مركز الزيتونة: الدراسات  الأوروبية أكثر تشاؤما حيال مستقبل الكيان الصهيوني

- ‎فيعربي ودولي

كشف مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن الدراسات الأوروبية والأمريكية المعنيّة بمستقبل الكيان الصهيوني ركزت على المديين المتوسط والطويل، بينما غلب على الدراسات الصهيونية المديين القصير والمتوسط. موضحا أن الدراسات الأوروبية أكثر تشاؤمًا بمستقبل الكيان الصهيوني محليًا وإقليميًا ودوليًا مقارنة بالدراسات الأمريكية أو الصهيونية بشكل عام. وتنتهي الدراسة إلى أن الحقيقة الكبرى تبقى أن الكيان الصهيوني لن ينعم بالاستقرار في المنطقة وسيظل يراهن على تفوقه العسكري، وضعف الدول المحيطة به في الإقليم.

وبحسب الورقة البحثية التي أعدها الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي بعنوان "مستقبل الكيان الصهيوني في الدراسات المستقبلية غير العربية"، فقد  تتبَّع الدكتور عبد الحي نماذج مختلفة من الدراسات المستقبلية الصهيونية والغربية خلال الفترة 2000- 2020 لبناء الصورة المستقبلية لهذه الدراسات. وعمل على تحديد أبرز جوانب التوافق وجوانب الاختلافات في هذه الدراسات من خلال دراسة نماذج لدراسات مستقبلية صهيونية وأوروبية وأمريكية.

وبعد دراسة متأنية لمجموعة واسعة من الدراسات التي تتناول مستقبل الكيان الصهيوني، عمد فيها د. عبد الحي إلى التركيز على النتائج والاتجاهات الأعظم Mega-Trends مع إشارات لبعض التقنيات الأخرى، خلص إلى تحديد المعالم الرئيسية لمستقبل الكيان الصهيوني في هذه الدراسات. حيث توقّعت الدراسة انعدام الاستقرار في المنطقة واستمرار موجات المواجهات العسكرية التي ستبقى حتى سنة 2050، وأن تبقى المواجهة الإيرانية ـ الصهيونية احتمالًا مرتفعًا على المدى الزمني المتوسط.  كما أشارت إلى أن احتمالات الصراع الداخلي في الكيان الصهيوني عالية مع تباين في تقدير حدة وشكل هذا الصراع.

وكشفت الدراسة أن أبرز الهواجس الصهيونية المستقبلية هي تصاعد قوى المقاومة، وتراجع الدعم الأمريكي لـها تدريجيًا وذلك لأسباب عالمية وإقليمية ومحلية. كما أن من هواجس الكيان الصهيوني تراجع صورتها لدى الرأي العالمي وانعكاس ذلك على مكانتها عالميًا. أما عن احتمالات قيام الدولة الفلسطينية فبحسب تلك الدراسات غير العربية فإن التوقعات تأرجحت بين "الدولة التابعة للاحتلال"، أو "الإدارة الذاتية" من ناحية، أو عدم قيامها من ناحية ثالثة.

وعلى الرغم من أن التخطيط الاستراتيجي المبني على نتائج الدراسات المستقبلية، يُبنى على أساس الاتجاهات الأعظم والاتجاهات الفرعية، إلا أن عنصر المفاجأة في العلاقات الدولية لا يجوز تجاهله، وفي الدراسات المستقبلية الخاصة بالمنطقة والصراع العربي الصهيوني تمّ تحديد مجموعة من الاحتمالات الضئيلة الاحتمال في المدى القريب، لكنها ممكنة الحدوث على المدى الوسيط والبعيد، مثل حدوث تغيرات في إيران، ووقوع اضطرابات في مصر تؤدي لعودة الإخوان المسلمين للسلطة، وانحياز الأردن باتجاه تركيا وقطر بشكل يؤثر على العلاقات الأردنية الصهيونية، وحدوث تغيرات عميقة في السلطة السياسية في الأردن، وسيطرة حماس على الضفة الغربية، وانضمام كلٍ من تركيا ومصر للسباق النووي في المنطقة.

تل أبيب مركزا ليهود العالم
في المقابل، توقعت دراسة صهيونية أعدها معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني بشأن مستقبل البلاد أن الكيان الصهيوني يواجه ثلاثة سيناريوهات محتملة في مقدمتها أن "السلام" مع العرب سيتسع وتتطور معه العلاقات الاقتصادية والتجارية، ما يجعل من الكيان الصهيوني مركز التطور في المنطقة، كما توقعت الدراسة أن يصبح الكيان الصهيوني مركزًا ليهود العالم، فيما حددت السيناريو الثالث في أن يصبح الكيان الصهيوني دولة متطورة صناعيًا في نفس مستوى الدول الغربية.

الدراسة التي شارك فيها 15 وزارة وهيئة حكومية إلى جانب 250 خبيرًا صهيونيًا وأجنبيًا، واستغرقت مدتها 6 سنوات، رغم حديثها عن تحقيق الكيان الصهيوني تطورًا ملموسًا على المستوى الاقتصادي، إلا أن الدراسة تتوقع أن تعاني تل أبيب من تصاعد التوتر الداخلي في المجتمع الصهيوني، نتيجة لسوء توزيع الدخل من جهة وتراجع عوامل التضامن الاجتماعي في المجتمع الصهيوني.

بينما أشارت الدراسة إلى أن قيام الدولة الفلسطينية "أمر مرجح" وهو ما سيدفع الكيان الصهيوني إلى إيلاء الأهمية الكبرى للعلاقة معها ومع الإقليم بدلًا من اعتبار ذاتها "ضاحية أوروبية".

إذ كشفت الدراسة أن 45% من المستجوبين الصهيونيين مع حل الدولتين سنة 2019، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 29% عام 2006، وأن العلمانيين اليهود والعرب أكثر المؤيدين لذلك.  الدراسة التي نشر تفاصيلها "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات" واعتمدت على مجموعة من الأبحاث الأجنبية، أشارت إلى أن 32% من الصهيونيين يعتبرون أن التهديد الأكبر للأمن القومي لإسرائيل يأتي من الشمال، في إشارة إلى المقاومة المسلحة اللبنانية التي يقودها حزب الله. بينما قال 26% منهم إن المشروع النووي الإيراني يشكل تهديدًا للأمن القومي الصهيوني، فيما اعتبر 12% أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تشكل تهديدًا للكيان الصهيوني.

وبخصوص قدرة الكيان الصهيوني على مواجهة هذه المخاطر صوت أكثر من 80% من المستجوبين على أن تل أبيب قادرة على صد "الهجمات الإرهابية" الحادة، و73% على قدرتها على مواجهة جميع المخاطر كيفما كان مصدرها، و56% اعتبروا أن بلادهم قادرة على مواجهة العزلة الدولية.

أما فيما يخص قدرة الكيان الصهيوني على تحقيق الانتصار على حزب الله والمقاومة الفلسطينية بغزة، فقد توقع 43% من المستجوبين أن تحقق الكيان الصهيوني "نصرًا واضحًا"، فيما توقع 12% أن تعاني الكيان الصهيوني من هزيمة للجبهة الداخلية تجعل الانتصار باهتًا.

وفيما يتعلق بمسألة ضم أراضٍ من الضفة الغربية لإسرائيل، خلصت الدراسة إلى أن 45% من المستجوبين الصهيونيين يعارضون ضم أي جزء من الضفة، بينما يرى 7% فقط ضرورة ضم كل الضفة "لدولتهم". بينما يرى 37% من الصهيونيين ضرورة إيجاد حل شامل للصراع الفلسطيني الصهيوني، فيما اعتبر 23% أنه من الضروري البحث عن إجراءات مؤقتة للانفصال عن الفلسطينيين، و14% قالوا ببقاء الوضع الراهن على حاله.