شكك مراقبون وسياسيون في الوعد السعودي بالدخول على خطّ المفاوضات بين السفاح عبد الفتاح السيسي وإثيوبيا والسودان لحلّ قضية سد النهضة، بالتوازي مع المفاوضات المتعثرة تحت مظلّة الاتحاد الإفريقي، بسبب ضيق الوقت قبل موعد الملء الثاني للسدّ نهاية يوليو المقبل.
والتزمت عصابة الانقلاب بمصر الصمت إزاء تصريحات السفير السعودي السابق في القاهرة، أحمد عبد العزيز قطان، قبل أيام خلال زيارته للخرطوم، عن سعي السعودية لإنهاء ملف سد النهضة بالشكل الذي يضمن حقوق الأطراف الثلاثة، كاشفا عن نية عقد لقاء قمة "في الوقت المناسب" لحل الأزمة، والذي تزامن مع استدعاء الخرطوم سفيرها في أديس أبابا، جمال الشيخ.
لا مكان للتحالف في معجم حكام أبوظبي والرياض، إما أن يكونوا تابعين أو متبوعين، والتخلي عن السفاح السيسي في قضية سد النهضة كان مقدرا لا محالة؛ فلا الأمن المائي لمائة مليون مصري يشغل بال هؤلاء، ولا هبة النيل تعني لهم شيئا أمام رحلة البحث عمن يمكن تحريضه ضد قطر وتركيا وإيران، حتى ولو كان ذلك ثمنه التخلي عن الحليف المصري في محنته.
أزمة اقتصادية حادة
استفادت إثيوبيا من الحلم السعودي الإماراتي بفعل المستحيل لقطع الطريق أمام نفوذ خصومها أعدائها إيران وقطر وتركيا في منطقة القرن الإفريقي، تحالف مصالح بين السعودية والإمارات من جهة، وإثيوبيا من ناحية ثانية.
أما في علاقة الكفيلين الخليجيين مع السفاح السيسي، فتبعية لا تحالف، وللتبعية في منطق المسؤولين السعوديين والإماراتيين أمثلة من الإهانات والإذلال، منها حادثة اعتقال رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في الرياض، وقبلها اعتقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، واجباره على إقامة مفروضة عليه في العاصمة السعودية، وطرد وزراء ومسؤولين يمنيين تجرأوا على انتقاد العبث المتمادي للسعودية وللإمارات في بلدهم.
ويؤكد خبراء وسياسيون أن المشروع السعودي في المنطقة الى تراجع ومزيد من الانتكاسات، فلم تشكل التطورات الأخيرة في الميدان اليمني الانتكاسات الوحيدة التي تعاني منها السعودية؛ فالى جانب غرقها في وحول اليمن وسوريا والمنطقة بدأت السعودية تواجه ازمات اقتصادية كبيرة جدا، بعد استنزاف المزيد من الأموال على الضربات الجوية والمرتزقة المحسوبين عليها إضافة إلى مؤامرة هبوط أسعار النفط التي اتت بمردود عكسي عليها بعد لعبها الدور الأساسي في خفضها من خلال منظمة أوبك لتجد نفسها أمام عجز مالي تخطى المئة وثلاثين مليار دولار العام الجاري.
واقع اعترفت به السعودية على لسان وزير ماليتها إبراهيم العساف وصندوق النقد الدولي، وعلى ما يبدو فإن السعودية مقبلة على أزمة اقتصادية ضخمة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
توقيعك باطل
وبينما تعاني الرياض الغرق في اليمن تمديد المساعدة لحليفها في الشرّ عبد الفتاح السيسي، ازاء ذلك وتحت عنوان "توقيعك باطل"، دشّن "اتحاد القوى الوطنية المصرية في الخارج"، مؤخرا حملة لإسقاط توقيع السفاح السيسي على اتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة الإثيوبي، مؤكدا أن "تلك الاتفاقية أعطت أديس أبابا شرعية قانونية لاستكمال بناء السد، ومن ثم المضي قدما في ملئه".
يقول الناشط أحمد فؤاد :" دي حلول مالية، لا تعبر عن قوة عسكرية، إن أمكن الحل للسعودية، سيكون المقابل المالي كبير لإثيوبيا، اعتقد تدخل السعودية سيؤزم المشكلة أكتر ويذيد أطماع إثيوبيا ورفع سقف طلباتها، في النهاية سيدور الملف ويرجع للعم سام، ودا اللي أخر الإفراج عن المعتقلين وبقاء الوضع السياسي على حاله".
وأطلق اتحاد القوى المصرية، خلال مؤتمر صحفي، موقعا إلكترونيا للتوقيع على وثيقة تطالب بإسقاط اتفاقية المبادئ، داعيا الشعب المصري والسوداني للمشاركة في التوقيع من أجل "إبراء ذمتهما من التفريط في مقدراتهم القومية، وقبل أن تصل إثيوبيا إلى الملء الثاني للسد، وإنقاذ الموقف المصري والسوداني من كارثة محتملة على المديين المتوسط والبعيد".
ورغم الرفض المصري والسوداني للملء الثاني الأحادي لسد النهضة، في ظل مخاوفهما من التداعيات المحتملة لتلك الخطوة، تُصرّ إثيوبيا على الشروع به، في يوليو المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مع القاهرة والخرطوم.
وقال رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، أيمن نور؛ إن "توقيع السيسي على إعلان مبادئ سد النهضة باطل، وكل ما ترتب عليه من آثار بالتبعية كذلك"، مضيفا أن "مرور 6 أعوام على هذا الاتفاق لا يمنحه حصانة الأمر الواقع؛ فالباطل ساقط، والساقط لا يعود، نظرا لمخالفته الصارخة منذ لحظة توقيعه الأولى للدستور المصري".
إهدار الحقوق المائية
من جانبه، أكد نائب رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية أسامة رشدي أن "السيسي أهدر حقوق مصر المائية بتوقيعه على اتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة، وهي اتفاقية شديدة السوء والسذاجة".
وتابع: "نحن اليوم نؤكد أن هذا الاتفاق باطل ومنعدم قانونا؛ لأن السيسي ليس مفوضا بتوقيعه، بل اعتدى على دستور البلاد الذي أقسم على احترامه".
وأشار، في كلمة له، إلى أن "تلك القضية لا علاقة لها بأي خلافات أو انقسامات سياسية؛ فنهر النيل واستمرار تدفق مياهه ليست قضية حزب أو تيار سياسي، بل قضية تتعلق بكل الأجيال الحالية والقادمة".
وأوضح رشدي أن "حملة (توقيعك باطل) التي أطلقها اتحاد القوى الوطنية المصرية، ستتواصل للدفاع عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ومواجهة كارثة توقيع السيسي على اتفاقية إعلان المبادئ"، مشيرا إلى أن تلك الحملة تحتاج إلى مشاركة الجميع.
