باتت قضايا المسلمين في الأمم المتحدة يتنباها الغرب والأوربيين، ويتخلى عنها حكام العرب والمسلمين، فقبل أسبوع لام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على فرانسيس بابا الفاتيكان موقفه من قضية الإيجور وطالبه بموقف يتحلى بالشجاعة لمواجهة الصين في انتهاك حقوق شعب تركستان الشرقية "مسلمي الأيجور".
ولكن المثير للدهشة أن "بومبيو" لم ينصرف في دعوته تلك إلى حكام دول عربية أو إسلامية، رغم ما لدى أمريكا من تخطيط قديم للعالم الإسلامي. في حين دعت كوبا إلى مناصرة الصين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ما ادّعته "حقا" لها في اعتقال ملايين المسلمين بدعوى عدم الانفصال؟!
الغريب أن السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة نهض وتلا بياناً موقّعاً من 55 دولة، من بينها الصين، يدين استخدام الوضع في هونغ كونغ للتدخّل في الشؤون الداخلية الصينية، ولكنه لم يتحدث عن الوضع في تركستان الشرقية.
وهاجم السفير الصيني لدى المنظمة الدولية تشانغ جون، بدوره، كلاً من ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا بسبب ما اعتبره موقفها المنافق، وكانت بريطانيا جمعت نصا مشابها صاغته ووقع عليه سفراء 23 دولة في 2019.
المبادرة الكوبية
ولكن كينيث روث (غير مسلم) وهو مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومقرها نيويورك كشف أنه من العار أن يكون من بين داعمي المقترح الكوبي لدعم الصين في اعتقال أكثر من مليون مسلم في مخيمات ومعسكرات الاحتجاز، وهو ما يهدف بحسب تقارير إلى إجبارهم على ترك الإسلام.
وقال "روث" في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "هذه هي الحكومات الخمس والأربعون – بما في ذلك بعض الحكومات ذات الأغلبية المسلمة – التي قيل إنها وقّعت للتو بيانًا كوبيًا يدعم احتجاز الحكومة الصينية لمليون مسلم أويغور لإجبارهم على التخلي عن الإسلام وثقافتهم. يجب أن يشعروا جميعًا بالخجل الشديد".
واستدرك في اسم دولة من الدول وقال "اتضح أن هذه القائمة تشمل بالخطأ غامبيا بينما ينبغي أن تكون غينيا." وكشف أن من بين الدول الداعمة للمقترح الكوبي مصر والسعودية والإمارات وباكستان وإيران وسوريا والعراق واليمن وفلسطين والسودان والمغرب والبحرين ودولا أخرى.
أوضح "يعتقد الكثيرون أن نظام المراقبة التابع للحكومة الصينية مُحسَّن ومُستهدف، لكنه أكثر من مجرد هراوة، حيث يُحتجز مسلمو الإيجور بشكل جماعي لشيء لا يزيد عن ممارسة دينهم وثقافتهم. "يتم تجريم هوية الأيجور بأكملها".
المبادرة الألمانية
وإمعانا في تضييع حقوق المسلمين، وقّعت حوالى 39 دولة في الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي 5 اكتوبر، على مبادرة من ألمانيا، واصدروا بياناً مشتركاً دعت فيه الصين إلى "احترام حقوق" الأيجور في إقليمي تركستان الشرقية (شينجيانج) والتيبت، معلنين قلقا مماثلا في شأن تطوّرات الوضع في هونغ كونغ، وشهد البيان إحجاما من الدول العربية وغالب الدول الإسلامية.
وقال السفير الألماني لدى الأمم المتحدة كريستوف هيوسجن خلال اجتماع للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة المتخصّصة بحقوق الإنسان: "ندعو الصين إلى احترام حقوق الإنسان، وبخاصة حقوق الأشخاص من الأقليّات الدينية والعرقية، ولاسيّما في شينجيانج والتيبت".
الدول الإسلامية
ووقّعت الولايات المتّحدة على بيان المانيا و39 دولة من بينها غالبية الدول الأوروبية بما في ذلك ألبانيا والبوسنة، وكندا وهايتي وهندوراس واليابان وأستراليا ونيوزيلندا. وقال البيان الصادر عن هذه الدول "نطالب الصين بأن تسمح لمراقبين مستقلّين، بمن فيهم مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بالوصول فوراً وبدون عوائق إلى شينجيانج".
ورحّبت "هيومن رايتس ووتش" بتوقيع هذ العدد الكبير من الدول على البيان المناهض للصين "على الرّغم من التهديدات المستمرّة وأساليب التخويف" التي تمارسها بكين، بحسب ما قالت المنظمة الحقوقية في بيان.
وتزيد بكين وفق ديبلوماسيين غربيين، ضغوطها كلّ عام لثني أعضاء الأمم المتحدة عن التوقيع على مثل هذه البيانات، ولا تتوانى عن التهديد بعرقلة تجديد مهمة سلام في بلد ما أو منع دولة ما من بناء منشآت ديبلوماسية جديدة لها في الصين.
ونقلت تقارير أخيرا أن الأطفال المسلمين في تركستان الشرقية تجمعهم حكومة الصين بعد اعتقالهم في معسكرات تضم المئات بعيدا عن عوائلهم في معسكرات إعادة التأهيل الشيوعية، حيث يتم غسل أدمغة الأطفال وزرع كراهية الإسلام وحب الشيوعية في نفوسهم، إنها محاكم تفتيش في القرن 21.
دعم أمريكي
وأكدت وزارة الخارجية في الولايات المتحدة من خلال الحساب الرسمي لها على "تويتر"، أنه "لا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي بينما تستخدم جمهورية الصين الشعبية معسكرات "إعادة التثقيف السياسي" في سنجان، وتنكر الحريات الأساسية لسكانها وتقمع ثقافة الإيغور. إن العمل الجبري والإجهاض القسري والعقم القسري يفصح عن جرائم أخرى مروعة".
وأضافت أنه "يجب على العالم تسليط الضوء على هذه الممارسات وإجبار الصين على السماح بوصول فوري وغير مقيد للمراقبين المستقلين إلى سنجان وأيضًا موظفي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لدعم الحكم الذاتي والحقوق والحريات في هونغ كونغ؛ وأخيراً الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان".
وقالت: "إذا كانت الصين ترغب حقًا في أن تكون نصيرًا للتعددية، فعليها أن تبدأ باحترام معايير والتزامات حقوق الإنسان الدولية. يجب أن تحترم حقوق شعبها، بما في ذلك الأشخاص من الأقليات الدينية والعرقية في سنجان والتبت".
