عداوة ينقصها نداء الباباوات.. تركيا ترفض مخرجات “ميد7” بقيادة فرنسا

- ‎فيعربي ودولي

رفضت تركيا لغة التهديد التي حملها بيان القمة لدول اتحاد دول الجنوب الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها إسبانيا وإيطاليا واليونان وفرنسا، ودعت أنقرة أثينا مرة أخرى إلى مفاوضات من غير شروط مسبقة لحل الأزمة في شرق المتوسط.

وكشف الرئيس أردوغان في تصريحات أعادتها الرئاسة التركية حول تاريخ فرنسا الأسود الملطخ بالمذابح في إفريقيا بداية من الجزائر مرورا برواندا ووصولا إلى مالي. وبشكل عملي نشرت وزارة الدفاع التركية لقطات جديدة لمناورات عاصفة المتوسط 2020، التي انطلقت الأحد الماضي في جمهورية شمال قبرص، بمشاركة القوات التركية وقوات شمال قبرص. كما نشرت اليوم تدريبا للإنقاذ البحري بمشاركة مروحيات في المياه الليبية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي إن العبارات الواردة في البيان الختامي لقمة دول جنوب أوروبا (ميد7)، حول شرقي المتوسط والقضية القبرصية، "منحازة ومنفصمة عن الواقع، وتفتقر إلى السند القانوني".

إحباط فرنسي
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أحبطت خططه في شرق المتوسط وخرج خالي الوفاض من معركته إلى جوار خليفة حفتر في ليبيا ما زالت ندبات سلاح المسيرات التركية مؤثرا في جنباته، وبحسب الرد التركي أن تصريحات ماكرون وسط القمة السابعة لمجموعة "ميد 7" وهو اجتماع غير رسمي بين دول الجنوب في الاتحاد الأوروبي، مع رؤساء وزراء إيطاليا، جوزيبي كونتي، وإسبانيا، بيدرو سانشيز، واليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، والبرتغال، انطونيو كوستا، ومالطا، روبرت أبيلا والرئيس القبرصي، نيكوس انستاسياديس، ما هو إلا حرقة من الهزائم المتكررة له.
ورأى مراقبون أن الإصرار الفرنسي هو على تقليل النفوذ التركي؛ فمنذ سنوات -سيما بعد تولي إيمانويل ماكرون الرئاسة- تتخذ باريس مواقف عدائية صريحة ضد أنقرة في سوريا، وليبيا، وإفريقيا الغربية، وأخيرًا في شرق المتوسط.
ولكن اثنين من كبار المجتمعين وتحديدا إسبانيا وإيطاليا تدخلتا لـ"تخفيف حدة العبارات القاسية ضد تركيا، التي أرادت فرنسا واليونان وإدارة جنوب قبرص إدراجها ضمن البيان الختامي لقمة دول جنوب أوروبا".

الاستعمار القديم
واستشعرت تركيا من بروز فرنسا ضمن هذا التشكيل إحياء للهجة الاستعمار القديم وبمعاهدات ظالمة بحسب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد بتمزيقها في القريب.
وتتفق رؤية أردوغان مع رؤى تشير إلى أن فرنسا تشهد إحياء للإمبرياليّة التاريخية، وتعمل على توكيد دورها باعتبارها القوة الأوروبية الرئيسة في حوض المتوسط- بقلق إلى اتساع تحرك تركيا الإقليمي.

وفي الوقت الذي لم تُخْف باريس دعمها للواء الانقلابي، حفتر، في ليبيا؛ آملة بأن يفضي انتصاره إلى تعزيز النفوذ الفرنسي في ليبيا والمتوسط، تحركت بصورة تصادمية لدعم الموقف اليوناني، ومحاولة إقناع تركيا بأن ميزان القوى لا يصب لصالحها، وأن عليها الانصياع للمطالب اليونانية؛ باعتبارها مطالب أوروبية، وكان المدهش أن يتحدث الرئيس الفرنسي، في تعليقه على مشاركة بلاده في المناورات اليونانية، بلغة "رَسْم خط أحمر لتركيا".

بعدها رد الرئيس التركي بتوكيده أن بلاده لن تقبل بسيفر جديدة في شرق المتوسط، بمعنى أن أية مفاوضات حول الوضع في المتوسط لابد أن تكون ثنائية، وأن تقتصر على تركيا واليونان، وأن أنقرة لن تقبل دورًا فرنسيًّا، أو ألمانيًّا، أو أوروبيًّا، أكثر من الوساطة. الأوروبيون -يقول الأتراك- ليسوا شركاء في شرق المتوسط.

وشاركت الإمارات اليونان بإرسال عدد من مقاتلات إف16 إلى جزيرة كريت؛ للمشاركة في مناورات مشتركة معها، كما قامت فرنسا بإرسال سفينتين حربيتين وطائرتين هجوميتين بحريتين؛ كنوع من إظهار التضامن مع أثينا، وسط تصاعد التوترات بين الأخيرة وأنقرة.

تقرير تركي
ورأى تقرير لـ"ترك برس" أن مصلحة تركيا تقتضي -بشكل عام- تحقيق ثلاثة أهداف: أولًا: تحييد الأمريكيين على الأقل؛ كي لا يدعموا اليونان، والموافقة على دعوة الحوار التي أطلقوها مؤخرًا. ثانيًا: دعم الموقف الألماني؛ لكي يعزز ذلك من صورة أنقرة، كدولة تسعى إلى حل الخلاف عبر الحوار، بالإضافة إلى منع توحيد صفوف الأوروبيين الداعمين لليونان. ثالثًا: تقييد دور الدول غير الأصيلة في النزاع، التي تستثمر فيه، وتحاول إشعاله، ويتمثّل تحديدًا بفرنسا والإمارات.

وسبق أن حذر وزير الدفاع خلوصي آكار، في يناير 2020، من أنّ اليونان سلّحت ١٦ من أصل ٢٣ من هذه الجزر، في انتهاك واضح للقانون الدولي والقوانين التي تحكم وضع هذه الجزر. وأعتبر التقرير أن تأكيد اليونان اليوم على تسليح الجزر اليونانية القريبة من الساحل التركي، هو أمر مستفز لأبعد الحدود بالنسبة إلى الأتراك، ويُنذر بإمكانية خروج الوضع عن السيطرة؛ لا سيما مع وجود أطراف غير أصيلة في الأزمة شرق البحر المتوسط، تعمل على تغذية الصراع، ودفع اليونان إلى حسابات خاطئة؛ كفرنسا والإمارات.

المشهد الأخير
والخميس وأثناء قمة "ميد 7" قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن على أوروبا التحدث بصوت "أكثر وحدة ووضوحا" تجاه تركيا التي "لم تعد شريكة" في شرق المتوسط، بينما وصفت الخارجية التركية تصريحات ماكرون بـ"الوقحة".  مضيفا قبيل قمة لدول الجنوب في الاتحاد الأوروبي في كورسيكا "نحن كأوروبيين علينا أن نكون واضحين وحازمين مع حكومة الرئيس (التركي رجب طيب) إردوغان التي تقوم اليوم بتصرفات غير مقبولة".

ودعا ماكرون أنقرة إلى أن "توضح نواياها" معبرا في الوقت نفسه عن "رغبته العميقة في بدء حوار مثمر مجددا مع تركيا". وزعم أن "ممارسات غير مقبولة حصلت على السواحل الليبية" تجاه فرقاطة فرنسية، كانت تعمل تحت قيادة حلف شمال الأطلسي.

وعن الاتفاقية البحرية وبقية الاتفاقات مع الحكومة الليبية (الوفاق) المعترف بها من الأمم المتحدة في طرابلس أدعى ماكرون أن "تركيا وقعت اتفاقات غير مقبولة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، منكرة الحقوق الشرعية لليونان"، مشيرا أيضا إلى أن "تركيا تقوم بعمليات تنقيب في المنطقة القبرصية … تُعد غير مقبولة". ورأى أن "تركيا لم تعد شريكة في هذه المنطقة".

ودانت تركيا، تصريحات ماكرون ووصفتها بـ"الوقحة"، واتهمته بتعريض مصالح أوروبا للخطر. وقالت وزارة الخارجية التركية إن "الرئيس ماكرون أدلى مجددا بتصريحات وقحة، بفكر استعماري قديم".