يمثل إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة 21 أغسطس 2020م، أن بلاده استطاعت اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في البحر الأسود، بشرى سارة لكل الشعب التركي الشقيق؛ فبئر "تونا" الذي جرى اكتشافه في البحر الأسود يضم احتياطي غاز يصل إلى 320 مليار م مكعب. وتصل قيمة ثروته من الغاز إلى نحو 65 مليار دولار.
الأهم في الاكتشاف التركي أنه جرى عبر شركات وطنية ولم يعتمد مطلقا على شركات أجنبية والتي تنهب الغالبية الساحقة من ثروات دولنا العربية بدعوى صعوبة التنقيب والاستخراج وبذلك تحقق هي أرباحا تفوق بكثير أرباح الدول والشعوب صاحبة الثروة ذاتها. إلى جانب أن الشركات الأجنبية تعمل بشكل مطلق لمصالحها ومصالح حكوماتها على حساب بلادنا. ولذلك ركز الرئيس التركي على هذه النقطة مؤكدا "بحثنا عن الغاز بشركاتنا الوطنية وتم تغيير سياسة البحث عن الغاز بعدم الاعتماد على الشركات الأجنبية"، وأشار إلى أن أنقرة استخدمت 3 سفن للتنقيب. كما قال: "بحثنا لسنوات طويلة، والآن نحصل على الثمرة الأولى، والبحث مستمر في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وأتوقع خبراً مماثلاً من البحر الأبيض المتوسط".
ما أعلنه الرئيس التركي هو مجرد بداية، فالمؤشرات الأولية لاكتشاف أكبر حقل غاز تركي في البحر الأسود تشير إلى احتمال كبير لوجود حقول أخرى في نفس المنطقة، ومضى الرئيس قائلاً: "انتقلنا لمصافّ أبرز الدول في العالم من خلال سفينة الفاتح التي نعيش بفضلها فرحة اليوم وكذلك سفينتي ياووز والقانوني". قال أردوغان: "بدأنا بسم الله العمل على استغلال حقل غاز صقاريا المكتشف وبمشيئة الله سيكون هناك المزيد". وتابع: "ننتظر أنباء سارة مماثلة من المتوسط". كما أضاف: "نهدف لوضع غاز البحر الأسود في خدمة أمتنا"، وقال: "اليوم سنترك إرثاً مهماً للأجيال القادمة". وأردف: "سنبدأ الاستفادة بالفعل من هذا المورد من خلال استخراج الغاز الطبيعي وعمليات نقله".
من جهة ثالثة، يؤكد الكشف التركي عن إصرار حكومة الرئيس أردوغان على الانطلاق بتركيا نحو العالمية، فالكشف الجديد جاء بعد إجراء 9 عمليات حفر في المياه العميقة في البحرين المتوسط والأسود عبر سفينتي "الفاتح" و"ياووز".
من جهة رابعة، فإن الكشف التركي يعزز مكانة أنقرة في سوق الطاقة ويكتسب كبيرة في تحقيق الاستقلال الوطني إلى جانب كونها عنصراً رئيسياً في التنمية. وذلك انتقد الرئيس التركي النظام العالمي ووصفه بغير الإنساني الذي يرى قطرة النفط أكثر قيمة من تدفق الدم البشري، معربا عن أسفه لأن هذا النظام "لا يزال سائداً"، مشددا على تصميم حكومته على حل مسألة الطاقة في البلاد بشكل جذري. وأضاف: "لن نتوقف أو نرتاح حتى نكون دولة مصدرة للطاقة".
قبل الكشف التركي بأيام، كانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد نشرت تقريرا كشفت فيه أن رئيس جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد" يوسي كوهين يرى في تركيا خطراً أكبر بكثير من إيران، إذ يعتقد أنه أصبح من الصعب كبح جماح أنقرة عن فعل ما تريد بعد الآن. أقوال رئيس الموساد جاءت خلال مباحثات سرية جرت بينه وبين مسئولين عرب من مصر والسعودية والإمارات، قبل 20 شهراً، حسب ما أفادت الصحيفة.
كوهين، الذي قاد عملية سرقة أرشيف المفاعل النووي الإيراني عام 2018، قال للمسئولين العرب إنه يرى أن "القوة الإيرانية هشة، وأن التهديد الحقيقي لهذه الدول يأتي من تركيا". رئيس الموساد لم يقصد بحسب الصحيفة أن إيران لم تعد خطراً أبداً، ولكنه يرى أن طهران يمكن احتواؤها من خلال العقوبات، والحظر، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والغارات السرية، فيما شكّلت الدبلوماسية التركية، والمخاطرة المحسوبة بهدوء عبر الشرق الأوسط، نوعاً مختلفاً من التحدي لباقي دول الشرق الأوسط.