كشف معهد أمني صهيوني الأسباب "غير المعلنة" للتطبيع مع الإمارات، موضحا أن السبب المعلن للإمارات كان هو إيقاف ضم الأراضي الفلسطينية من قِبل الصهاينة مقابل تمرير التطبيع.
نشر معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني، مقالا للباحث ليوئيل جوزانسكي، تحدث فيه عن الأجندة غير المعلنة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في قراره للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مشيرا إلى مستقبل العلاقة بين الجانبين، وتأثير ذلك على باقي البلدان العربية.
وأوضح الكاتب أن لدى ابن زايد العديد من الدوافع الأخرى لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة، التي تمتد تداعياتها إلى ما هو أبعد من تحسين العلاقات المحسنة بين تل أبيب وأبوظبي، والتي كانت قوية أصلا.
ولكن المعهد ركز على أن توقيت الإعلان عن تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والإمارات جاء مفاجئا لكثير من الناس، رغم أن الإجراء يتماشى مع التقدم التدريجي في العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن تحرك الإمارات في هذا الاتجاه يعتبر دليلا على الجرأة التي يتسم بها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي لم يكتف بإعلان تطبيع علاقات بلاده مع الكيان الصهيوني؛ وإنما عبر عن طموحه في توسيع تلك العلاقات.
أهداف غير معلنة
وقال الباحث الصهيوني إن آمال بن زايد هو أن تؤدي الاتفاقية إلى تحسين صورة الإمارات، التي تشوهت كثيرا في الغرب بسبب تورطها العسكري في اليمن وتعاونها مع ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان.
كما يأمل بن زايد في تعزيز قراره علاقات الإمارات مع الولايات المتحدة، خاصة في الأمور الأمنية، وأن يقدم شيئا من الإنجاز للرئيس ترامب، الذي يأمل في تسجيل إنجازات جديدة في حملته الانتخابية.
ونوه إلى أن قيادة الإمارات في استمرار التزام الولايات المتحدة بأمن الاتحاد، مضيفا من المحتمل أنه كجزء من الاتفاقية الناشئة مع الكيان الصهيوني، تم التوصل أيضا إلى تفاهمات ضمنية بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك الضمانات المختلفة والوصول إلى الأسلحة المتقدمة التي لم يتم تزويد الإمارات بها بعد.
وأشار إلى أن الإمارات تضغط على واشنطن لتزويدها بأسلحة متطورة، ومن ذلك طائرة مقاتلة متطورة من طراز (أف 35) والتي لا تملكها في المنطقة أي دولة سوى الكيان الصهيوني.
واعتبر أنه إذا تم بيع هذه الطائرة الحربية المتقدمة بالفعل إلى الإمارات، فمن المحتمل أن تقوض التفوق العسكري النوعي للكيان الصهيوني، وتسرع سباق التسلح في المنطقة.
أهداف متوقعة
وكشف الباحث أنه من غير المرجح أن تؤدي الحركة في العلاقات بين الكيان الصهيوني والإمارات العربية المتحدة إلى تحسين التنسيق والتعاون بينهما فيما يتعلق بإيران، فالبلدان مترابطان بالفعل في هذا الصدد.
ورجح أنه لن يكون للاتفاق الذي اتخذه ابن زايد أي تأثير على عملية السلام الصهيونية الفلسطينية، التي وصلت بالفعل إلى طريق مسدود.
وبخصوص مصير المبادرة العربية، رأى جوزانسكي أن ما فعلته الإمارات قد يُمكِّن دولا أخرى في العالم العربي من أن تحذو حذوها، وبالتالي يزيد من تآكل الاتفاقية التي تنص على أن أي تطبيع مع الكيان الصهيوني مشروط بموافقة الفلسطينيين.
وختم جوزانسكي مقاله بالقول: ينظر الكثيرون إلى الإمارات باعتبارها ذات تأثير كبير على اتجاه التطورات الإقليمية في الوقت الحالي، ربما أكثر من أي دولة عربية أخرى. وفي الوقت نفسه، فإن بعض "المشاريع" الإقليمية التي شاركت فيها في السنوات الأخيرة – مقاطعة قطر، والحرب في اليمن، والحرب في ليبيا- لم تكن ناجحة للغاية.
استغلال الحدث
وأوضح الباحث استغلال بن زايد للحدث فقال إنه جنبا إلى جنب مع العاهل الأردني الملك عبد الله، ترأس ابن زايد الكتلة العربية التي تعارض علنا خطة الكيان الصهيوني لفرض السيادة على الضفة الغربية. ومن الممكن أنه لولا نوايا السيادة الصهيونية لما كانت عملية التطبيع قد بدأت في الوقت الحاضر.
وأضاف أنه على مر السنين، التزمت الدول العربية بشكل عام ببنود مبادرة السلام العربية، حيث تعتمد إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني على اتفاقية سلام شاملة بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين.
وفي السنوات الأخيرة، أعطى الكيان الصهيوني الأولوية لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية، مقدمة إياها على العملية السياسية مع الفلسطينيين، بينما حاول الفلسطينيون منع مبادرات التطبيع بين الكيان الصهيوني ودول الخليج من أجل الاحتفاظ بالتطبيع كورقة مساومة ضد الكيان الصهيوني.
ويرى الكاتب أن موقف دول الخليج من الكيان الصهيوني لم يظل ثابتا، ومع تغيره بمرور الوقت، ضعفت مبادئ مبادرة السلام العربية، لكن هناك دولا مثل الكويت، لا تزال تلتزم بالشروط الأصلية وتعترض على الإجراءات التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة، والتي رسمت بوضوح مسارا مختلفا.
سلسلة من العلاقات
وقال "لقد تطورت هذه العلاقات عبر السنوات الأخيرة في عدد من القنوات: الأمن الاستخباراتي، والتجارة الاقتصادية، والمسار الشعبي العام، كما تضمنت في السنوات الأخيرة حوارا بين الأديان ساعدت الإمارات في رعايته".
وعن ذلك نبه إلى أنه خلال العامين الماضيين، كانت الإمارات الدولة الخليجية الوحيدة التي عزفت النشيد الوطني الصهيوني في المسابقات الرياضية. وزار وزراء صهيونيون الإمارات، وتم تعيين حاخام كبير للجالية اليهودية في دبي، ودُعي الكيان الصهيوني للمشاركة في معرض إكسبو 2020 في دبي (الذي تم تأجيله بسبب فيروس كورونا)، وأرسلت أبوظبي مساعدات لمكافحة فيروس كورونا إلى الضفة الغربية (تم رفضها من قبل السلطة الفلسطينية لأنه تم إرسالها عبر الكيان الصهيوني)، ونشر سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة مقالا في صحيفة صهيونية، ووقّع الكيان الصهيوني والإمارات اتفاقية للتعاون في مكافحة فيروس كورونا.
دور محوري
وفي إدراك لدور الإفساد الإماراتي في المنطقة، أشار الباحث إلى أن "الإمارات في الماضي التزمت بسياسة ضبط النفس والاعتدال في علاقاتها الخارجية، وتركت للدول الأخرى اتخاذ زمام المبادرة. ومع ذلك، فهي اليوم قوة جريئة مسئولة عن العديد من التغييرات الإقليمية، ولاعب رئيسي في العديد من المجالات، مثل جارتها وشريكتها؛ المملكة العربية السعودية".
وأضاف أن "جيشها الصغير، الذي يعتبر القوة العسكرية الأفضل تدريبا وتجهيزا في العالم العربي، يشارك في جبهات متعددة، مثل: اليمن وليبيا وأفغانستان".
"بن زايد" يخادع
ويصور اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني في الإمارات على أنه انتصار دبلوماسي يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين، وكمبادرة مطلوبة لإعاقة خطة الكيان الصهيوني لفرض السيادة على الضفة الغربية، بحسب الباحث.
وتقول السلطات الإماراتية: إن الاستعداد للموافقة على التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يحافظ فقط على أهمية حل الدولتين، ولكنه يسهم أيضا في توطيد الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويضيف الباحث أن ابن زايد يعتقد أن الثمن الذي سيدفعه مقابل التحرك في المسرح المحلي، والذي لا يزال يظهر عداوة حادة تجاه الكيان الصهيوني، ستغفره إنجازاته المحلية.
وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت في الإمارات في السنوات الأخيرة إلى أن الرأي العام معني بشكل أساسي بالتهديد الإيراني، ويضع القضية الفلسطينية في أسفل اهتماماته.