مثلما حظيت الانتخابات الأمريكية بمتابعة واسعة لدى الأوساط السياسية والإعلامية في معظم بلدان العالم تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة التغييرات المقبلة في السياسة مع قدوم الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وتبرز التوقعات الخاصة بالمراقبين بشأن أجنداته في منطقة الشرق الأوسط كواحدة من أكثر مناطق النفوذ الأمريكي إثارة للجدل، فوصول بايدن المرتقب إلى البيت الأبيض يأتي في مرحلة حساسة من تطور الأوضاع السياسية في بلدان عربية عدة، فيما تجمع الأوساط السياسية في واشنطن على التباين الشديد في أجندة الرئيس الديمقراطي عن سلفه في العلاقة الاستثنائية مع السيسي وولي العهد السعودي والتي بلغت حد وصف الأول بالديكتاتور المفضل والتفاخر بحماية الثاني من الملاحقة بتهمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ما يؤشر لحاجة الشركاء الإقليميين إلى إعادة حساباتهم مع أجندة الرئيس الجديد.
وفي هذا الإطار كشف موقع فورين لوبي عن تعاقد سفير الانقلاب في واشنطن معتز زهران مع إحدى شركات الضغط بعقد قيمته 65 ألف دولار شهري بهدف تحسين صورة السيسي والتجهيز لحقبة ما بعد ترامب.
وقال مختار كامل، المحلل السياسي، إن الحكومات المصرية المتعاقبة سواء قبل استيلاء السيسي على السلطة أو بعده دأبت على التعاقد مع شركات علاقات عامة متخصصة في الضغط في الكونجرس ولدى الحكومة الأمريكية لتحسين الصورة، مضيفا أنه مهما كانت مهارة هذه الشركات فلن تستطيع تحسين صورة الانقلاب في مصر.
وأضاف كامل في مداخلة هاتفية لبرنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أن حكومة الانقلاب ليس لديها اختيار وعليها أن تتعامل مع الرئيس الجديد في البيت الأبيض، وان تقدم له فروض الطاعة والولاء قدر الإمكان مقابل عدم المساس بمصالحه، مضيفا أنه خلال عهد المخلوع مبارك كان يتم الموافقة على كل طلبات أمريكا وتقديم كافة التسهيلات مقابل تغاضي واشنطن عن الانتهاكات بحق الشعب.
وأوضح كامل أن ما يتم الآن قريب مما كان يحدث إبان عهد المخلوع مبارك مع فرق مهم وهو أن الأوروبيين قلقون مما يحدث في مصر خشية حدوث موجات هجرة غير شرعية أو فشل الدولة وسقوط النظام بسبب سياسات القمع وانتهاك حقوق الإنسان التي يقوم بها نظام الانقلاب.
وأشار إلى أن العلاقة مع نظام السيسي والإدارة الأمريكية الجديدة لن تختلف عن سابقتها بشكل كبير، مضيفا أن أمريكا كقوة عظمى لها سياسة ثابتة والملف الوحيد الذي يتوقع حدوث تحسن فيه هو ملف حقوق الإنسان والحريات بسبب التخوف من أن تصبح مصر دولة فاشلة التي أصبحت مصر قريبة من السقوط في مستنقعها، مضيفا أن أمريكا لم تعد في حاجة للشرق الأوسط بسبب النفط وأمور كثيرة لكنها تخشى الانسحاب وترك المكان فارغا لقوة أخرى.
محمد عويص المختص بالشأن الأمريكي، أكد أنه لا يوجد لدى أي من الحكام العرب ما يقدمه لأمريكا فهم مرتزقة مستأجرون ولا يوجد ما يدعو لقلق الرئيس الأمريكي الجديد من تصرفات السيسي أو غيره، فجميع حكام الدول العربية "طراطير" أو "أراجوزات" بيد الحكومة الأمريكية وبيد شركات العلاقات العامة الأمريكية التي تستنزف منهم ملايين الدولارات لتنظيف صورة حكام الظلم والظلام العرب لكن مهما غسلت الخنزير يبقى نجسا.
واستبعد عويص، في مداخلة هاتفية لبرنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أن يقدم بايدن أي شيء لهؤلاء الحكام العرب فهم يحاولون بيع أنفسهم وفي مقدمتهم السيسي، وبعضهم هرب إلى أحضان العدو الصهيوني وباعوا أنفسهم له ويظنون أن لإسرائيليين سوف يدفعون لهم لدى الرئيس الجديد، مضيفا ن بايد سيشدد على قضايا حقوق الإنسان لكن دون إحداث ضغوط حقيقية.
من جانبه قال الدكتور خالد الترعاني، الباحث في الشؤون الأمريكية، إدارة ترامب تميزت بالتمحور حول دونالد ترامب نفسه وكان شعاره ترامب أولا وقد أدار السياسة الخارجية كما أدار الداخلية من خلال العلاقات الشخصية والتفاعل مع القيادات العالمية بشكل مباشر متجاوزا في أحيان كثيرة الأعراف الدبلوماسية.
وأضاف الترعاني أن بايدن سوف يعيد المؤسسية للسياسة الخارجية الأمريكية ومنها العلاقة مع المملكة العربية السعودية، مضيفا أن بايدن لن يقوم بالالتفاف بزاوية 180 درجة في أي من العلاقات الخارجية ولازالت المملكة العربية السعودية حليف رئيسي ومهم للولايات المتحدة وما سيحدث أن بايدن سيتعامل مع الأمور بنوع من المؤسسية. وأوضح أن هناك مجموعة من التقدميين الذين فازوا مع بايدن، ومن المتوقع أن يعطي بعض الصلاحيات لجناح تقدمي يسعى إلى دفع أجندة حقوق الإنسان في الإدارة الجديدة، وهو ما يجعل الحكام في المملكة العربية السعودية يعيشون حالة من القلق.