أعلن وزير المال السعودي محمد الجدعان، الاثنين، عن أن بلاده قررت، في إطار إجراءات تقشفية فرضتها أزمة انتشار فيروس كورونا، رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءًا من الأول من شهر يوليو، وإيقاف بدل غلاء المعيشة بداية من شهر يونيو 2020.
وزير المال السعودي محمد الجدعان قال الاثنين: إن المملكة العربية السعودية قررت رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة وإيقاف بدل غلاء المعيشة، وذلك في إطار تدابير تقشفية جديدة فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" عن الوزير السعودي قوله: إنه "تقرر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو 2020، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو".
كان الجدعان قد قال، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن "استدامة المالية العامة تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة" لمواجهة التراجع الاقتصادي؛ بسبب تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
أسوأ قادة العالم
ونشرت صحيفة "ناشيونال بوست" الكندية مقالا لكيلي ماكبرلاند، بعنوان "فضح ولي العهد السعودي كأسوأ زعماء العالم"، وقال إن محمد بن سلمان بنى منذ ظهوره قبل خمسة أعوام سجلا مذهلا من الأخطاء الفادحة والفشل والجرائم الصارخة.
وقال ماكبرلاند: إن الأزمات كتلك التي نمر بها اليوم هي أحسن طريقة لتقييم القيادة، ففيها يبرز فيها البعض ويختفي آخرون. فيما يظهر بعضهم كارثة كاملة. وعلى مستوى العالم، فلم تعزز أزمة فيروس كورونا سمعة إلا قلة من الزعماء، فيما فضحت آخرين وعرتهم ووضعتهم في المكان الذي يناسبهم. وعندما يتعلق الأمر بالقادة الأقل قدرة يجب منح محمد بن سلمان نظرة جدية.
3 صدمات
في إبريل الماضي، توقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد المملكة، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، بنسبة 2,3 في المئة.
وتعرض الاقتصاد السعودي في الآونة الأخيرة لـ"ثلاث صدمات" بسبب أزمة مرض فيروس كورونا، تمثلت في انخفاض أسعار النفط، وتوقف أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية، ما أثر سلبا على حجم الإيرادات غير النفطية، وزيادة النفقات بسبب زيادة الاعتمادات لقطاع الصحة واعتماد مبادرات لدعم الاقتصاد. وتعد إيرادات النفط مصدرا كبيرا للإيرادات العامة لميزانية المملكة.
وأشار الوزير إلى أن المملكة قامت بإلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق رؤية 2030 والمشاريع الكبرى للعام المالي الحالي بقرابة 100 مليار ريال (نحو 26.6 مليار دولار).
وأعلن الوزير السعودي عن تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين المدنيين، وأنها سترفع توصياتها خلال 30 يوما.
وقال الجدعان: "إن الإجراءات التي تم اتخاذها وإن كان فيها ألم، إلا أنها ضرورية ومفيدة للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل".
وكان وزير المالية السعودي قد تحدث، الأسبوع الماضي، عن إجراءات صارمة لتقليل التداعيات الاقتصادية للمرض بسبب انخفاض شديد بالإيرادات.
وتوقع الجدعان، في تصريحات سابقة، ألا يتجاوز السحب من الاحتياطي النقدي للمملكة خلال العام الحالي 110 إلى 120 مليار ريال (29.3 إلى 32 مليار دولار)، أي في نطاق ما هو متوقع في الموازنة، لكنه أشار إلى اعتزام الرياض إصدار أدوات دين بـ100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) فوق ما هو مقدر في الموازنة؛ بسبب تأثيرات انتشار مرض فيروس كورونا.
رؤية حكم الفرد
من جهته اعتبر يحيى عسيري، رئيس منظمة "القسط" لحقوق الإنسان، أن تصريحات وزير المالية السعودية تدل على دخول البلاد في أزمة حقيقية يمكن أن يطول أمدها، مشيرا إلى أن هذه إخفاقات السعودية تعود بالأساس إلى رؤية الفرد الواحد بعيدا عن مراكز الدراسات ورأي الشارع، إذ لا يستطيع أن يعبر عن رأيه عبر صناديق الاقتراع ولا البرلمانات المنتخبة، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف أن أي سلطة منفلتة عن الرقابة الشعبية وتتخذ قراراتها منفردة من المرجح أن تقوم بأخطاء كبيرة، مؤكدا أن هذه الإخفاقات الاقتصادية ما هي إلا نتيجة حتمية لحكم الفرد الواحد.
أكبر ثلاث كتل اقتصادية في العالم العربي، بحسب الناتج الإجمالي المحلي، هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر. وكل واحدة من هذه الدول تعاني الآن من مشاكل كبيرة.
وأعلنت المملكة العربية السعودية فى العام 2018 عن أكبر عجز في الميزانية في تاريخها، ولقد انكمش اقتصادها لأول مرة منذ ما يقرب من عقد، حيث تسببت الحصص والرسوم الجديدة في خروج ما يزيد على 900 ألف عامل أجنبي، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 7.5 مليار دولار في عام 2016 إلى 1.4 مليار دولار في عام 2017.
وبسبب النزاعات مع ألمانيا وكندا، ثم مصادرة ممتلكات أغنى الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بعد احتجازهم وسجنهم بشكل غير قانوني في فندقين من فنادق الرياض، تحوّلت القطرات المالية الهاربة من المملكة إلى سيل عرم، وتشير آخر الأرقام إلى أن ثمانين مليار دولار أخرجت في العام الماضي وحده.
مظاهرات ضد الأمير
وقبل نحو أسبوع، رفضت قبيلة الحويطات في محافظة تبوك الرحيل من أرضها والتوقيع على أوراق لنقلها إلى مكان آخر. ويعتبر هذا المشروع "جوهرة التاج" للرؤية المستقبلية لولي العهد محمد بن سلمان.
وتَعرقَل مشروع مدينة "نيوم" الضخم الذي من المقرر أن يتم إنشاؤه في شمال غرب البلاد ليطل على البحر الأحمر، الشهر الماضي، بعد مقتل شخص من قبيلة الحويطات رفض تسليم أرضه للمشروع. واحتجت القبيلة على المشروع الذي يشكل جزءا حيويا من الرؤية الاقتصادية الطموحة لولي العهد محمد بن سلمان، وسيكلف 500 مليار دولار.
ويظهر هذا مقاومة داخلية نادرة للحكومة السعودية في وقت تعاني المملكة من صعوبات اقتصادية بسبب التدهور التاريخي في أسعار النفط والإغلاقات بسبب انتشار فيروس كورونا.
