لجأت سلطات الانقلاب العسكري في مصر مؤخرا إلى تكثيف مطاردة النشطاء والمعارضين، وتطالب عددا من الدول بتسليم طالبي اللجوء في الخارج، وطالبت سلطات الانقلاب عددا من الدول الأوروبية بترحيل المصريين الذين تقدموا إليها بطلبات لجوء. حيث كشفت مصادر عن طلب خارجية الانقلاب تسليم أكثر من 100 شاب سافروا في 2017 وتقدموا بطلبات لجوء إلى إيطاليا وألمانيا والسويد والدنمارك وماليزيا والفلبين وكندا.
ومعظم من تقدموا بطلبات اللجوء من الطلاب والشباب الذين وصفتهم سلطات الانقلاب بأنهم متهربون من أداء الخدمة العسكرية وبرروا طلبات لجوئهم لتلك الدول بأنهم يخشون العودة لمصر حتى لا يتم اضطهادهم، أو يتم سجنهم بسبب انتماء بعضهم لعائلات ينتمي أفرادها لجماعة الإخوان المسلمين أو اليسار.
ورصدت خارجية الانقلاب تغيرا كبيرا في موقف السلطات التنفيذية والقضائية في بعض الولايات في ألمانيا وإيطاليا بخصوص طلبات اللجوء المقدمة من بعض اللاجئين المصريين على خلفية الاضطهاد السياسي وهو ما يعتبره نظام السيسي خطرا عليه.
ووافقت بعض السلطات المحلية ومحاكم الدول على منح حق اللجوء لشباب مصريين حالاتهم تماثل حالات سبق رفضها وتم ترحيل أصحابها إلى مصر، لكن المحامين الناشطين في مجالات حقوق المهاجرين ودعمهم بدئوا يضعون تحت بصر المحاكم وثائق وتقارير تؤكد قمعية النظام المصري وإجرامه وديكتاتوريته مع المواطنين الذين تم ترحيلهم من أوروبا إلى مصر.
وضع محرج
كما تمارس سلطات الانقلاب ضغوطا على الشباب المهاجرين وطالبي اللجوء برفض إجراء أي معاملات رسمية لهم أو تجديد جوازات السفر، وبعض السفارات تحدثت عن وضع باتريك جورج المحبوس على ذمة قضية ترتبط كل وقائعها ببعض المنشورات على فيس بوك بعد تجديد منظمات حقوقية إيطالية مطالبة السفير الإيطالي بالقاهرة بالتدخل لحل أزمة باتريك.
وهناك حديث عن اتخاذ دول مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والسويد وسويسرا خطوات للضغط على نظام السيسي بسبب الوضع المحرج لها أمام المعارضة ووسائل الإعلام المحلية في ظل تردي الأوضاع الحقوقية في مصر، وهو ما قد يترتب عليه تقليص المساعدات والقروض لمصر ووقف أي مشاريع لها في مصر.
وقال الدكتور على العوضي رئيس الائتلاف المصري الألماني لدعم الديمقراطية، إن القانون في الدول الأوروبية يعطي الحرية والحق لكل إنسان يشعر بالاضطهاد في دينه أو معتقداته أو رأيه الحق في طلب اللجوء في هذه الدول.
وأضاف العوضي في مداخلة هاتفية لبرنامج وسط البلد على قناة "وطن" أن السنوات الماضية شهدت ترحيل عدد قليل جدا ممن قدموا طلبات اللجوء في إطار التعاون الأمني في القضايا الإجرامية ويتم التحقيق فيها بصورة مستفيضة وعندما يثبت للجانب الألماني إدانة هذا الشخص عادة يتم ترحيله.
اختلاف الصورة
وأوضح أنه بعد الانقلاب العسكري اختلفت الصورة وبدأت السلطات الألمانية قبول كل طلبات اللجوء ووضعهم تحت التقييم والمتابعة، ومنذ 2015 حتى الآن لم يتم ترحيل أي حالة من طلبات اللجوء، موضحا أن التقييم في ألمانيا يخضع لمعايير عدة؛ أولها الوضع القانوني في البلد التي خرج منها طالبو اللجوء لخوفهم على حياتهم أو تعرضهم للاضطهاد، والثاني آلية تنفيذ القانون في هذا البلد، والثالث الوضع السياسي في هذا البلد، ويتم التقييم وفق هذه المعايير الثلاثة وتقسيم الدول إلى بلاد آمنة في المنشأ أو غير آمنة.
وأشار إلى أن مصر بلد غير آمنة في المنشأ لأن الوضع القانوني فيها غير عادل وغير محايد ويتم تسييسه كما وضح من الكثير من القضايا التي أعلنت المنظمات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة أن الأحكام التي صدرت فيها مسيسة.
ولفت إلى أن هناك تصاعدا في نبرة اليمين المتطرف في أوروبا والتي ترفض دخول المهاجرين وطالبي اللجوء إلى بلدانهم لكن في النهاية الأمر يخضع للقوانين، مضيفا أن مصلحة الهجرة تقوم باستقبال طالبي اللجوء وتوفير السكن والأكل والرعاية الطبية لهم حتى يتم دراسة الحالة وقبول الطلب أو رفضه، وحال رفض الطلب يحق لطالب اللجوء مقاضاة الحكومة الألمانية، مضيفا أن القضاء الألماني نزيه ويتم دراسة أبعاد قضايا طالبي اللجوء بمعزل عن الأبعاد السياسية والإيديولوجية التي تمر بها الدولة وأغلب الحالات يتم الموافقة على إجراءات اللجوء، موضحا أن أغلب الطلبات التي قُدمت في 2017 و2018 تم قبولها وهو ما أثار صدمة سلطات الانقلاب.