بعد وقت قصير من فوزه في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أعلن جو بايدن أن "أمريكا عادت" على الساحة العالمية، مشيرا إلى حرصه على استعادة مشاركة واشنطن في مختلف الشؤون العالمية. وهذا ما جعل الدبلوماسيين والمراقبين يأملون في أن يتمكن بايدن من عكس تراجع الإنفاق الأمريكي في عهد دونالد ترامب وإنهاء شلل السياسة الخارجية لواشنطن في الصراعات الرئيسية مثل ليبيا وسوريا.
وفي ليبيا على وجه الخصوص، تعرض ترامب لانتقادات بسبب اتخاذ موقف غير مبالٍ من هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومنح حلفاء واشنطن وروسيا تصريحا حرا في تدخلهم بالحرب.
وقال نعمان الشرقاوي، محلل الجغرافيا السياسية لشمال إفريقيا، لقناة "تي آر تي وورلد": "ستكون إدارة بايدن بعيدة كل البعد عن الطريقة التي تعامل بها إدارة ترامب مع التعددية، وفي ليبيا، كان جمود الولايات المتحدة حتى وقت قريب نتيجة لذلك، ويعد بايدن بجعل الولايات المتحدة لاعباً أكثر نشاطاً نسبياً في الصراع الليبي".
كانت إحدى اللحظات الحاسمة في الصراع الليبي هي حملة الجيش الوطني الليبي التي نصبها حفتر على طرابلس منذ إبريل 2019، والتي حطمت مبادرات السلام وأدت إلى المزيد من التشرذم ليبيا.
وكان ترامب قد أجرى مكالمة هاتفية مع حفتر في أعقاب هجومه، وناقش "رؤيتهما المشتركة" وأعلن مؤقتا دعمه لزعيم الحرب. وفي الشهر التالي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن ترامب دعم حفتر بعد مصر والمملكة العربية السعودية – وهما من أبرز مؤيدي حفتر، ما جعل ترامب على الأقل غير راغب في كبح جماح اللواء المنشق.
ومن الواضح أن ترامب لعب دورا سلبيا في ليبيا عندما كان بإمكان واشنطن أن تكون أكثر استباقية في دعم قرار لحل النزاع والحد من مشاركة داعمي حفتر، أي الإمارات العربية المتحدة وونظام الانقلاب وروسيا وفرنسا والمملكة العربية السعودية.
موقف متناقض
وبسبب موقف واشنطن المتناقض، برزت روسيا وتركيا كوسطاء رئيسيين للسلطة. تدخلت أنقرة في يناير 2020 لدعم الهجوم المضاد الذي شنته حكومة الوفاق الوطني على حفتر، في حين حولت موسكو دعمها من حفتر بعد حملته الفاشلة وتعمل الآن مع البرلمان الشرقي الليبي مع الحفاظ على علاقاتها مع حكومة الوفاق الوطني.
ولا يزال الداعمون الآخرون لحفتر يسعون إلى الحصول على حصة في شرق ليبيا على الرغم من تعثره، الأمر الذي قد يؤثر على محادثات السلام الحالية. وبالتالي، سيكون الاهتمام هو مدى استباقية بايدن لضمان التمسك بالمبادرات الدبلوماسية.
وقد تقدمت المحادثات من أجل إقرار وقف إطلاق النار وإجراء الانتخابات منذ أغسطس، حيث عملت اللجنة العسكرية المشتركة الليبية 5+5 التي توسطت فيها الأمم المتحدة على تعزيز الآمال في ذلك منذ أكتوبر.
ومع ذلك، هناك عقبتان حاليا أمام ضمان نجاح جهود السلام. الأول هو إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة وإعطاء منبر للأصوات الليبية المحلية. ثانيا، أكدت الأمم المتحدة أيضا ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي كل خطوة ممكنة لدعم استقرار ليبيا. وعلى الرغم من فشل حفتر في الحرب، لا يزال إنهاء التدخل الأجنبي المفرط في ليبيا أمرا حاسما لبناء استقرار دائم.
وقالت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز خلال اجتماع فعلي في 2 ديسمبر "يوجد الآن ٠٠٠ ٢٠ من القوات الأجنبية والمرتزقة في بلدكم. هذا انتهاك مروع للسيادة الليبية".
انتهاك فاضح
وأضافت "أن هذا انتهاك فاضح لحظر الأسلحة (…) إنهم يصبون أسلحة إلى بلدكم ، وهو بلد لا يحتاج إلى مزيد من الأسلحة " .
ومن الواضح أن المشاركة المستمرة للقوى الأجنبية تزيد من المخاوف من إمكانية التمسك بوقف دائم لإطلاق النار.
وقال المحلل الليبي، جليل الحرشاوي، لقناة "تي آر تي وورلد": "يعتقد العديد من المراقبين أن إدارة بايدن ستكون أكثر صرامة بشأن الإمارات العربية المتحدة، وهو توقع قد يثبت خطأ" وخلال فترة ولاية أوباما الثانية (من 2013 إلى 2017)، أظهرت الإمارات العربية المتحدة قدرتها الاستثنائية على بناء علاقة مع إدارة ديمقراطية، والاستفادة من الكثير من الأشياء التي تريد إنجازها".
وأضاف: "لن تسمح إدارة بايدن بمحاولة العمل من قبل الإمارات العربية المتحدة، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن العاصمة ستضغط على أبوظبي أو تعيقها بأي شكل من الأشكال".
رابط التقرير:
https://www.trtworld.com/magazine/can-biden-s-america-is-back-pledge-bring-stability-to-libya-42176
Can Biden’s “America is back” pledge bring stability to Libya?
If Biden could rein in the likes of Saudi Crown Prince Mohammad bin Salman and Egypt’s Abdel Fattah al-Sisi, experts say he may pressure such leaders…