقلة روسية واستغرقت 3 أو 4 أيام لتعويمها وكانت كارثة اقتصادية في ذلك الوقت ووقعت حوادث مماثلة في 2014 و2016 ولكن تم تدارك الأمر وحل الأزمة خلال ساعات ولم تجذب اهتمام العالم كما حدث في حادث الجنوح الأخير.

ولفت إلى أن أكثر ما جذب انتباه العالم في الحادث الأخير هو غياب الشفافية من سلطات الانقلاب، فالجميع يعلم أن هناك فريق إنقاذ قادم من هولندا في طريقه إلى قناة السويس وكذلك فريق آخر من اليابان لكن ينبغي على سلطات الانقلاب إزالة الغموض والالتباس في هذا الحادث لأن العواقب الاقتصادية ستكون وخيمة، خاصة وأن بعض الشركات بدأت تفكر في التوجه لطريق رأس الرجاء الصالح، وهذا قد يضيف من 10 إلى 15 يوما على زمن الرحلات ويضيف أيضا مئات الألوف من الدولارات على تكلفة كل باخرة وبالتالي سيكون هناك خسائر فادحة.                                               

https://www.youtube.com/watch?v=uBbls5genQY